بالبوابات الإلكترونية يمكن "رقمنة" الرعاية الصحية (1/2)
لقد انتصف عام 2007 ولم تثبت القطاعات الصحية جدية التوجه نحو رقمنة الإدارة الصحية الممثلة في اكتمال مشروع الصحة الإلكترونية. هذا يجعل ما تبقى من العام الحالي عبارة عن ورش عمل مكثفة واتصالات يومية وتبادل زيارات وحضور اجتماعات متواتر لأننا أصبحنا مجبرين على التحول للبيئة الرقمية لتقديم الخدمات الصحية بأرقى الأساليب وبما يواكب متطلبات الوضع الصحي الراهن. أستطيع القول إنه إذا لم يكن ديدن مقدمي الرعاية الصحية تحسين الأداء إدرايا وفنيا وطبيا, فالأولى أن يعاد النظر في النظام الصحي بأكمله ولا أحد تبنى نظام بعينه ولا مدرسة بذاتها، فما يلائمنا لا بد أن ينبع من داخلنا وبالطريقة المنهجية العلمية المتعارف عليها. الوضع الآن يتطلب وجود ربابنة تقشع ضبابية استيعاب الفوائد الصحية والعوائد الاقتصادية والمنفعة الاجتماعية من تبني مشروع تنموي مثل مشروع الصحة الإلكترونية, لئلا نصعب المهمة على مقدم الخدمة المباشر وتحميله أوزار غيره من المسؤولين عنه وعن تطوير الأداء. في أحد الأبحاث التي قرأتها قبل أربعة أعوام اتضح أن 80 في المائة من الأطباء لا يجدون معلومات مرضاهم إذا أرادوا العودة لها, وما تكرر منذ ذلك الوقت من فقدان سجلات ونشر إحصائيات غير دقيقة أو خلت من المصداقية ما هو إلا تأكيد على استمرار الخلل دون أن يطرأ عليه أي تطوير أو تحسين إيجابي. لقد حاولت مرارا ومن خلال مقالات عدة اقتراح آليات وايجاد وسائل لتحريك المشروع في الجهات التي تزداد فيها عوائق التنفيذ, إلا أني أجد أن تغيير الخطاب والطرح بأسلوب عملي أكثر قد يجد قبولا عند البعض. مما ألاحظ أعتقد أننا نفتقد:
1- لخطط تنفيذية وهيكلة مساندة على التنفيذ بكفاءة عالية, وأنظمة مالية مرنة تساعد على أداء المشروع.
2- للالتزام من قبل كافة المستويات الوظيفية بجعل هذا الموضوع أولوية قصوى.
3- لتدخل كبار المسؤولين لوقف التململ وتحديد جدول زمني للتنفيذ وإخلاء الساحة إلا من المؤهلين والقادرين على تنفيذ المشروع.
لذلك، ومن وجهة نظر شخصية، قد أقترح حلا ليس بجديد ولكنه عملي, قد نتمكن به من احتواء مشكلة التطوير النوعي في تقديم الخدمات الصحية في وقت قصير وبآلية مبسطة قابلة للتنفيذ. في البداية علينا الاستفادة من المعطيات التي تجلت في مجانية تأسيس خطوط الـ DSL, وإمكانية تبديل خطوط الهاتف الحالية المتعددة بخط رقمي عالي السرعة, وتخفيض تكاليف الربط بالإنترنت وسهولة الاتصال من المكتب والمنزل والسيارة, وسهولة بناء مواقع أو بوابات إلكترونية على نطاق محدود, وإمكانية الارتباط إلكترونيا مع نظام إداري طبي أو صحي رقمي متكامل على الإنترنت مباشرة ومنخفض التكلفة, وإمكانية تخصيص أجهزة الحاسب التي تزين أسطح المكاتب كخوادم Servers لحفظ البيانات رقميا, وتركيز الاهتمام بالسجلات الآنية والحالية مع إمكانية تحويل ما يمكن الحصول عليه من معلومات أو بيانات لاحقا إلى هيئة رقمية تدريجيا وبناء السجل الطبي للمريض. من ناحية أخرى بما أن المناطق الأربع (الرياض, مكة المكرمة, المدينة المنورة, الشرقية) هي الأكثر استعدادا وتأهيلا للقيام بالتجربة حاليا, حيث تعد الرياض عاصمة الطب ومركز التطوير, ومنطقتا مكة المكرمة والمدينة والمدينة المنورة تقدمتا تقنيا على مستوى الإدارة المحلية, والمستوى التجاري والتكامل المؤسسي والجهود الفردية, والمنطقة الشرقية بحيويتها في وجود شركة أرامكو وجامعتي الملك فهد والملك فيصل النموذجيتين, فهذه المقومات تمكنها من إنشاء بوابات صحية وتأسيس مراكز للطب الاتصالي البسيط. بالطبع نفترض أن يكون هناك تعاون كبير بين مختلف المرافق الصحية في المنطقة الواحدة إذا ما تقدمت الإدارة المحلية في كل منطقة بصنع التكامل الصحي بين فروع القطاعات الصحية ومرافقها وبين المتميزين من أطقمها الطبية, حيث من المؤكد أن لا شيء يمكن القيام به بكل بساطة ولكن لم لا نبسطه لنتمكن من أدائه؟ من المفترض ألا نحرج من استحضار أو تبني كل رأي يدعم توجهنا لتقديم أفضل الخدمات الطبية للمريض, وذلك لئلا نترك للإخفاق مجالا في أجندتنا ونحن لدينا القيادة الداعمة، حفظها الله, والموارد المؤهلة والقابلة للتأهيل حسب الاحتياج, وبالطبع نتمتع بنمو اقتصادي غير اعتيادي، ولله الحمد. قد نستفيد أيضا من نشر ثقافة التحفيز بين الأوساط المختلفة وهمها هنا أن المرفق الذي تمكن من إكمال تنفيذ المشروع خلال عام سيكون مرشحا للفوز بجائزة الملك عبدالعزيز لجودة الخدمات ويمكن أن يدعم بعد ذلك كيفما ترى كل منطقة على حدة. لا شك أننا نحتاج إلى استمرار تقديم شركات الاتصالات العروض المتتالية لتشجيع التقدم في المشروع الأكبر وهو الحكومة الإلكترونية ولخفض قيمة الفاتورة للإفادة من الوفر في تأمين بعض البرامج الصغيرة المساعدة أو التجهيزات التي قد تكون ضرورية في تنظيم بيانات المرضى وتبادل المعلومات, مثل الماسحات الخاصة بخريطة "أوردة وشرايين الكف" حيث تبدأ عملية بناء السجلات الطبية وتمكين الطبيب المعالج الذي يباشر حالة المريض الاطلاع على تطور حالته ومتابعة تقديم الرعاية الصحية كما ينبغي. في هذه الحالة يمكن أيضا لتسهيل المهمة أن نبدأ في تقديم الرعاية الصحية كأولوية لأكثر الحالات ضرورة وحرجا وترتيب ما سواها حسب الأولوية بعدها لتكون العملية تحولا تدريجيا رقميا للرعاية الصحية المقدمة في هذه المرافق تفاديا حدوث أي نوع من التململ الذي يمكن أن يعطل تنفيذ المشروع برمته. وللحديث تتمة لإلقاء الضوء على آلية التنفيذ.