قبر الغازات .. خطوة ضرورية لمواجهة تحديات التغير المناخي
وضع خطة لإعادة الغازات المنبعثة إلى باطن الأرض من حيث جاءت تبدو خطوة ضرورية لمواجهة تحدي التغير المناخي كما يقول العلماء. فالسيطرة على الكربون ديوكسايد وتخزينه في باطن الأرض أو قيعان البحار والمحيطات سيكون أكبر تحد يواجه العلماء خلال فترة المائة عام المقبلة، كما يقول دانييل شراج، مدير مركز البيئة في جامعة هارفارد، الذي يعمل مع مجموعة من العلماء والساسة ورجال الأعمال للسيطرة على الغازات وتخزينها.
الفحم كان وسيظل مصدرا رئيسيا من مصادر انبعاث غازات الكربون ديوكسايد في العالم. وبنهاية هذا القرن سيكون الفحم مصدرا لنحو 80 في المائة من الانبعاثات الغازية في الهواء، أي ضعف النسبة الحالية. فالفحم ينتج ضعفي ما ينتجه الغاز الطبيعي من انبعاثات غازية، لكونه أرخص وتوجد كميات كبيرة منه في الأسواق.
لكن من ناحية أخرى فإن الاحتياجات المتنامية لكل من الصين والهند لا يماثلها إلا وجود كميات كبيرة من الفحم لديهما، هذا إلى جانب وجود العشرات من محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم ويجري بناؤها لمقابلة الاحتياجات، ولهذا فإن أي جهد للسيطرة على عملية الانبعاثات الغازية لا بد أن تضم الصين والهند إلى مجهوداتها تلك.
وتقول ماري جريفث إن السيطرة على الغاز والعمل على تخزينه ليس الخيار الأول لتقليص كميات الغاز المنبعث ولا يأتي في المرتبة الثانية أو الثالثة. وبالعكس فقد قد يكون من الأفضل وضع سقف أمام المزيد من الانبعاثات الغازية من خلال تحسين فعالية استخدام الطاقة المتجددة إلى جانب عمليات الترشيد، وهي فيما يبدو خيارات أفضل لمواجهة مشكلة انبعاثات الغازات.
التعامل مع الفحم يتطلب إجراءات معينة مع الكيماويات المستخدمة أو من خلال تحويله إلى غاز، لكن هاتين الطريقتين يمكن أن تزيدا التكلفة بنسبة 50 في المائة، هذا إلى جانب الحاجة إلى ضغط الغازات ووضعها في مخازن تحت الأرض ولو أنه ليست هناك دلالة قطعية على إمكانية عدم حدوث تسرب أو تحديد حجمه إذا حدث فعلا، ويقدر أن نحو 100 مليار طن تحتاج إلى الإبقاء عليها كل عام، ولو أن وضعها تحت قاع البحر سيكون عملا مكلفا.
ولا توجد هناك مخازن تجارية، لكن بعض المواقع تم تحديدها في مناطق في النرويج، حيث يمكن ضخ مليون طن من غاز الكربون ديوكسايد في حفائر على عمق كيلومتر تحت قاع بحر الشمال. وهناك مشروع آخر لضخ خمسة ملايين طن من ثاني أوكسيد الكربون خلال أربع سنوات في كندا حتى يمكن استخراج النفط في ساسكاتشوان والغاز في داكوتا الشمالية.
لكن إلى جانب هذا توجد القضايا المتعلقة بالسلامة، فالغاز أثقل من الهواء، والتعامل مع كميات منه قد يكون قاتلا مثلما حدث في بحيرة نيوس في الكاميرون، حيث قتل قرابة ألفي شخص. والفكرة أن يترك هذا المجال للشركات الخاصة للاستثمار فيه. وفي الولايات المتحدة عموما لا توجد إجراءات للضبط مثلما هو الأمر في أوروبا، فالقارة تستثمر أولا في فاعلية أداء الطاقة، لكن تحقيق تحسن بنسبة 5 إلى 10 في المائة فقط لن يؤدي إلى وقف الكارثة الزاحفة، والفحم لن يصبح بدون انبعاثات لفترة طويلة مقبلة.