قروض الإسكان المتعثرة والبطالة تخفضان معدل نمو الاقتصاد الأمريكي لأدنى قيمة في 4 سنوات
نشرت وزارة التجارة الأمريكية تقرير الناتج المحلي الإجمالي الذي يعد كل ثلاثة أشهر، والذي كان من أبرز نتائجه تراجع معدل النمو عن الربع الأول من العام الحالي إلى 1.3 في المائة وهو المعدل الأقل خلال أربع سنوات، في حين بلغ المعدل عن الربع الأخير من عام 2006 معدل 2.5 في المائة. وقد تأثر معدل النمو بشكل أساسي بالتراجع في قطاع الإسكان والعجز التجاري، للمستهلكين، مما أدى إلى انخفاض ثقة المستهلكين ومن ثم إلى إضعاف القوة الشرائية لهم. وهذا أدى إلى انخفاض في الإنفاق الاستهلاكي الذي يشكل نسبة 70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي. من ناحية أخرى بلغ مقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي، الذي يستثني الغذاء والطاقة 2.2 في المائة، في حين يشير رئيس الاحتياطي الفيدرالي بيرنانكي إلى أنه يفضل معدلاً يراوح بين 1-2 في المائة مما يعني أن المعدل تجاوز المعدل المستهدف مما يقلل من احتمال رفع سعر الفائدة في الأجل القريب. وكان الإنفاق الاستهلاكي قد نما بمعدل سنوي 3.8 في المائة بنهاية الربع الأول من هذا العام ، بينما بلغ نموه الشهري خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة 4.2 في المائة. وانخفض النمو في قطاع البناء، الذي يشكل أحد الأركان الرئيسية للاقتصاد الأمريكي بمعدل 17 في المائة خلال الربع الأول من هذا العام. وهذا الانخفاض يؤدي إلى انخفاض معدل النمو في الاقتصاد بنقطة مئوية. وبشكل مغاير لما هو عليه الإنفاق الاستهلاكي، نمت الاستثمارات الثابتة التي تشمل الإنفاق على مشاريع المقاولات التجارية والمعدات والبرامج بمعدل سنوي بلغ 2 في المائة، بعد انخفاض بلغ 3.1 في المائة للفترة من تشرين الأول (أكتوبر) إلى كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي. كما أشار تقرير الطلبات على السلع المعمرة إلى ارتفاع في معدل هذه الطلبات في آذار (مارس) الماضي بمعدل 3.4 في المائة في مقابل 2.4 في المائة خلال شباط (فبراير) الماضي مما يشير إلى تعافي الإنفاق الاستثماري، الذي يتوقع أن يحفز معدلات التوظف، التي ستنعكس بدورها على الإنفاق الاستهلاكي المتباطئ.
تقرير وزارة العمل بشأن طلبات تعويض البطالة أشار إلى انخفاضها بمعدل 20000 إلى 321000 وذلك بنهاية الأسبوع المنتهي في 21 نيسان (أبريل) 2006، مما يعكس إشارة غير مؤكدة بتحسن في معدلات التوظف، التي أشار التقرير إلى ارتفاع المتوسط المتحرك لأربعة أسابيع وارتفع عدد الأشخاص الذين يتسلمون تعويضات بطالة إلى أعلى معدل خلال شهرين. ويتوقع أن يستمر التأثير إلى حين صدور التقرير المقبل، حيث إن الانخفاض في الإنفاق الاستثماري للشركات والمؤسسات يدفع بالكثير من هذه الشركات إلى تخفيض عدد العاملين فيها مما يتوقع أن يستثمر أثر ذلك خلال الشهر المقبل بالنظر إلى معدلات النمو المشار إليها.
التحدي الكبير الذي يواجهه الاقتصاد الأمريكي، الذي يترقب الاقتصاد العالمي نتائجه بشكل حذر هو أثر قروض الإسكان المتعثرة على باقي قطاعات الاقتصاد الأمريكي. حيث وكما أشرت في التقارير السابقة فإن هذه المشكلة ظهرت للعلن بعد أن أشار تقرير بنك HSBC إلى انخفاض أرباح فرعه في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب تعثر في تحصيل قروض الإسكان الممنوحة لأصحاب السجل الائتماني المنخفض. والسبب في ذلك أن هذه القروض تمنح على شكل دفعات منخفضة في السنتين أو الثلاث سنوات الأولى وبسعر فائدة متغير وذلك لتشجيع أصحاب الدخول المنخفضة على شراء المنازل ، بعد ذلك يرتفع مبلغ الدفعة بشكل تلقائي بعد فترة السماح حسب سعر الفائدة السائد. المشكلة التي وقع فيها الكثيرون هي توافق نهاية فترة السماح تلك مع أسعار الفائدة الحالية مما أدى إلى عجزهم عن السداد. وقد بدأت بعد ذلك شركات الإقراض الأخرى الإشارة إلى احتمال انخفاض أرباحها بسبب ذلك، حيث أشارت كل من شركة كونتري وايد وشركة إندي ماك أخيراً إلى انخفاض أرباحها بينما أشارت شركة فريدمان وشركة رامسي إلى تحقيقها خسائر خلال الربع الأول من هذا العام بسبب الارتفاع في معدلات تعثر قروض الإسكان. ويشير محللون إلى أن هذه الشركات ستبدأ بتعويض ذلك حيث اتبعت أخيراً إجراءات أكثر تشدداً لمنح هذه القروض.
في منحى مغاير لما ظهرت عليه بيانات الاقتصاد الأمريكي ارتفعت مؤشرات الأسواق الأمريكية إلى معدلات قياسية حيث كسر "داو جونز" ولأول مرة حاجز الثلاثة عشر ألفاً وذلك على أثر ارتفاع أرباح أكثر من نصف الشركات المدرجة فيه خلال الربع الأول من هذا العام. وقد أغلق المؤشر على 13120.94 نقطة في نهاية تداولات الأسبوع. كذلك تأثر مؤشر ستاندارد آند بوورز هو الآخر بنتائج أرباح الشركات، خصوصاً شركة مايكروسوفت ليغلق على نهاية الأسبوع ب 1494.07 نقطة.
في اليابان ارتفع فائض الميزان التجاري الياباني بمعدل 74 في المائة العام الماضي حيث بلغ 1.663 تريليون ين (14 بليون دولار)، وذلك بسبب زيادة الصادرات إلى الصين التي حلت محل الولايات المتحدة الأمريكية كشريك تجاري رئيسي لليابان وذلك على أثر انخفاض قيمة الين الياباني. ومن الواضح أن النمو في منطقة اليورو والصين يعوضان الاقتصاد الياباني خسائره نتيجة انخفاض معدلات النمو الأمريكية، حيث ازدادت الصادرات اليابانية إلى كل الصين بمعدل 15 في المائة خلال الشهر الماضي، بينما ارتفعت الصادرات اليابانية لأوروبا بمعدل 14 في المائة. من ناحية أخرى ارتفعت الصادرات اليابانية إلى الولايات بأبطأ معدل لها منذ كانون الثاني (يناير) 2005 والذي بلغ 2.4 في المائة.
في فرنسا ارتفع مؤشر ثقة الأعمال إلى أعلى معدل له خلال ست سنوات مدعوماً بمعدلات النمو في أوروبا. وأشارت إدارة الإحصاء في باريس إلى ارتفاع مؤشر ثقة الأعمال، الذي يشمل استبيان آراء 4000 صناعي في فرنسا إلى أعلى معدل له ليبلغ 111 نقطة. وتأتي هذه النتائج متوافقة مع نتيجة استفتاء مؤشر ثقة الأعمال الألماني، الذي يشمل استبيان 7000 مدير تنفيذي من قبل معهد أيفو، الذي أشار إلى ارتفاع المؤشر إلى 108.6 نقطة مرتفعاً من 107.7 في آذار (مارس) الماضي. وتشير هذه النتائج إلى دلائل على احتمال تزايد معدلات النمو في أوروبا خلال الفترة المقبل، في مقابل أشارت إدارة الإحصاء البريطانية إلى أن معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا بلغ 0.7 في المائة خلال الربع الأول من هذا العام متجاوزاً بذلك توقعات المحللين التي أشارت إلى معدل 0.6 في المائة. كما بلغ النمو خلال سنة معدل 2.8 في المائة. وقد أشار بنك إنجلترا وهو البنك المركزي البريطاني إلى أن البنك مصمم على إعادة التضخم إلى معدله المستهدف، مشيراً بذلك إلى احتمال رفع سعر الفائدة بالنظر إلى الطلب القوي في الاقتصاد البريطاني. هذه البيانات تأتي متوافقة أيضاً مع بيانات تتعلق بأسعار المنازل في بريطانيا، التي ارتفعت لأسرع معدل لها خلال أربعة أشهر مما يضع مزيداً من الضغوط على بنك إنجلترا لزيادة سعر الفائدة، حيث أشارت التقارير إلى ارتفاع معدل تكلفة المنزل ب 0.9 في المائة لتبلغ 180،314 جنيه استرليني، وهي ضعف معدل الارتفاع الذي بلغته خلال آذار (مارس) الماضي والذي بلغ 0.5 في المائة.