مَن المسؤول عن تحويل المرضى بين المستشفيات ?
التأكد من أن مؤسساتنا الصحية متكاملة وليست مزدوجة من القضايا الجوهرية التي علينا إعادة النظر لها. فالعلاقة بين المستشفيات خصوصا التخصصية منها يجب أن تكون وفق علاقة محددة وواضحة ومتكاملة. فالعلاقة بين مدينة الملك فهد الطبية ومؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث علاقة غير واضحة المعالم. فماهية طبيعة الأمراض التي تحوّل إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وبين الأمراض والحالات الطبية التي تتم معالجتها في مدينة الملك فهد الطبية؟ فمثلا عند الحاجة إلى تحويل حالة صحية من مستشفى الملك فهد في جيزان، هل يتم مخاطبة مدينة الملك فهد الطبية في الرياض أولا أم تتم مخاطبة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض؟ أم على القائمين على مستشفى الملك فهد في جيزان بمخاطبة جميع المستشفيات المرجعية ومَن يبدأ قبوله يتم إرسال المريض له؟ بمعنى أن يتم تحويل المريض على القاعدة الشعبية "من سبق لبق".
لا شك أن نظام التحويل بين المستشفيات ما زال تحيط به الكثير من الضبابية والازدواجية. فهل المستشفيات المرجعية مخيره لقبول تحويل المرضى أم أنها ملزمة؟ كما أن العلاقة المستقبلية بين الحزام الصحي للمستشفيات المرجعية المزمع إقامتها وبين القطاع الصحية الأخرى ليست واضحة ومحددة أو معلومة على أقل تقدير لدى العاملين في القطاعات الصحية.
على الرغم من أن مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث لديه برامج وجهود مشكورة في التوصل مع شبكة من مستشفيات وزارة الصحة لكن تظل في نطاق ضيق ومحدود. فالمستشفى لا يستطيع مهما بلغت ميزانيته والتي تفوق ملياري ريال أن يتوصل مع جميع المستشفيات بالمقدار نفسه. فالحاجة أكبر بكثير من محدودية عدد أسرّة المستشفى. لذا فإن نظام التحويل بين المستشفيات يجب أن يُعاد هيكلته ليكون وفق نظام محدود ومعلوم لدى جميع المستشفيات ولدى صانعي القرار الصحي والمالي. فالحزام الصحي الذي يعلنه وزير الصحة يجب أن تكون له آلية تعاون واضحة ومحددة ووفق اتفاقية معلومة لدى جميع مزودي الخدمات الصحة. كما أن تطبيق التأمين الصحي وخصخصة مستشفيات وزارة الصحة تتطلب وضع استراتيجيات وخطط واضحة لمسار المرضى patient flow .
الواقع المشاهد أن المريض يتخبط يمنة ويسرة من أجل الحصول على الرعاية الصحية المطلوبة بسبب عدم وجود مسار واضح يتبعه منسقو تحويل الحالات الصحية بين المستشفيات. للأسف أنه في حالات كثيرة يكون هم المريض الأول البحث عن "واسطة" من أجل دعم قبوله للعلاج في هذا المستشفى أو ذلك. كما أن فترة الانتظار قبل الحصول على الرعاية الصحية المطلوبة يقود لتدهور حالة المريض إلى حالة يصعب التعامل معها طبيا. فمثلا بعض مرضى الأورام لا يتم وصولهم إلى المراكز المتخصصة إلا بعد أن تصبح حالتهم الصحية شبه ميؤوس منها.
إن ما يُعرف بالسياسات الإدارية الصحية التي تربط بين مؤسساتنا الصحية غير واضحة، ما يدعم الحاجة إلى وجود مركز موحد يتحمل مسؤولية التنسيق بين المستشفيات وتحديد أولوية التحويل فيما بينها. فالمريض يجب تلقيه الرعاية الصحية التي يستحقها حسب المادة 31 من النظام الأساسي للحكم. فليس من المفترض أن يكون دور المريض أو ذويه البحث عن مستشفى يتولى علاجه ولكن على القائمين على مستشفيات وزارة الصحة القيام بها الدور. فالمريض يجب أن يكون المحور الذي تدور حوله جميع الأنظمة الصحية، والتي من ضمنها أنظمة التحويل بين المستشفيات.
لا شك أنه في ظل سعي وزارة الصحة لدعم التشغيل الذاتي لمستشفياتها، فإنها في حاجة إلى وضع استراتيجية من أجل ربط الدعم المالي وبناء الاعتماد المالي للمستشفيات وفق عدد المرضى المحولين والمنومين. كما أن هذا الربط سيشجع المستشفيات لزيادة قبول عدد المرضى واستثمار الأسرة بشكل أمثل.