رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


متى نرى معهداً سعودياً للأبحاث الطبية؟

[email protected]

الأبحاث أو البحث العلمي من الكلمات التي ليس لها رونق أو جاذبية بل نادرا ما نسمعها في جامعاتنا أو مستشفياتنا بل في حياتنا كلها. إحصائيات البنك الدولي لعام 1999م تشير إلى أن عدد العلماء والمهندسين العاملين في مجال البحوث والتنمية من كل مليون نسمة (ما بين عامي 1985 و1995) كانت في عدد من الدول الإسلامية كالتالي: مصر (458)، إيران (521)، والسعودية (29). وأما النسبة المماثلة في الدول الصناعية فهي كالآتي: اليابان (6309)، الولايات المتحدة (3732)، وأستراليا (3166). المشاهد أن الفارق يتسع مع موجة العولمة الجديدة. في مصر ميزانية البحث العلمي بناء على تصريحات وزير التربية والتعليم في مصر رصد لها فقط 0.1 في المائة من ميزانية الدولة في حين ميزانية مدينة الإنتاج الإعلامي تقدر بنحو 116 ألف مليون جنيه حسبما ذكر المختصون.
وعلى الجانب الآخر، فإن إسرائيل تعد واحدة من أكثر دول العالم إنفاقا على البحث والتطوير العلميين، حيث بلغت حصة إنفاقها من ناتجها "القومي" الإجمالي نحو 3.62 في المائة خلال الفترة من عام 1989 حتى عام 2000، ووفقا لهذا المعدل فإنها أنفقت نحو 3.8 مليار دولار على البحث والتطوير العلميين في عام 2002، وهو ما يزيد على ضعف ما أنفقته الدول العربية في مجموعها.
مخصصات البحث العلمي في المملكة خلال الأعوام السابقة لم تتجاوز 0.25 في المائة من الناتج الوطني، كما صرح بذلك معالي الدكتور خالد العنقري وزير التعاليم العالي. لكن الدعم الذي تم أخيراً للبحث العلمي تحسن عما كان عليه عام 1999 عندما كان 0.1 من الناتج القومي. ولعل تخصيص أكثر من 100 مليون ريال لدعم البحث العلمي لجامعة الملك سعود جزء من الاتجاه الصحيح نحو تصحيح مخصصات البحث العلمي. ما يجب التركيز عليه أن المشكلة لا تكمن في ضعف المخصصات المالية الحكومية فقط. ففي اليابان مثلا تراوح حصة القطاع الخاص في تمويل البحث العلمي 70 في المائة وفي إسرائيل 52 في المائة.
السؤل الحيوي: ماذا بعد هذه الأرقام المخجلة؟ أليس من الضروري الاستثمار بشكل أمثل في مجال البحث العلمي؟ وماذا عن الأبحاث في المجال الصحي؟
قبل الإجابة عن هذه الأسئلة الحيوية فإني أجد من الضروري الإشارة إلى أن الاستفادة الحقيقية من ميزانية الإنفاق على البحث العلمي تختلف من بلد لآخر بشكل كبير. ففي بعض الدول يكون الإنفاق الأكبر على العملية الإدارية والتجهيزية، فتستهلك الميزانية على قضايا لا تصب مباشرة على البحث والتطوير العلميين.
لا شك أن الهدف من دعم الأبحاث العملية ليس لمجرد منافسة الدول في الإنفاق على الأبحاث ولكن للدور الإيجابي والمهم للأبحاث في تطوير الخدمات الصحية. فهناك علاقة مباشرة بين الأبحاث والأعراق. فالأبحاث التي تجرى في أوروبا أو أمريكا أو كندا أو اليابان قد لا تتناسب نتائجها وفعاليتها مع الأعراق الأخرى. فقد ذكر المدير السابق لمركز الأورام التابع لمركز الملك فهد الوطني لأطفال الأورام في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث الدكتور كيشور بهاتيا أن التركيبة الجينية للشعوب توثر في طريقة التعامل مع مرض السرطان ومدى فاعلية الأدوية التي تعطى لمرضى السرطان. فالحاجة الآن ملحة لتأسيس معهد وطني للأبحاث الطبية خصوصا في ظل سعي وزارة الصحة لتطبيق التأمين الصحي. فشركات التأمين ومستشفيات القطاع الخاص لا يتوقع منها المساهمة في دعم الأبحاث العلمية. لذا فالمرحلة المستقبلية تتطلب تأسيس آلية لدعم الأبحاث الطبية في مستشفياتنا. ولعل دعم الأبحاث العلمية يمكن أن يتحقق عبر طريقين:
الطريق الأول: تأسيس معهد متخصص للأبحاث الطبية يكون نواة لمعاهد طبية متخصصة في كل الأفرع الطبية، بحيث يكون تابعا إداريا لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية. فدعم الأبحاث الطبية يجب أن يكون عبر جهة متخصصة في الأبحاث ولديها خبرة في إدارتها وتطويرها. فمدينة الملك عبد العزيز من النماذج المشرقة والمتميزة في مجال الأبحاث. كما أن المدينة وجهة حضارية مشرقة. فمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية قادرة على إدارة معاهد طبية لوجود بيئة وبنية تحتية قوية في المدينة. فتوحيد إدارة ميزانية الأبحاث يمكن أن يكون عبر جهة متخصصة في الأبحاث بحيث يكون الدعم على قدر الإنجاز. كما أنه من المأمول من المعهد أن يكون له فروع في مدينة الملك فهد الطبية ومستشفى الملك فيصل التخصصي وغيرهما. فالأبحاث الطبية لا بد أن يكون لها ميزانيات مستقلة تسهم في حل مشاكلنا الصحية على مستوى الوطن. كما أن توحيد مراكز الأبحاث يسهم في التأكد من تكامل الأبحاث الطبية بدلا من ازدواجيتها.
الطريق الثاني: تأسيس مراكز أبحاث على مستوى الجامعات. فالجامعات بحاجة إلى مراكز للأبحاث لرفع مستوى الجامعات السعودية لتكون في مصاف الجامعات العلمية. ولا شك أن التصنيف الذي صدر أخيراً للجامعات السعودية يعطي دلالات قوية على أن جامعاتنا أصبحت مركز تدريس فقط أو مرحلة تعقب المرحلة الثانوية دون إضافة علمية للأبحاث العملية. فالأبحاث تعطي الجامعات قوة أكاديمية ورفعة في تأهيلها. فالبحث العلمي يجب أن يدار عبر عمادة للبحث العلمي.
وقد أحسنت جامعة الملك سعود بن عبد العزيز الصحية التابعة للشؤون الصحية في الحرس الوطني بضم مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للأبحاث للجامعة. فالجامعة تسير نحو رسم خط متميز في التعليم الصحي على مستوى البلد.
لا شك أن الجامعات هي المناخ الطبيعي الذي تنطلق منه الأبحاث العلمية. المشكلة في دعم الأبحاث أن نتائجها قد لا يكون قريبا بل يمتد لسنوات طويلة. لذا فالأبحاث العلمية يجب أن تدعم وتعطى الوقت الكافي لرؤية نتائجها. كما أنه يجب حث الباحثين ودعمهم من أجل رفع مستوى البحث العلمي بحيث يحظون بامتيازات خاصة من أجل دفع العجلة البحثية للأمام في البلد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي