نصيب الفرد السعودي من الكهرباء الأعلى في العالم.. والغاز وقود مثالي لتوليده

نصيب الفرد السعودي من الكهرباء الأعلى في العالم.. والغاز وقود مثالي لتوليده

يشكل الغاز الطبيعي بشقيه المصاحب وغير المصاحب أحد أهم محركات الاقتصاد السعودي، فهو لاعب رئيس في كل محاور التنمية، ويعتبر رأس الصناعة البتروكيماوية السعودية وأحد أهم أسباب نهضتها وانبعاثها، وفي الوقت نفسه يعتبر الغاز أحد أهم مصادر الطاقة النظيفة، فهو وقود مثالي في توليد الكهرباء وتحلية المياه، ويدخل أيضاً في صناعة النفط واستخراجه وفي صناعة التعدين كصناعة الألمنيوم، ولذلك أصبحت كميات إمدادات الغاز المتوافرة لمقابلة الطلب المحلي أهم عناصر تنمية الاقتصاد السعودي، فالقطاعات الصناعية والخدمية تعتمد في مستوى تطورها وخفض تكاليفها التشغيلية على كميات الغاز المتوافرة.
ويجدر القول إن معظم احتياطي المملكة من الغاز هو من الغاز المصاحب، والبالغة نسبته نحو 66 في المائة من إجمالي الغاز الطبيعي الثابت وجوده في الحقول الرئيسية، حيث يحتوي حقل الغوار وحده على ثلث احتياطي المملكة من الغاز الطبيعي. ويحتوى الغاز المصاحب على الغاز الطبيعي كأحد العناصر المكونة لهذا النوع من الغاز، بينما يأتي الغاز غير المصاحب في الجنوب الشرقي من الربع الخالي والشمال الغربي من المملكة، إضافة إلى حقل الدرة في المنطقة المحاذية (بحسب ورقة الدكتور خالد العقيل التي ألقيت في مؤتمر الطاقة العربي الثامن في الأردن عام 2006م).
في الماضي كان معظم الغاز الناتج عن عمليات استخراج النفط يحرق أو يعاد حقنه داخل الأرض، حتى وصلت نسبة الغاز غير المستعمل إلى 90 في المائة عام 1970، حتى قامت شركة أرامكو السعودية بتدارك هذا الهدر بإنشاء شبكة كبيرة للتجميع ومعالجة الغاز، وبدأ تشغيل هذه الشبكة في بداية الثمانينيات من القرن الماضي.
وبحسب مصادر "أرامكو السعودية" فإن مجمعات الغاز في المملكة تحتوى على 60 معملا لفصل الغاز عن الزيت، ولوجود هذه الصحبة بين الغاز والزيت الخام سمى هذا النوع من الغاز بالغاز المصاحب. وتقوم هذه الشبكة بعد فصل الغاز عن النفط بمعالجة الغاز بتنظيفه من المواد الضارة مثل الكبريت، وتصفيته من بخار الماء. وتوجد ثلاث معامل لمعالجة الغاز في المملكة، وبعدئذ تجرى عمليات الفصل لأن الغاز المصاحب يتكون من مجموعة من الغازات تراوح من أصغر غاز وهو الغاز الطبيعي إلى الغازات كبيرة الحجم التي تصل إلى حجم مركبات الجازولين (C5+C6).
يفصل غاز الميثان (يشكل نحو 90 في المائة من الغاز الطبيعي) الذي يستخدم في إنتاج الطاقة وصناعة الأسمدة (سماد وسافكو وغيرهما) والميثانول (الرازي وابن زهر) وأيضاً يفصل الإيثان الذي يعتبر أب الصناعات البتروكيماوية في المملكة، حيث ينتج منه الإيثلين ومن ثم البولي إيثيلين. ومن المفيد الإشارة إلى أن هذين النوعين من الغازات لهما السعر نفسه، والباقي من الغاز المصاحب يكوّن ما يعرف بسوائل الغاز الطبيعي NGL، حيث يستخرج منه فصيلة أخرى من المركبات تدعى غاز البترول المسال LPG، ويحتوي على المركبات التي تحتوي على ثلاث وأربع ذرات كربون، ولهذا النوع من الغاز استعمالات جمّة مثل استخدامه كوقود للطهي في المنازل، وأيضاً يستخدم في بعض البلدان كاليابان كوقود لبعض أنواع السيارات، وأما استعمالاته الصناعية فيمكن تكسيره لإنتاج الإيثيلين والبروبيلين، وأيضاً يمكن استخدامه لإنتاج المواد العطرية كما هو الحال في شركة ابن رشد في ينبع، حيث استعمال تقنية السيكلر لإنتاج الزايلين والبنزين.
يقدر استهلاك الغاز المسال في المملكة بنحو 320 ألف برميل يوميا، مشكلاً ما نسبته نحو 40 في المائة من إجمالي استهلاك الدول العربية البالغ نحو 779 ألف برميل في اليوم عام 2005. ويتوقع أن يزيد النمو في الطلب على هذا الوقود بمعدل 8.3 في المائة سنويا حتى عام 2010، علما بأن نسبة كبيرة من هذا المنتج (قد تصل إلى 75 في المائة) ينتج من وحدات ومصانع الغازات والباقي تنتجه مصافي تكرير النفط.
وتقوم شركة أرامكو السعودية بتصدير ما يزيد على حاجة المملكة من غاز البترول المسال للخارج، خصوصاً للشرق الأقصى وأوروبا (تعتبر المملكة أكبر مصدر لغاز البترول المسال في العالم)، ويصل سعر الطن منه حالياً (خارج المملكة) إلى نحو 550 دولارا.
وأما الأجزاء الأكبر من الغازات التي لها حجم أكبر من غاز البترول المسال، فتشكل جزءا لا بأس به من مكونات وقود السيارات "الجازولين"، ويباع جزء منها إلى المجموعة السعودية لإنتاج المواد العطرية مثل البنزين العطري، وذلك باستخدام تقنيات شركة شيفرون العالمية. ويمكن أيضاً تكسيرها فيما يعرف بمكسر النافثا البخاري لإنتاج الإيثيلين والبروبيلين لاستخدامهما في الصناعات البتروكيماوية، وهذه الفصيلة تعرف بما يسمى الجازولين الطبيعي. والجدير بالذكر أنه يوجد أربع مجمعات لتجزئة الغاز المصاحب في المملكة في المنطقتين الشرقية الغربية.
هذا ويوجد خط أنابيب يربط غربا المملكة بشرقيها بطول 1170 كيلو مترا، وينقل هذا الأنبوب سوائل الغاز الطبيعي NGL من شدقم إلى ينبع. وأعلن أخيرا أنه يجرى العمل على إنشاء خط آخر مواز لأنبوب NGL لنقل الغاز الطبيعي من شرقي المملكة إلى غربيها، ونتيجة لهذه البنية التحتية الرائعة في استخراج الغاز ومعالجته ونقله من المنطقة الشرقية إلى المنطقتين الوسطى والغربية شهدت المملكة نهضة في الصناعات البتروكيماوية وإنتاج الطاقة بشكل لا مثيل له. فمثلاً شهد إنتاج الإيثيلين قفزات هائلة أذهلت العالم، وهناك المزيد من التوسعات في إنتاجه وإنتاج البروبيلين. وأما إنتاج الطاقة الكهربائية فاستهلكت المملكة عام 2003 ما قيمته 134.9 مليار كيلو واط لكل ساعة، أي أن حصة الفرد السعودي من الكهرباء يساوي ثلاثة أضعاف حصة الفرد في إيران وثمانية أضعاف الفرد المصري وتقارب حصة الفرد في الاتحاد الأوروبي الغني بمصادر الطاقة البديلة وأعني بها الطاقة النووية السلمية تحديداً، وبهذا يكون نصيب الفرد السعودي من الكهرباء من الأعلى في العالم.

[email protected]

الأكثر قراءة