توقعات بنمو متواضع للاقتصاد الأمريكي خلال عام 2007
هل سيدخل الاقتصاد العالمي مرحلة ركود اقتصادي أم هل سيستمر في مرحلة النمو التي شهدها خلال السنوات الأربع الأخيرة؟ سؤال يحير الكثير من المحللين ويقلق الكثير من المستثمرين، خصوصاً في ظل التقلبات التي يشهدها الاقتصاد الأمريكي أكبر الاقتصادات في العالم. الاقتصاد الأمريكي الآن بين فكي كماشة سعر الفائدة المرتفع والتضخم المتزايد. فأسعار الفائدة المرتفعة تؤثر بشكل كبير في القدرة الشرائية للأفراد، خصوصاً على قطاع الإسكان الذي يشهد تدهورا في القروض المنخفضة الجودة الائتمانية. هذه القروض تقدم لأصحاب الدخل المنخفض الذين لا يتمتعون بسجل ائتماني جيد وتسدد على شكل دفعات منخفضة في البداية ترتفع بشكل كبير بعد عدة سنوات. ونتيجة لارتفاع أسعار الفائدة الحالية يُفاجأ المقترضون بعدم قدرتهم على سدادها عند توافق فترة ارتفاع قيمة الدفعات الشهرية مع الارتفاع في أسعار الفائدة. هذا الفشل في السداد من قبل الكثير من الأمريكيين ذوي الدخل المحدود أدى إلى قلق بشأن امتداده إلى فشل في القطاع المصرفي بأكمله، خصوصاً عندما بدأ الكثير من البنوك التصريح بانخفاض أرباحهم نتيجة التوقف عن السداد من قبل أصحاب هذه القروض. القضية الأخرى التي يخشى منها هي ارتفاع معدلات التضخم التي يحاول "الاحتياطي الفيدرالي" مدفوعاً برؤية خاصة لبيرنانكي استهداف معدل محدد لها مما يساهم في تحسين التوقعات بشأن الرؤية المستقبلية للاقتصاد من قبل جميع القطاعات المستقبلية المختلفة. آلان جرينسبان وفي محاضرة ألقاها من واشنطن ونقلت بواسطة الأقمار الصناعية إلى اليابان بدا متفائلاً بأكثر مما كان عليه في الفترة السابقة، خصوصاً عندما قلل احتمال امتداد أثر قروض الإسكان إلى قطاعات الاقتصاد الأخرى، وهو الأمر الذي يخالف تصريحاته التي أطلقها في الخامس عشر من آذار (مارس) الماضي.
"الاحتياطي الفيدرالي" توقع في البيان الذي أصدره عقب اجتماعه في الحادي والعشرين من آذار (مارس) الماضي أن الاقتصاد الأمريكي سينمو بمعدلات متواضعة هذا العام وهو الأمر الذي يدعمه مؤشر إحدى المؤسسات الاقتصادية التي تصدر مؤشراً بشأن المؤشرات القيادية في الاقتصاد والتي تتخذ من نيويورك مقراً لها، والذي أشار إلى أن المؤشر ارتفع بمعدل 0.1 في المائة فقط خلال شهر آذار (مارس) الماضي مما يشير إلى معدل نمو متواضع خلال فترة الثلاثة إلى الستة أشهر القادمة. وقد كان التحسن الذي شهده سوق العمل من خلال معدلات التوظف الجيدة خصوصاً خلال الشهر الماضي والذي أضاف فيه الاقتصاد قرابة 180 ألف وظيفة عمل وانخفض خلال معدل البطالة إلى 4.4 في المائة قد أدى إلى موازنة الركود الاقتصادي الذي يشهده قطاع الإسكان، مما أسهم في التقليل من آثار هذا الركود في الاقتصاد. وخلال الفترة المقبلة يتوقع للنمو الاقتصادي أن يتباطأ مما سيكون له أثر كبير ليس في الاقتصاد الأمريكي فحسب، بل في الاقتصاد العالمي ككل. يؤكد هذه الرؤية مؤشر الصناعة الذي يصدره "الاحتياطي الفيدرالي" لمدينة فيلاديلفيا الذي بقي عند معدل 0.2 خلال شهر نيسان (أبريل) وهي القراءة التي تشير إلى أن القطاع الصناعي يقع بالضبط في المنتصف بين حالتي التوسع أو الانكماش.
من ناحية أخرى تعكس المؤشرات المتعلقة بالاقتصاد العالمي والصادرة عن صندوق النقد الدولي نوعاً من الاتجاه نحو التباطؤ الاقتصادي الذي يقوده الاقتصاد الأمريكي حيث يتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بمعدل 4.9 في المائة منخفضاً من معدل 5.4 في المائة خلال عام 2006، بينما يتوقع أن يبلغ معدل نمو الاقتصاد الأمريكي خلال هذا العام 2.2 في المائة منخفضاً من معدل 3.3 في المائة الذي بلغه خلال عام 2006.
في أوروبا تعهد وزراء مالية الاتحاد الأوروبي بتخفيض العجز في ميزانيات دول الاتحاد بتقييد الإنفاق خلال العام القادم، في سعي إلى المحافظة على النمو الذي بلغه الاتحاد الأوروبي خلال هذا العام. وكان العجز في موازنة الاتحاد قد بلغ 1.75 في المائة منخفضاً من 3.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المعدل الذي بلغه خلال عام 2003 متأثراً بشكل أساسي من العجز في موازنات كل من ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. وكان معدل النمو في دول منطقة اليورو قد بلغ 2.7 في المائة خلال عام 2006 وهو المعدل الأعلى منذ عام 2000.
من ناحية أخرى أشار محافظ البنك المركزي الياباني توشيهيكو، إلى أنه يتوقع أن يستمر التوسع في الاقتصاد الياباني مما يعني إمكانية النظر في زيادة أسعار الفائدة بناء على البيانات الاقتصادية. ويمارس سياسيون ضغوطاً على البنك المركزي الياباني من أجل عدم رفع سعر الفائدة قبل شهر تموز (يوليو) من العام الحالي، وذلك لأجل ألا يؤثر ذلك في مجرى الانتخابات البرلمانية التي ستشهدها اليابان قريباً. والسبب في ذلك أن زيادة سعر الفائدة سوف تؤثر في الشركات الصغيرة والمدن الصغيرة، وهي التي تمثل الجماعات الضاغطة في هذه الانتخابات. وسيكون كل من الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري محددين رئيسيين لما سيكون عليه قرار البنك المركزي الياباني بشأن سعر الفائدة، حيث إن ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري يعد مؤشراً على خروج الاقتصاد الياباني من حالة الركود التي شهدها خلال الفترة الماضية والتي أجبرت البنك المركزي على المحافظة على أقل معدلات لسعر الفائدة.
وعلى العكس مما هو عليه الحال في كل من اليابان التي تحاول الخروج من دائرة الركود الاقتصادي، تظهر مؤشرات احتمال قيام الصين برفع سعر الفائدة مرتين هذا العام وزيادة الاحتياطيات التي يجب أن تحتفظ بها البنوك وذلك من أجل كبح جماح الاستثمارات المتزايدة، وذلك بالنظر إلى تحقيق الصين معدل نمو بلغ 11.1 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي. ويتوقع محللون أن ينمو الناتج المحلي الصيني بمعدل 10.4 في المائة خلال 2007 مرتفعاً من توقعات سابقة قدرت معدل النمو بـ 9.9 في المائة. وتسارع معدلات النمو في الصين يترافق مع احتمالات لارتفاع في المؤشر العام للأسعار، الأمر الذي حدا بالبنك المركزي الصيني إلى تبني سياسة تقييد للاستثمارات. وكان المؤشر العام للأسعار قد ارتفع بمعدل 3.3 في المائة خلال شهر آذار (مارس) الماضي مرتفعاً عن المعدل الذي يستهدفه البنك المركزي الصيني للعام وهو 3 في المائة. بينما بلغ المعدل عن الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي معدل 2.7 في المائة.