بخٍ بخٍ
أما (بخٍ.. بخٍ) فهي من مصطلحات أجدادنا العرب الأوائل، كانوا يقولونها مباشرة تعليقاً على ما يستهجنونه من قول أو أفعل مشين .. وهذا بالضبط ما وجدتني أردده بيني وبين نفسي وأنا أقرأ زاوية رئيس تحرير "السفير" اللبنانية طلال سلمان "على الطريق" وكانت بعنوان: "الخليجيون يطالبونك بالاعتذار" المنشورة بتاريخ 30/4/2007 فقد استبسل فيها طلال سلمان بالهجوم على أهل الخليج وعلى أهله في لبنان على طريقة: من ليس معي فهو ضدي التي "أبدعها" جورج دبليو بوش الذي يزعم سلمان أنه من المناضلين ضد سياسته.
ولكي نقف على حجم الصفاقة اللغوية التي بزقها سم قلم طلال سلمان دعوني أبدأ بالمقطع الأخير من زاويته حيث يقول، لا فض فوه، ودون أن يندى له جبين: "اليوم يتمنون ــ أي نحن أهل الخليج ــ لو أنهم يستقبلون الكثرة الساحقة من اللبنانيين هناك في بلادهم ــ أي في خليجنا ــ ثم يأتون هم إلى مصيفهم وملعب صباهم, ولا بأس أن وجدوا فيه من يحبونه ومن يريدون من اللبنانيين العقلاء الذين يتقنون فنون الضيافة ولا يحبون السياسة ولا يتباهون بالتحرير ولا يتحسرون على العراق ولا هم يدمنون على خذلان فلسطين".
هل رأيتم كيف ضاق صدر طلال سلمان ذرعاً بأهله واستخف بهم وتمنى لو تخلص منهم إلى الأبد في بلدان الخليج طالما هم "عقلاء" لا يتقنون الرطن بالشعارات البائدة والولاءات المذهبية والطائفية العمياء، ثم هل رأيتم كيف هو مخلص في دق الأسافين بين الشعبين والمثابرة على إحداث الوقيعة بين أهل الخيج وأهل لبنان "معقداً" من عمق العلاقة الحميمة السوية بين اللبنانيين والخليجيين الذين لم ينتظروا طلال سلمان أو أمثاله لكي يتحدث نيابة عنهم فيرسلهم أو يمنعهم عن المجيء إلى الخليج أو الذهاب إلى لبنان؟! فقد كانت الصدور قبل البيوت مفتوحة في حالك الظروف وباسم الأيام على حال سواء.
رغم "غل" و"كيد" طلال سلمان ومن لف لفه.
هل تريدون المزيد من قاموس هجاء رئيس تحرير "السفير"، دونكم قوله: (صار عليك، كلبناني، أن تعتذر لهم عن الجريمة التي ترتكبها بحقهم وبحق بلادك وحقوقهم فيها: لقد حرمتهم من مصيفهم المفضل، من مجال ممتاز لاستثمار بعض البعض من الفائض المالي الهائل الذي تخطى الأحلام وليس فقط التمني، من مرتع لهوهم .... من "ملجأهم" الآمن بسبب من رعونتك ..).
هون عليك يا طلال سلمان, أهل الخليج من الدماثة والوفاء ومتانة العلاقة باللبنانيين يبادرون إلى الاعتذار عما سببته أنت لهم من حرج في كلماتك الجاهلية التي تقطر سموماً, فقد أخجلتهم حقاً بقذفك أهل الخليج بالتهم فيما شعب لبنان لم يعرفوا غير قذف الزهور ولم يتقنوا سوى المتحضر من الألفاظ.
لقد خانت طلال سلمان فطنته أو هو خانها, فالأمر سيان، هذا إن كان لديه من الفطنة ما يشفع له بالعذر (ولو) أمام "نقابته الصحفية" أما علاقة شعبه وشعب الخليج فليته يجرب ولو لمرة واحدة النزول من برجه العاجي والخروج إلى الشارع، أي شارع في لبنان، أو أي حي في لبنان، وليسأل العابرين عن موقفه من أهل الخليج؟ لسوف ينظر إليه الجميع نظرة يختلط فيها الاستغراب بالرثاء وكأن لسان حالهم يردد قول جدنا المتنبي:
"وليس يصح في الأفهام شيء إذا احتاج النهار إلى دليل"
أما إذا كان الخليجيون يجلبون لطلال سلمان الحساسية والكآبة فقط لأنهم محل ترحيب حيث حلوا أو ارتحلوا فهذه مشكلته وعليه أن يجد حلاً لـ "رهابه الخليجي"عند "حكيم ما", غير أن أهل الخليج ــ رغم عقدته منهم ــ سوف يظلون يعتبرون لبنان وطنهم الذي لا يسيء إليه سوى أمثاله، وسوف يأتون إليه في الصيف والشتاء باعتباره: مرتع صباهم ـ كما قال!! ـ ومرتع لهوهم ـ كما قال!! ـ لكل فرد من أفراد العائلة فيه ما يرضيه ويمتعه ويعوضه صرامة عيشه هناك .. وما أظنها تخفى عليكم هذه الغمزات واللمزات التي أجهد طلال سلمان نفسه لكي "يهيننا" من خلالها .. وما أظنه يستحق من الرد غير: " بخٍ.. بخٍ " خصوصاً وهو الذي لم يفلح في مداراة بواعثه ودوافعه من وراء هذا "الردح" ولم يقو على كتمان خليط أهوائه وشماتته وأمنياته: أسمعوه يقول: "أنهم محاصرون بين جيوش هذا الاحتلال المنتشرة براً وبحرا وجوا في كل المحيط، وبين إيران التي قد لا يحبون ولكنهم يهابونها ..".
هل يحتاج الأمر إلى تعليق؟ العرب تقول: كم كلمة قالت لصاحبها دعني، لكن الفضيحة تأبي إلا أن تعلن عن نفسها وهكذا كان.. ولو شئتم مزيدا ففي المقال مقت وضغينة لأهل الخليج .. لماذا؟ لأن لديهم أموالا فوق الأحلام وأرضا تنبع منها أنهار الذهب؟ وفوقها جميعا تبقى مصيبة المصائب: أن أهل الخليج يستقبلون اللبنانيين ويذهبون إليهم .. أما لهذا النعيق من آخر؟!