المفتي: استخدام هذه المركبات بسرعة جنونية يعد انتحارا
لا تزال مشكلة حوادث السيارات ووقوعها واستنزافها الطاقات من الأمور التي تؤرق مجتمعنا، نظرا لتهور بعض الشباب واستمرارية استهتارهم بالنظم والقواعد المرورية، مما يجعلنا نفقد هؤلاء الأبناء وفلذات الأكباد علما أن معظم هذه المشكلات تحدث من الشباب، نحن نطرح في هذه المساحة آراء لبعض العلماء لمواجهة هذه المشكلة المؤرقة والمؤلمة.
وقد تحدث عنها بعض المواطنين حيث يقول محمد السعد إن من المؤلم أن تتكرر الحوادث وتزداد وكل ذلك على حساب أبنائنا وإخواننا الذين تقع منهم الحوادث ونتمنى أن تختفي هذه الحوادث أو تقل.
ويقول عبد الله الحارثي إن حوادث السيارات هي آفة كبيرة ولا تزال مستمرة رغم التوعية المستمرة بها، ونسأل الله أن تختفي ويزداد شبابنا وأهل هذه البلاد وعيا بخطورة هذه الحوادث التي يتمت الأطفال وملأت المستشفيات من المصابين في حوادث متنوعة، ونسأل الله السلامة.
أوضح سماحة المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ أن الوسائل البرية من سيارات وقطارات، التي يُحمَل فيها الخير الكثير، وجاءت المراكب الجوية، وسبحان القادر على كل شيء.
والله جل وعلا يقول: وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا في ?لسَّمَـ?و?تِ وَمَا في ?لأَرْضِ جَمِيعاً مّنْهُ [الجاثية:13]، فكلها نعمٌ بإرادةِ الله، نعمٌ بتدبير الله، نِعمٌ للعباد ابتلاء وامتحان، هل يؤدون شكرها أم لا؟
وإن المسلم حينما ينتفع بهذه النعم يجب أن يتصوَّر فضلَ الله عليه في كل الأحوال، ولهذا قال الله: وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ ?لْفُلْكِ وَ?لأَنْعَـ?مِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُواْ عَلَى? ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبّكُمْ إِذَا ?سْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُواْ سُبْحَـ?نَ ?لَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـ?ذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى? رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ [الزخرف:13-14].
إذاً على المسلم عندما يستعمل وسيلةً من تلكم الوسائل التي أراد الله وجودها أن يتذكَّر نعمةَ الله عليه، ولولا نعمةُ الله عليه ما حصل عليها، ولولا فضل الله عليه ما تهيَّأت له، فسبحان القادر على كل شيء.
وقال سماحته إن هذه الوسائل التي استبان نفعها، وتحقق خيرها، وحققت لبني الإنسان المنافعَ العظيمة، يقطع بها المسافات، وينتقل بها من إقليم إلى إقليم، ويحمل فيها الخير الكثير، هذه نعم أنعم الله بها على العباد، والنعمة تحتاج من المسلم إلى أن يقابلها بشكر الله عليها، ثم بإحسان استعمالها لتكون عوناً له على طاعة ربه، وقياماً بحق الله عليه.
وأبان سماحته ونحن في هذا العصر، ونشاهد هذه السيارات التي ملأت السهل والجبل، وعمَّت المدن والقرى والهجر، وأصبح الناس باديةً وحاضرة مضطرّين إليها، بل أصبحت أحياناً من الضروريات، بل هي من ضروريات هذا العصر، وتلك نعمة من نعم الله علينا. ولكن يا أخي المسلم، هذه النعمة تحتاج منا إلى شكر الله عليها قبل كل شيء، وتذكّر هذه النعمة لنشكر الله عليها، ثم لنحسن استعمالها، ثم نستعين بها على ما يقرّبنا إلى الله.
وأضاف أن هذه السيارة التي هي من نعم الله أصبحت بيد الكثير من الناس، يقودها صغيرٌ وكبير، ويقودها العاقل وربما قادها السفيه من الناس، فهي وسيلة تنوَّع استعمال الناس لها، فاستعملها من يدرك منفعتَها ومن لا يتصوَّر منفعتَها، من يتصوَّر منفعتها، ومن يتصور الضررَ الناتج من سوء الاستعمال، ومن ليس كذلك، فصغيرٌ لا يحسن، وسفيهٌ لا يعقلها، وكل ذلك من الابتلاء والامتحان، فهي وسيلة أصبحت ضرورية، لكن على المسلم العاقل أن يتقي الله في تصرفاته كلها، وأن يلزم أدبَ الإسلام في كلِّ أحواله ليكون من المؤمنين حقاً.
فعلى كل مسلم أن يبتعد عن استخدام هذه المراكب بسرعة جنونية يفقد على أثرها نفسه في حادث أو يتسبب في وفاة أحد لأن هذه السرعة هي من الانتحار، فنسأل الله أن يهدي كل مسلم إلى طريق الصواب.
ومن جهته أكد الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس إمام وخطيب المسجد الحرام إن لغة الأرقام في حوادث السيارات حين تنطق تذهل السامع وتخرس المجادلين، ولا سيما إن كانت من قوم صادقين ولا مصلحة لهم في الكذب والتزوير، وأضاف: نحن نقرأ ونتابع حصاد حوادث السيارات حتى أننا نجد أن هناك معدل أربعة آلاف قتيل وأكثر من 31 ألف جريح كلهم حصاد حوادث سيارات في العام الواحد، فنلاحظ أن ثلث أسرّة المستشفيات يرقد عليها ضحايا حوادث السيارات، إنها أرقام ضخمة ونحن نجني مغبتها وليس منا أحد في هذه البلاد إلا وله قريب أو حبيب أو صديق أو نسيب أو معرفة ذهب ضحية حوادث السيارات إما بموت وأما إعاقة أو جراحة أو خسارة في نفسه أو ماله، فهل كان ذلك باعثا لنا على التأمل والاعتبار؟ إلى هذا الحد تساهلنا بأرواحنا في هذا المضمار.
وقال فضيلته إن أول درس يجب أن نعيه من هذه الأرقام هو أننا أحيانا نستكثر حين نُدعى للإنفاق، نستكثر الإنفاق لنصرة الدين الإنفاق بكل معانيه إنفاق الوقت وإنفاق النفس وإنفاق الجهد وإنفاق المال ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم نستكثر الإنفاق حين نُدعى إليه ونشح ونبخل ذاهلين أن ما قدر الله ذهابه منك فهو ذاهب شئت أم أبيت، فخير لنا أن نبادر بالبذل والعطاء من أموالنا وأنفسنا وجهدنا وعلمنا ومالنا وكل ما منّ الله به علينا لنصرة هذا الدين وإعلاء كلمته ونشره لأهل الأرض قاطبة، فهو خير لنا في دنيانا وأخرانا
وهناك درس آخر ينبغي أن نعيه ونتساءل: لماذا كل هذه الأرقام وكل هذه الضحايا، ومن المتسبب فيها، وهل المتسبب يأثم عند الله إثم قاتل النفس الوارد في قوله تعالى: ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً. وفي قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم" وفي رواية: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مؤمن من غير حق".
كم من الآثام ستجني حين تفرط في أسباب السلامة فينتج من تفريطك قتل نفس بغير حق أو إتلاف للأملاك أو الأموال الخاصة أو العامة وكلها مما حرم الله إتلافه بغير حق، وكم من الحسرة ستلاحقك طوال حياتك إن كان قلبك حيا، حين تتسبب في قتل عائل لأسرة كاملة ينتظره الشيخ الكبير والعجوز والطفل الصغير، فتكون سببا في هلاكهم وحرمانهم باستهتارك أو تفريطك في الأخذ بأسباب السلامة. نعم إن ما قدره الله لا بد أن يكون ولكن حين يقع القدر، وقد عملت الأسباب يرحمك كل محب ويشفق عليك كل صديق ويعوضك الله خيراً.
وأشار إلى أنه من أسباب وقوع الحوادث أيضا النعاس حال القيادة ثم النوم، وهو أمر ممكن تلافيه بالوقوف والنوم ثم الاستيقاظ وإكمال المسير، ولكننا كثيراً ما نتساهل في الحزم مع أنفسنا في هذا الأمر فتقع أمور شنيعة وحوادث مريعة كان في وسعنا تلافيها لو أخذنا بأسباب السلامة.
ومن أسبابها أيضا الحوادث السرعة الزائدة على حد السيطرة على المركبة، ولست أريد تحديد رقم معين للسرعة، فلكل مقام مقاس، ولكل مركبة حد، ولكل سائق قدرة، ولكنني المنبغي في كل حال أن نلتزم بالسرعة المحددة، فهي أسلم إن شاء الله.
ومنها الصيانة الدورية للمركبة وتعاهدها وتعاهد إطاراتها وعامة أمورها فهو أدعى للسلامة من الحوادث.
ومنه الالتزام بالإشارات المرورية فما وضعت إلا لضبط السير وتلافي الحوادث، وأكثر الحوادث هو بسبب تجاهلها أو تجاوز السرعة المعقولة.
وأوضح فضيلته، أسباب السلامة كثيرة وأصحاب الاختصاص من رجال المرور وغيرهم يعرفون منها ما لا نعرف ويرشدون بما يرون أنه أدعى