الوظائف والمبيعات الأمريكية والنفط ترفع مؤشرات الأسواق الأمريكية والعالمية
أظهرت بيانات التوظيف والبطالة ارتفاعا بأكثر من المتوقع في عدد الوظائف خلال آذار (مارس) حيث بلغت الزيادة في عدد الوظائف 180 ألفا، وهو المعدل الأعلى خلال ثلاثة أشهر، في مقابل زيادة مقدارها 113 ألفا وظيفة خلال شباط (فبراير) الماضي. وعلى هذا الأساس انخفض معدل البطالة إلى 4.4 في المائة وهو مستوى المعدل نفسه الذي بلغه خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وهذه الزيادة تخفف من مخاوف الركود الاقتصادي التي خلفها الركود في قطاع المساكن، حيث إنها ستنعكس في زيادة معدلات الأجور التي ستشجع المستهلكين على زيادة إنفاقهم مما سوف يؤدي بدوره إلى التخفيف من آثار الركود في قطاع المساكن. ونتيجة لذلك انخفضت التوقعات بشأن تخفيض سعر الفائدة مما انعكس على انخفاض في أسعار السندات وعلى ارتفاع في سعر صرف الدولار الأمريكي. وتأثرت سندات الخزانة الأمريكية القصيرة الأجل بشكل أكبر من الطويلة الأجل, كما هو متوقع، حيث انخفضت إلى أقل مستوى لها منذ التاسع من آذار (مارس). والسبب في انخفاض أسعار السندات هو العلاقة العكسية بين سعر السند وسعر الفائدة، بحيث إذا زادت التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة في المستقبل قلت جاذبية السندات الحالية وذلك لإمكانية الحصول في المستقبل القريب على سندات بعائد أعلى. ومن ناحية أخرى يقل أثر هذه التوقعات في الأجل الطويل لصعوبة التنبؤ بالتغيرات على هذا المدى مما يجعل تأثر السندات الطويلة الأجل أقل من السندات القصيرة الأجل. وزاد العائد على السندات التي تستحق خلال عشر سنوات بمعدل 7 في المائة ليبلغ 4.75 في المائة، في حين بلغت الزيادة في العائد على السندات التي تستحق خلال سنتين بمعدل 11 في المائة لتبلغ 4.74 في المائة وهي الأعلى منذ شباط (فبراير). وتضاءلت فجوة العائد بين السندات القصيرة والطويلة الأجل إلى 2 في المائة يوم الجمعة الماضي مما يعني أن توقعات المستثمرين باتجاه الاحتياطي الفيدرالي إلى الاستجابة إلى الضغوط التضخمية.
من ناحية أخرى أظهرت بيانات وزارة التجارة الأمريكية لمبيعات الجملة ارتفاعا بشكل أسرع من الارتفاع في المخازن خلال شباط (فبراير) مما يعطي إشارة على تحسن في إنتاجية المصانع خلال الأشهر المقبلة. وقد ارتفعت معدلات المبيعات بمعدل 1.2 في المائة خلال شباط (فبراير) في مقابل 0.9 في المائة خلال كانون الثاني (يناير). وكان تقرير صادر من Institute of Supply Management قد أشار إلى أن المؤشر الخاص بأنشطة الشركات الصناعية قد انخفض إلى 50.9 في آذار (مارس) من 52.3 في شباط (فبراير) الماضي. مما أثار تساؤلات حول قدرة الاقتصاد على العودة إلى حالة التوسع والانتعاش في الوقت القريب.
في قطاع المساكن بدأت علامات تحسن مع ظهور تقرير الجمعية الوطنية للعقاريين National Association of Realtors والذي أظهر ارتفاعا في مؤشر العقارات الموقوفة للبيع خلال شباط (فبراير). وعلى الرغم من أن المؤشر أقل مما كان عليه خلال العام الماضي إلا أنه فاق التوقعات مما يرسل إشارة إيجابية على تحسن في قطاع المساكن.
ونتيجة لانخفاض أسعار النفط بعد انجلاء أزمة الرهائن البريطانيين ونتيجة للمؤشرات الإيجابية سواء المتعلقة بقطاع المساكن أو بالتوظيف، ارتفعت المؤشرات الأمريكية الثلاثة: داو جونز، ستاندارد آند بورز، وناسداك، منذ بداية الأسبوع. حيث ارتفع "داو جونز" بمعدل 1.6 في المائة منذ بداية الأسبوع ليغلق على 12,560.20 نقطة. في حين ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز أيضاً بمعدل 1.6 في المائة منذ بداية الأسبوع ليغلق على 1,443.76 نقطة. وأخيراً ارتفع "ناسداك" بمعدل 1.8 في المائة ليغلق على 2,471.34 نقطة.
في بريطانيا أظهرت بيانات الناتج القومي الإجمالي تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي حيث نما الاقتصاد بمعدل 0.5 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة في مقابل 0.7 في المائة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. ويرجع محللون في المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية NIESR هذا التراجع إلى التباطؤ الذي يشهده قطاع الخدمات. وعلى الرغم من ذلك يرى محللو NIESR أن ذلك لن يمنع من زيادة النمو الاقتصادي في الأجل القريب الأمر الذي يحتم على بنك إنجلترا زيادة سعر الفائدة للتحكم في التضخم. هذا التقرير جاء قبل وقت قليل من قرار بنك إنجلترا الإبقاء على سعر الفائدة عند معدل 5.25 في المائة. وهذا يعطي إشارة إلى أن بنك إنجلترا يقلل توقعاته بشأن ارتفاع معدلات التضخم بالنظر إلى التراجع في معدلات النمو الحالية، كما أنه يخشى أن يؤدي رفع سعر الفائدة حالياً إلى تعميق الانخفاض في معدلات النمو.
في الصين بدأت علامات استجابة من قبل المسؤولين الصينيين للضغوط التي مارستها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الصين بشأن إعطاء مجال أكبر من المرونة في سعر صرف اليوان وذلك لموازنة العجز في الميزان التجاري الذي تشهده كل من أوروبا وأمريكا مع الصين. حيث أشار مساعد محافظ البنك المركزي الصيني إلى أن الصين ستحسن من مرونة اليوان الصيني خلال هذا العام بالسماح بقدر أكبر لعوامل السوق لتحديد قيمة اليوان، الأمر الذي يتوقع على أثره أن ترتفع قيمة اليوان بسبب الطلب المتزايد في أوروبا وأمريكا على السلع الصينية، مما سيؤدي بالتالي إلى زيادة الطلب على اليوان وارتفاع سعر صرفه مقابل العملات الرئيسية الأخرى بشكل يعكس القيمة الحقيقية للعملة الصينية التي تحاول الصين الإبقاء عليها منخفضة للمحافظة على صادرات منخفضة القيمة. من ناحية أخرى يعمل البنك المركزي الصيني على تخفيض حجم السيولة المتوافرة في السوق التي أدت إلى زيادة الاستثمارات في توسيع الطاقات الإنتاجية للمصانع وذلك لمواجهة الطلب المتزايد على المنتجات الصينية المنخفضة القيمة، التي يخشى البنك المركزي الصيني أن تكون زيادات غير مبررة وغير مبنية على رؤية طويلة الأمد التي ستؤدي في حالة تراجع الطلب على المنتجات الصينية إلى تحميل الاقتصاد تكاليف طاقات إنتاجية معطلة. إضافة إلى ذلك يخشى البنك المركزي الصيني أن يؤدي ذلك إلى زيادة في معدلات التضخم التي بدأت بوادرها بالظهور في الفترة الأخيرة. وكانت الصين قد زادت يوم الخميس الماضي معدل الاحتياطي لدى البنوك إلى 10.5 في المائة وهي الزيادة السادسة خلال الأشهر العشرة الأخيرة. مما يعطي مؤشراً إعلى أن البنك المركزي الصيني يحاول التحكم في حالة التسابق المحموم Overheating في توظيف المزيد من الاستثمارات والتحكم في معدلات الأسعار. وكان الفائض التجاري الصيني قد بلغ في شباط (فبراير) 23.8 مليار دولار وهو ثاني أعلى معدل تبلغه الصين. من ناحية أخرى بلغ معدل التضخم في كانون الثاني (يناير) 2.7 في المائة وهو قريب من معدل 3 في المائة الذي يستهدفه البنك المركزي الصيني.
وأخيراً أظهرت مؤشرات أسواق المال في اليابان وأوروبا استجابة إيجابية للأخبار الجيدة عن الاقتصاد الأمريكي خصوصاً بيانات الوظائف والمبيعات، حيث ارتفع مؤشر نيكاي بمعدل 0.7 في المائة هذا الأسبوع ليغلق على 17,484.78 نقطة، في حين ارتفع مؤشر داو جونز الأوروبي بمعدل 1.5 في المائة ليغلق على 3764.17 نقطة في نهاية الأسبوع.