رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


من أجل تعزيز الاستثمارات في القطاع التعليمي

[email protected]

تداخلت الأسباب الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية بالعملية التعليمية فخرجنا بمنتج تعليمي متواضع يفتقد للمعارف والمهارات التي تتناسب ومتطلبات العصر ومتطلبات سوق العمل، نعم فلدينا خريج ثانوية لا يتقن علم الحاسب الآلي ولا يتقن اللغة الإنجليزية التي أصبحت لغة التفاهم العالمي، كما يفتقر لمهارات التفكير والبحث ويعاني من انحسار شديد في قيم ومفاهيم العطاء والعمل والإنتاج واحترام الوقت، بل إن الأمر قد يكون أسوأ من ذلك إذ يفتقر أيضا لمهارات اللغة العربية كتابة وقراءة وتحريرا، ومن شاء أن يتأكد فلينظر إلى نتائج النصف الأول لطلاب الثانوية العامة وليقارنها مع نتائج النصف الثاني ليعرف الحقيقة المرة.
القطاع التعليمي قطاع مهم وحيوي ذلك بأنه قطاع من المفترض أن ينتج الموارد البشرية التي تعتبرها الأمم المتقدمة الثروة الحقيقية للبلاد باعتبارها الموارد القادرة على إنتاج رأس المال إعمار الأرض، لكن وللأسف الشديد فإن القطاع التعليمي لدينا ينتج موارد بشرية يمكن تصنيفها كعالة لا كثروة باعتبارها غير قادرة على الإنتاج ما لم يعد تأهيلها من جديد بتكاليف باهظة جدا، حتى بتنا نرى معاهد اللغة الإنجليزية في انتعاش، حيث يتخرج الطالب من الثانوية وهو لا يلم إلا ببعض الكلمات بخلاف نظيره الطالب الياباني الذي يتقن الإنجليزية كما يتقنها أهلها وبخلاف الطالب اللبناني الذي يتقن اللغتين الإنجليزية والفرنسية كما يتقن العربية أفضل مما نتقنها نحن وهذا مشاهد وملموس.
وكلنا يعلم أن من لا يعجبه التعليم الحكومي يلجأ إلى التعليم الأهلي إذا كان لديه المال اللازم لذلك، ولكن الوضع في المملكة متساو فلا فرق كبير يذكر بين تعليم أهلي وحكومي إلا في بعض المظاهر، أما المنتج فواحد طالب ضعيف المهارة والمعرفة والقدرة يحتاج لجهود تأهيلية كبيرة لكي يصبح عنصرا منتجا بالشكل المطلوب، وكأني بحال الوالدين وهم يتحسرون على مستوى أبنائهم التعليمي رغم الساعات الطويلة التي يقضونها في مدارسهم ورغم المصروفات والجهود المضنية التي يبذلها الطلاب والوالدان.
إذن لدينا تعليم منخفض الجودة لا يرتقي للمستوى المطلوب لإنتاج موارد بشرية مؤهلة قادرة على التعامل مع معطيات اليوم وتغيرات الغد، فما السبب؟ ولماذا تساوى القطاعان العام والخاص في هذه المشكلة ؟ والسبب في ظني واضح، فالحكومة رعاها الله تبنت العملية التعليمية برمتها مما جعل القطاع الخاص يحجم عن الاستثمار في هذا القطاع سوى بعض الاستثمارات الفردية التي لا تستطيع أن تلعب دور اللاعب الكبير والشريك المحترف القادر على بناء شراكة حقيقية مع القطاع الحكومي للارتقاء بمستوى التعليم في البلاد، بل إن هذه المدارس المبعثرة هنا وهناك والقائمة على جهود فردية أصبحت نسخة من التعليم الحكومي لضعف قدراتها المالية والفنية والتسويقية، فهي لا تستطيع تطوير كواردها البشرية ولا تستطيع بناء شراكات عالمية لتطوير المناهج والتعليم ولا تستطيع تقديم مقترحات مستندة إلى نجاحات.
وزارة التربية بعد أن اتضح لها ضعف المنتج التعليمي وحجم الموازنات المطلوبة للوفاء بالاحتياجات التعليمية للمواطنين، واتضح لها عدم استطاعة الدولة منفردة تطوير العملية التعليمية وتوفير الموازنات المالية الكبيرة بشكل مستمر ومتزايد، أدركت ضرورة قيام القطاع الخاص بتوسيع استثماراته في القطاع التعليمي بتأسيس شركات تعليمية مساهمة عملاقة، شركات قادرة على استيعاب أعداد كبيرة من الطلبة من خلال تطوير وتشغيل وتمويل أعداد كبيرة من المجمعات التعليمية بما يؤهلها لتلعب دور الشريك الاستراتيجي في تنمية هذا القطاع على مستوى البيئة المدرسية وعلى مستوى المناهج وعلى مستوى الكوادر البشرية وعلى مستوى الإدارة إلى غير ذلك، وفي ظني أن نسبة التعليم الأهلي الحالية التي لا تتجاوز 7 في المائة التي يشكل معظمها المدارس الفردية نسبة غير مقنعة وغير مرضية ويجب على الحكومة دعم القطاع الخاص لرفعها إلى نحو 30 في المائة على الأقل وهو ما يستدعي دخول استثمارات تتجاوز 100 مليار ريال خلال الخمسة عشرة سنة المقبلة.
هذا الحجم والنوع من الاستثمار المطلوب في القطاع التعليمي لن يكون دون تحفيز مجتمع الأعمال ودعمه وتذليل كل العقبات التي تقف أمامه، وهذا الدور مناط بالحكومة التي أكاد أجزم لو أنها دعمت رجال الأعمال بكامل مبالغ شراء الأراضي وإقامة المنشآت لكانت هي الرابحة، فما بالنا إذا كان الدعم عبارة عن حزمة من التشريعات والأنظمة والإجراءات المحفزة ودعم مالي منقطع مع تسهيلات في توفير الأراضي المناسبة لإقامة المدارس.
ختاما أود أن أقول إننا نعيش أزمة تعليم مهما تباينت الأقوال، وإن مجتمع الأعمال عازف عن الاستثمار الضخم في قطاع التعليم رغم جدواه الاقتصادية التي أثبتتها الدراسات، وأعتقد أنه حان الوقت لرجال الأعمال لاغتنام تلك الفرصة لتأسيس شركات تعليمية مساهمة عملاقة، خاصة أن الحكومة تدعم مثل تلك الشركات ماليا ومعنويا، وهي عازمة على تقديم المزيد من الدعم لتفعيل دور القطاع الخاص ليكون شريكا حقيقيا في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في البلاد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي