زيادة إنتاج الغاز بحاجة إلى استثمارات هائلة .. والنقل يمثل أكبر الصعوبات

زيادة إنتاج الغاز بحاجة إلى استثمارات هائلة .. والنقل يمثل أكبر الصعوبات

خلصنا في المقال السابق إلى أن أهم الدول المصدرة للغاز في العالم هي دول الشرق الأوسط وإفريقيا ودول الاتحاد السوفياتي السابقة، ولاسيما أن 72 في المائة من النمو في تصدير الغاز سيأتي من الشرق الأوسط وإفريقيا. والجدير بالذكر أن النمو في الإنتاج في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية واليابان غير مهم، بل في انخفاض، ومن المتوقع أن يكون النمو السنوي العالمي في إنتاج الغاز الطبيعي ما بين الفترة 2015 و2030، نحو 2 في المائة.
ولا بد من ذكر أن زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بحاجة لاستثمارات هائلة تشمل البحث والتنقيب وصناعة تأهيل الغاز نفسه. فمثلاً تقدر قيمة الاستثمارات الكلية في صناعة الغاز نحو 3900 مليار دولار في الفترة بين 2005 و2030، وهذا يعني نحو 155 مليار دولار سنوياً. ويكفى أن نعلم أن شركة غاز بروم، التي تنتج 90 في المائة من الغاز الروسي، قد رفعت نفقاتها السنوية في صناعة الغاز إلى 13 مليار دولار، إلا أن الخبراء يعتقدون أن هذا المبلغ ما زال اقل من المبلغ الذي يجب استثماره، وهو 17 مليار دولار سنوياً لضمان استخراج كميات الغاز المتوقع أن تنتجها روسيا في المستقبل القريب.
ومن المفيد للذكر أن الاستثمارات العالمية في صناعة الغاز تشمل مصانع التسييل Liquefaction وناقلات LNG الخاصة، وإنشاء منصات إعادة تحويل السائل إلى غاز regasification، وأيضاً إنشاء الأنابيب الخاصة لنقل الغاز ووسائل التخزين الحديثة، إضافة لإنشاء شبكات توزيع الغاز. وهنا يجب توضيح حقيقة أن من أكبر الصعوبات التي تواجه الدول المنتجة للغاز، عملية النقل بين نقطة الإنتاج والتصنيع ومكان الاستهلاك.
ويجري نقل الغاز حالياً بوساطتين رئيسيتن، وهما: شبكة الأنابيب والناقلات البحرية. وتستخدم شبكة الأنابيب داخل البلد نفسه أو لنقل الغاز لمسافات معقولة، أما تصدير الغاز لأماكن بعيدة كتصديره من الخليج العربي لأمريكا فيتم عبر ناقلات عملاقة تسمى ناقلات LNG قادرة على نقل الغاز عبر المحيطات.
وتجدر الإشارة إلى أنه يجب تسييل الغاز، أي تحويله إلى سائل ليتكون ما يسمى الغاز الطبيعي المسال LNG لكي يتم نقل أكبر كمية منه بطريقة فاعلة، وذلك عن طريق تبريده إلى -162 درجة مئوية عند الضغط الجوي. ومن المعروف أن الغاز الطبيعي السائل يشغل فراغا أقل بـ 600 مرة من الغاز العادي، الأمر الذي يجعل نقله بوساطة ناقلات LNG اقتصادياً رغم تكلفة النقل الباهظة.
ومن المفيد الإشارة في هذا المقام إلى أن تكلفة نقل ما يعادل برميلا من الغاز الطبيعي أعلى بـ 6 إلى 10 أضعاف تكلفة نقل برميل نفط خام. وتعد صناعة الغاز الطبيعي المسال من أغلى الصناعات العالمية، وكدليل على ذلك فقد ألغت شركة بترول قطر وشركة إكسون موبيل قريباً مشروعا ضخما لإنتاج سوائل الغاز بسبب صعود التكلفة بشكل كبير.
وتشتمل تكلفة صناعة الغاز الطبيعي المسال على أربعة أقسام، وهي:
* إنتاج الغاز من الحقول ونقله إلى مصانع المعالجة، وتشمل هذه المرحلة بالطبع شبكات أنابيب لنقل الغاز، وتقدر تكلفة هذه المرحلة الابتدائية بنحو 15 إلى 20 في المائة من إجمالي تكلفة هذه الصناعة.
* مصانع تسييل الغاز، وتشمل أيضاً معالجة الغاز وانتزاع المواد الضارة مثل الكبريت منه، وتشمل أيضا فصل الغازات الأكبر حجماً منه مثل LPG، ويدخل في هذه المرحلة أيضا التخزين، وتقدر تكلفة هذه المرحلة بنحو 30 إلى 45 في المائة من إجمالي تكلفة هذه الصناعة.
* نقل الغاز الطبيعي المسال وتصديره، وتقدر تكلفة هذه المرحلة بنحو 10 إلى 30 في المائة من إجمالي تكلفة هذه الصناعة.
* استقبال الغاز الطبيعي المسال في منصات خاصة وإعادة تحويله إلى غاز وتوزيعه، وتقدر تكلفة هذه المرحلة بنحو 15 إلى 25 في المائة من إجمالي تكلفة هذه الصناعة.
كل التوقعات تتنبأ بزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال LNG في العالم، والدراسات تشير إلى ارتفاع صادرات LNG من 90 مليار متر مكعب عام 2004م إلى 150 مليار متر مكعب عام 2010. وسوف تقفز هذه الكمية إلى 470 مليار متر مكعب عام 2030، بحسب التقرير العالمي للطاقة لعام 2006م. وتظهر أمريكا الشمالية كسوق كبيرة تستطيع أن تستوعب الكثير من النمو في صادرات الغاز الطبيعي المسال LNG القادمة من دول الشرق الأوسط.
تستهلك المملكة ما تنتجه من الغاز الطبيعي (نحو 70 مليار متر مكعب عام 2005)، أي أنها غير معنية بصناعة الغاز المسال في الوقت الراهن، لأنها لا تصدر الغاز الطبيعي (إلا إذا أظهرت عمليات التنقيب عن الغاز في الربع الخالي وجود كميات تجارية منه).
وتضم شبكة الغاز الرئيسية في المملكة معامل معالجة الغاز (أشهرها معامل: بري، شدقم، العثمانية، والحوية)، حيث يستخلص منه الشوائب مثل مركبات الكبريت ويصفى من بخار الماء ويستخرج منه أيضاً سوائل الغاز الطبيعي NGL، وتشمل شبكة الغاز أيضاً خطوط أنابيب لنقل الغاز النظيف إلى المنافع ومحطات توليد الكهرباء وبعض محطات التحلية، وإلى المصانع البتروكيماوية، حيث يستخدم الغاز الطبيعي أيضا في صناعة الأسمدة وصناعة الميثانول.

* أكاديمي متخصص في صناعة تكرير النفط والبتروكيماويات ـ الظهران
[email protected]

الأكثر قراءة