شركات مساهمة لتخصيص البقالات في مدينة المليون بقالة
هل فعلاَ نحن نسعي لنسجل الرقم القياسي أو جينس ركرد لتسمى مدننا مدن المليون بقالة. وحتى لو سمحنا بانتشارها تحت مسمى التجارة الحرة أو الفوضوية! فإن المصلحة العامة تقتضي أن ننقذ مدننا ومواطنيننا من خطرها ومساوئها؟ وذلك عن طريق تنظيمها ضمن شركات خاصة أو مساهمة قادرة على الرفع من مستوى تلك الخدمة وفق مواصفات صحية عالمية. وبتنظيم لمواقع تلك الفروع وبحيث تكون محددة لكل حي سكني أو تجاري. ويكون لها توحيد للوحات والمواصفات واختيار الألوان وتوفير المواقف وتجميع السلال. وتكون عمالتها تحت المراقبة مع تخصيص سكن للعمال خارج الأحياء مع سيارة لتوزيعهم على مواقع البقالات صباحاَ ومساء. وهي فكرة اقتصادية معروفة وأكثر ربحية حيث إن تلك الشركات تستطيع الشراء بالجملة فتحصل على أسعار أرخص. كما أنها تساعد على توفير فرص عمل للمواطنين لتخفف من العمالة الأجنبية. وإذا اعتقدنا أن تلك البقالات هي نوع من توزيع الرزق فإن فكرة التنظيم ستساعد أكثر على ذلك. فالمواطن الذي يدفع مبلغا في حدود مائة ألف ريال لمشروع بقالة يمكن أن يساهم هو وغيره بذلك المبلغ ضمن شركة منظمة، تضمن له ربحا قد يكون أكبر مما كان سيحصل عليه لو كان وحده مع إراحته من مراقبة العمال ومن يسرقونه. وبذلك يتفرغ لوجهة استثمار أخرى.
أكبر أخطار البقالات الفردية المتناثرة أنها لا تطبق أهم احتياطات حفظ الأطعمة والمنتجات فبعض البقالات تقفل أبوابها ومكيفاتها لفترات الظهيرة أو الليل، خاصة في الصيف وتترك تلك الأطعمة دون تكييف وحتى لو كان هناك تكييف فإنه قد لا يكون كافيا لحفظ الأطعمة والتي تفسد خلال ساعات وليس أياما. وتتحول إلى سموم خطرة قد تكون أحد أسباب أمراض السرطان لنا ولأولادنا التي كثرت في الأيام الأخيرة. وبسبب كثرتها فإنه من الصعب مراقبتها صحياَ، ناهيك عن سلبياتها الأخرى.
لقد أصبح ما بين كل بقالة وبقالة بقالة! وكلها متشابهة ومتماثلة تماماَ وتبيع النوع نفسه من العصائر والمشروبات الغازية الأغذية والحلويات والصحف. وتشغل كل بقالة خمس إلى عشر ثلاجات وفريزرات وأنارة وصرف كهرباء لو جمعت في بقالة واحدة لوفرنا الكثير من العمالة والكهرباء. فتلك البقالات جعلت مدننا تتضخم وتزدحم طرقها لعدم توافر المواقف الكافية حول تلك الأنشطة في الوقت الذي نعاني فيه من سلبيات هذه الظاهرة التي لم يستفيد منها إلا توظيف العمالة الأجنبية، التي لم تجد عملاَ في بلدها. ومع أننا نؤمن بمبدأ التجارة الحرة إلا أن الحريات لا بد أن يكون لها حدود وتنظيمات وإلا أصبح مسماها التجارة الفوضوية.
سلبيات تعدد وتكرار البقالات أو النوع نفسه من الأنشطة التجارية كثيرة وتتعدى إيجابياتها. فهي عوضاَ عن تشويهها للمدينة وما تخلفه من نفايات فـهي تحتل مساحات لو جمعناها لأصبحت عشرات الملايين من الأمتار المربعة، أي ما يقارب مساحة عدة أحياء من مساحة المدينة. وتقليص تلك المساحة سيساعد على تقليص حجم المدينة و المسافات التي نقطعها في مسارات الطرق والخدمات في المدينة. كما أنها تساعد على زيادة حجم العمالة الأجنبية داخل الأحياء وما يسببه ذلك من زيادة الجريمة والإرهاب. ناهيك عما تحتاج إليه تلك العمالة من مساحات للسكن والخدمات وهي مساحة أخرى يمكن التخلص منها في حجم المدينة، إضافة إلى أن تلك الظاهرة هي توظيف للأجانب وكأننا مسؤولون عن توظيفهم وحل مشاكل البطالة لتلك الدول في الوقت الذي لم نحل فيه مشاكل بطالتنا وسعودة وظائفنا.
واقتصاديا فإن التنظيم سيساعد على خفض سعر البيع للمواطن كما أن تنظيم مواقع تلك المحلات وفق مسافات تفصلها مبنية على دراسة لمواقع الكثافات السكانية والمستهلكين يساعد على ازدهارها وعلى حماية المستثمرين من المنافسة الفوضوية. ومثال على ذلك ما قامت به الأمانة من وضع مسافات قصوى بين مواقع محطات الوقود داخل المدن.
التنظيم للبقالات تحت مظلة شركات مساهمة أو تعاونية مطلب ضروري يجب ألا نغفله وهو تنظيم سيكون قدوة ليشمل تنظيم أنشطة أخرى مختلفة تزعجنا مثل انتشار الصيدليات والمستوصفات وغيرها وكل منها يقع تحت مسؤولية جهات حكومية مختلفة مثل البلديات ووزارات التجارة والصحة والعمل. وهي جهات لا بد أن تتضافر فيما بينها للحد من نمو هذه الظاهرة ومحاولة إيجاد حلول لها. وهو تخصص معروف وله نظرياته وأسسه العلمية، التي يتم على أساسها بناء قاعدة معلومات وأنظمة تطبيقية ونماذج حاسوبية تربط بنظام المعلومات الجغرافية GIS وGPS ومسارات وأطوال الطرق والأنظمة المساعدة لاتخاذ القرارات التخطيطية. وهو عادة يكون مبنياً على أساس دراسة لنوعية السكان وأعمارهم وأجناسهم بالتناسب مع أسرع وأقرب الخدمات سواء التجارية أو الخدمية. ولذلك يبقى اختيار مواقع هذه الأنشطة أهم عوامل تحديد كفاءة وضمان توزيع الخدمات بالتساوي بين السكان لضمان القرب وسرعة الوصول إلى هذه المراكز من السكان المجاورين، وتحقيق التوزيع المتكافئ والمتناسب مع السكان بصورة جيدة ومتزنة.