الضرورة تقتضي فحص مسألة توافق صفقات الصكوك مع أحكام الشريعة

الضرورة تقتضي فحص مسألة توافق صفقات الصكوك مع أحكام الشريعة

من الضروري, لكي تنال فهماً أكبر لمنهج فيتش في تصنيف الصكوك، ألا تبحث فقط في أوجه الشبه والاختلاف بين الصكوك وأدوات الدخل التقليدية الثابتة، ولكن عليك أن تقدر الدور الذي تلعبه مجالس الشريعة ودور السندات في تحديد التصنيفات الائتمانية لإصدارات الصكوك. وسنبدأ بفحص بعض العوامل الرئيسية التي تجعل الصكوك مشابهة للسندات التقليدية، ولكننا سنلقي الضوء كذلك على نقاط الاختلاف المهمة.

الصكوك والسندات التقليدية - أوجه الشبه والاختلاف
على عكس السندات التقليدية التي تمثل التزاماً تاماً بالقرض من قبل المقرض للمقترض، فإن الصكوك تمثل حصص ملكية في أصول أو مجموعة من الأصول الموجودة والمحددة. ومع ذلك، فمن المهم ملاحظة أن الصكوك تختلف عن حصة أسهم أو حصة في الشركة، من حيث إن السهم هو ادعاء بالملكية في الشركة ذاتها، بينما الصكوك هي مطالبة بأصل واضح ومحدد.
وهكذا يمثل بيع الصكوك في السوق الثانوية بيع حق استخدام الأصل، بينما يمثل بيع السند في السوق الثانوية بيع الالتزام بالدين.
أما الفرق الآخر فهو المعاملة الضريبية ضمن الأنظمة الضريبية المتعددة لدفعات إيجار الصكوك مقابل دفعات الفائدة للسندات التقليدية، حيث إن دفعات إيجار الصكوك لا يتم اقتطاعها قبل الضريبة بالطريقة ذاتها التي يتم بها اقتطاع دفعات الفائدة التقليدية. وتؤثر هذه الحقيقة بصورة سلبية في الدخل الصافي المسجل في تقارير الشركة، من خلال حرمانها من استخدام الدرع الضريبي.
ومع ذلك، فمن المتوقع في عام 2007 أن يتم سن قانون في بريطانيا سيتيح معاملة هاتين الدفعتين المعاملة ذاتها من المنظور الضريبي، وإزالة أي عائق في المعاملة المحاسبية الحالية حول ربحية أي كيان يصدر الصكوك.

والصكوك، مثل السندات التقليدية، هي أدوات مالية يتم تسويقها وتحويلها بسهولة في الأسواق الثانوية. ويمكن للصكوك أن تتلقى كذلك تصنيفات ائتمانية، وتسمح بتحسين الائتمان من خلال إدراجه لضمانة قرض إضافية. لذلك، فإن الصكوك يمكن أن لا تبدو، ظاهرياً، مختلفة جداً عن شهادات الائتمان المعززة بالقروض المدعومة برهن المعدات. ومع ذلك، فمن المهم الإشارة إلى أنه بينما تعتبر الصكوك سندات مبنية على أساس الأصول، فإنها تختلف عن المطالبات المضمونة المدعومة بالأصول.
وتمثل الصكوك المدعومة بالأصول حصة ملكية في أصل معين لكي تتمكن من تحديد الربح التناسبي المولد من هذا الأصل. أما السندات المدعومة من الأصل والمبنية بفعالية فهي تمثل مطلباً محمياً في بعض المعدات الأساسية المحددة، مثل الطائرات التي يمكن مصادرتها وتحويلها إلى نقد من أجل خدمة مطالب الدين. ولهذا السبب تميل فيتش للنظر إلى إصدارات الصكوك على أنها التزامات غير محمية تستحق التصنيف الائتماني ذاته مثل منشئ الإصدار صاحب العلاقة. وهكذا، وكما ذكرنا أعلاه فإن الصكوك يمكن أن تكون محسنة ومصنفة من حيث الائتمان، تماماً مثل القرض المضمون، إذا تم تقييد رهن الأصول الإضافية في إصدار الصكوك.

دور الاسترجاع
تطابقاً مع المنهج الجديد لفيتش, الذي تم تطبيقه في شباط (فبراير) 2006 في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا EMEA، فلقد حددت فيتش كذلك تصنيفات استرجاع لإصدار الدين بتصنيف B+ وما دون. وبالنسبة للصكوك فإن المنهج لن يكون مختلفاً عن ذلك, الذي تم اتباعه في الإصدارات الأخرى التي صنفتها فيتش.
وفي حالة الصكوك فإن فيتش على الأرجح ستحدد التصنيف نفسه الذي عينته لإصدار صك، مع إنشاء التصنيف الائتماني المحدد لمنشأ تدفق الدفعات على الشركة بحيث تكون الالتزامات غير محمية وممتازة ومدعومة من خلال الجدارة الائتمانية التامة للمنشئ. وفي الحالات التي تكون فيها توقعات الاسترجاع مهددة بسبب المخاطر الملازمة لدفعات الإيجار أو رهن الأصول في الآلية ذات الأهداف الخاصة SPV، فمن المرجح أن ينخفض إنشاء تدفق الدفعات، ومن ثم تصنيف الإصدار.
وبالمثل، ففي الحالات التي يتم فيها دمج سمات اعتدال المخاطر، كالسماح للصكوك بإظهار سمات مشابهة للقروض المحمية أو الشهادات الائتمانية المحسنة بالقرض ترتفع معدلات الاسترجاع عن المعدل، فإن تصنيف الإصدار حينها سيرتفع.

دور العمل وفقا لأحكام الشريعة
تركز فيتش فقط على السمات الائتمانية للصفقة، ومدى إلزامية الالتزام الناتج الذي يتحدد بدرجة كبيرة من جانب القانون التجاري. والعديد من صفقات الصكوك الحالية موجهة في الوقت الحالي من خلال القانون الإنجليزي أو قانون نيويورك. وبينما يعترف بالشريعة على أنها مصدر من مصادر القانون في معظم دول الخليج، فإنها في العادة ليست القانون الذي يتم تنفيذه في المحكمة. وهكذا، فإن فيتش ستميل للنظر إلى الصكوك على أنها شبيهة بالسندات "الأخلاقية" الأخرى، مثل تلك المصممة للعمل وفق حاجات ورغبات المستثمرين الحرصاء بيئياً واجتماعياً.
والاستثناء الوحيد لهذه القاعدة المذكورة آنفاً سيكون في الحالات التي يتضمن فيها توثيق الصكوك على وجه الخصوص عدم الامتثال لأحكام الشريعة لتكون المرجع الأصلي. وفي ظل هذه الظروف، حيث عدم الامتثال لأوامر الشريعة يشكل إهمالاً تقنياً، فإن فيتش ستدمج هذا في تصنيف الإصدار. وبما أنه لا يوجد هنالك حتى الآن أي سابقة لمثل هذا فإن فيتش ستحتاج إلى التعامل مع مثل هذه الحالات على أساس كل حالة على حدة.

ترتيب تصنيف القرض
إن العامل الآخر المهم في تحديد تصنيف إصدارات الصكوك هو تحديد ما إذا كان الالتزام بالإيجار يساوي التزامات القرض التقليدي الأخرى للمصدر. وستركز فيتش على وجه الخصوص على شرطية وقابلية التزامات دفعات الإيجار للاسترجاع من أجل تحديد ما إذا كانت دفعات الإيجار مصنفة على غرار دفعات سداد الدين الأخرى، أو على الأقل لا يمكن تمييزها من حيث الأولوية عن الدين التقليدي الآخر للمصدر. والعامل الإضافي الآخر الذي ستأخذه فيتش بعين الاعتبار هو مدى ضرورة الأصل للمستأجر الذي سيعطي مؤشراً على رغبة المستأجر بسداد دفعات الإيجار، حتى في ظل الظروف الاقتصادية أو التجارية الصعبة. وإذا كانت الأصول التي تم وضعها في الآلية ذات الأهداف الخاصة ضرورية لعمليات المنشئ، فثمة خطر في أن يتهرب المنشئ من التزاماته بالسداد في فترة الركود الاقتصادي. وأخيراً، إذا كان للأصل المباع للآلية ذات الأهداف الخاصة تعهدات أو عمليات رهن أخرى عليه، فيمكن لهذا أن يؤدي إلى أولوية أدنى للسداد من جهة المستأجر. وإن كان الأصل في الآلية ذات الأهداف الخاصة معرضاً لخطر الامتلاك من قبل مستأجر آخر فإن هذا لن يسمح له فقط بتلقي نفس التزام تدفقات تسديد الإيجار الملتزم بها كما هو الحال في تدفقات تسديد الفائدة العادية على التزام الدين التقليدي.

الالتزام بإعادة الشراء
إن الخاصية الائتمانية الأخيرة التي يجب أخذها بعين الاعتبار هي الالتزام بإعادة الشراء، أو مقدرة المقرض على تسلم الدفعات الأساسية، إذ لا يوجد في جميع بنيات الصكوك التزام بإعادة الشراء. وفي الواقع، وكما هي الحال في الإيجار التقليدي، فإن المحتمل أن تتفق الأطراف ببساطة في نهاية فترة الإيجار على نقل ملكية الأصل إلى المستأجر.
إن تحليل اتفاقية إعادة الشراء يعد عاملاً مهماً في تحديد التصنيف للصكوك، حيث إنه لا بد من أخذ الرغبة والقدرة على احترام الاتفاقية بعين الاعتبار. وعلى ضوء ذلك، فإن فرض شروط تعاقدية ملزمة قانونية، وصلاحية تلك الشروط، سيلعب دوراً مهماً.

الخلاصة
على الرغم من أن أغلبية إصدار الصكوك حتى الآن كانت من بين قضايا الملكية بشكل رئيسي، فإن فيتش تتوقع تزايداً في إصدار الصكوك من قبل الشركات في عامي 2007 و2008، وبصورة رئيسية من جانب الشركات العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي.

ومن منظور التصنيف فإن فيتش تعتبر أن أغلبية المخاطر الكامنة في صفقات الصكوك لا تختلف عن تلك التي نراها في بنيات السند الأخرى. وتمثل الاعتبارات الأخلاقية تحدياً رئيسياً لمنشئي الصكوك، كما لا تزال هنالك ضرورة لفحص مسألة مواصلة العمل وفق أحكام الشريعة.
وتخضع حقيقة توثيق الصكوك إلى شروط صلاحية القانون والإلزام القانوني ذاتها كالسندات التقليدية، مما يضعها مباشرة في موضع مقارنة في معظم سمات الخطر. ومن بين البنيات الـ 14 المختلفة للصكوك فإن فيتش تتوقع أن تكون صكوك الإجارة هي النموذج المفضل المستخدم من قبل الشركات لدى إصدار الصكوك.

* الكاتبان محللان ائتمانيان في وكالة التصنيف الائتماني فيتش رايتنجز

الأكثر قراءة