التفاؤل بخفض الفائدة وارتفاع أسهم شركات النفط يدفعان الأسواق الأمريكية للصعود
ما حدث في سوق الأسهم الأمريكية الأسبوع الماضي مفاجأة صارخة حيث ارتفعت مؤشرات السوق الرئيسية أكثر من 3 في المائة، فسجل داو جونز 3.1 في المائة بينما مؤشرا ناسداك وS&P 500 ارتفعا بنسبة 3.5 في المائة، والفضل يعود إلى قرار البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة عند 5.25 في المائة بعد اجتماعه الذي استمر يومين وانتهى يوم الأربعاء، البنك المركزي قام بتثبيت الفائدة أكثر من مرة وهذا ترك انطباعاً إيجابيا بأن البنك المركزي قلق بشأن نمو الاقتصاد لذلك لا يعمدّ إلى رفع الفائدة طوال الفترة الماضية مما يعني أن باب احتمالات خفض الفائدة مفتوح على مصراعيه الآن ومن هنا جاء الارتفاع القوي، كما أن انخفاض مخزون النفط الأمريكي ساهم في ارتفاع أسعار النفط وهذا أدى إلى ارتفاع أسهم شركات النفط أبرزها شركة ُExxon Mobil وبالتالي ارتفع بشكل قوي مؤشر S&P 500.
إن أهم حدث على الإطلاق كان نتائج اجتماع البنك المركزي الأمريكي حيث اشتعل السوق بعده واندفع نحو الصعود بشكل قوي Rally، حيث ظهر بشكل واضح أن البنك المركزي غير متماسك برفع أو تثبيت سعر الفائدة وأنه قد يقوم بخفض سعرها في الفترة القادمة ولكن ليس بالضرورة في الاجتماع القادم وقد يكون في نهاية الصيف لكن الشعور المبدئي من المُستثمرين بأن الفائدة قد تنخفض مما يبعث في نفوسهم الاستبشار بتحسن عوائد الشركات وانخفاض التكلفة عليهم، إن أسواق الأسهم في أي مكان في العالم هي عدوة رفع الفائدة وصديقة لقرارات خفضها.
البيانات الاقتصادية رغم قلتها ساعدت على تبديد الخوف من الركود الاقتصادي حيث أُعلن عن ارتفاع عدد المنازل التي بدأ بناؤها بنسبة 9 في المائة في شباط (فبراير)، مقارنة بالانخفاض بأكثر من 14 في المائة في كانون الثاني (يناير) وقد ساند هذا الخبر الإيجابي الإعلان يوم الجمعة الماضي عن أن مبيعات المساكن المُستخدمة ارتفعت في شباط (فبراير) بنسبة 3.9 في المائة ومثل هذه البيانات تُوحي باستقرار سوق المساكن. أما على صعيد نتائج أرباح الشركات فقد كانت جيدة بشكل عام ابتداءً من شركة أوراكل وفيدكس ثم "مورجان ستانلي" بينما جاءت تحذيرات شركة "موتورولا" تتوقع فيها أن تنخفض أرباحها ومبيعاتها ولكن كان تأثر الشركات وأخبارها محدودة الفعالية في الأسبوع الماضي.
الأسبوع الحالي
التركيز في الفترة القادمة هو على نتائج أرباح الشركات للربع الأول حيث سيبدأ إعلان النتائج في منتصف نيسان (أبريل) القادم وهنا أذكر بأن توقعات المُحللين للنمو الذي سيتحقق في الربع الأول سيكون ما بين 4 و7 في المائة بالنسبة للشركات الخمسمائة المُدرجة ضمن مؤشر S&P 500 والانطباع بشكل عام هو أن النمو سيتباطأ في النصف الثاني من العام الجاري، كما سيُعلن عن عدد من البيانات والمؤشرات الاقتصادية وسيُدلي محافظ البنك المركزي بكلمة في مؤتمر لجنة رابطة الاقتصاديين يوم الأربعاء القادم.
سيكون هناك تركيز على أسعار النفط من قبل المُستثمرين في سوق الأسهم كونه أحد العوامل التي ساعدت على ارتفاع السوق الأسبوع الماضي وأيضاً لوجود بعض الأحداث السياسية منها اختطاف إيران ضباطا بريطانيين من وسط الخليج العربي كورقة ضغط مما يعني حدوث قلاقل في المنطقة وهذا سيرفع أسعار النفط وسيستغل المضاربون هذا الحدث لزيادة التذبذب. وهنا أُشير إلى أن البنك المركزي أصبح بين مفترق طرق هل سيتجه نحو خفض التضخم أو نحو زيادة نمو الاقتصاد ومن هنا يأتي النفط كلاعب رئيسي في هذه المعادلة بشكل اكبر من ذي قبل في ظل هذه الأحداث والمُنغصات السياسية.
المتداولون ينتظرون حزمة من البيانات والمؤشرات الاقتصادية أستعرضها بشكل سريع، أولها سيكون اليوم الإثنين مع بيانات مبيعات المساكن الجديدة، التي ستنمو بنسبة 6 في المائة تليها غداً بيانات ثقة المُستهلكين لآذار (مارس) ثم بيانات السلع المُعمرة لشباط (فبراير) حيث سيُعلن عنها الأربعاء ويُتوقع ارتفاعها 3 في المائة. أما على صعيد الشركات ونتائجها فسيكون هناك إعلان لنتائج شركة Tiffany ومجموعة من شركات التكنولوجيا Red Hat وBrocade وAdobe وليس مُستبعداً أن تُفاجئنا شركة ما بتحذير من هنا أو هناك حول انخفاض للأرباح أو المبيعات.
التحليل الفني
أحتاج في البداية إلى مراجعة بسيطة للوضع الفني السابق قبل مناقشة التغيرات التي حصلت في الأسبوع الماضي حيث إن ناسداك كانت حركته محصورة بين مستوى 2330 و2400 تقريباً. وكان المُتوقع أن يبقى بين هذين المُستويين يتذبذب في أحسن الأحوال وهو ما يُمثل شكل تماسك بين هذين الحدين Consolidation، نموذج التماسك، هذا يقول إن خروج ناسداك خارج أحد الحدين العلوي أو السفلي لمنطقة التماسك سيؤدي إلى إكماله للحركة أي إذا صعد فوق مستوى 2400 فإنه سيُكمل الصعود وإذا هبط تحت مستوى 2330 سيهبط أكثر وفي الغالب أنه يهبط للأسفل لكن ما حدث استثناء بفعل ارتفاع التفاؤل بعد قرار البنك المركزي.
ما حدث في الأسبوع الماضي من صعود لم يكن في الحسبان في ظل الأحداث الاقتصادية والسياسية والتشاؤم العام الذي سيطر على كل الأسواق العالمية ولكنه أمر إيجابي أن يرتفع السوق، حيث صعد ناسداك فوق مستوى 2400 نقطة بشكل قوي مدعوم بتزايد التفاؤل بعد اجتماع البنك المركزي لذا فالتصرف الصحيح بالنسبة للمُضارب وليس المُستثمر هو أن يشتري عندما تتغير الرؤية الفنية وتُصبح إيجابية وما حصل بتجاوز ناسداك مستوى 2400 نقطة حيث حصل الإقبال على الشراء.
عند تزايد احتمال الهبوط نبحث عن مستويات الدعم وعند اتجاه المؤشر نحو الصعود نبحث عن مستويات المُقاومة وفي حالتنا هذه نجد أن مستوى المُقاومة الأقرب هو2495 نقطة بعد أن نجح المؤشر في تجاوز متوسط حركة خمسين يوما والذي كان عند 2444 نقطة، أي أنه في طريقه لملء الفجوة Gap التي تكونت نهاية شباط (فبراير) يوم هبوط البورصات العالمية وهو بذلك أي ناسداك سينجح في تغطية هذه الفجوة بشكل سريع، كما أن الوضع الفني لمتوسط حركة عشرة أيام يُوحي بأنه متجه نحو اختراق مُتوسط حركة عشرين يوما مما يعني استكمال الصعود حتى الحد العلوي للفجوة وهو كما قلت عند مستوى 2495 نقطة.