التورق المصرفي

التورق المصرفي

أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي في مدينة جدة في المملكة قرارا عام 1997 بجواز أن يقوم الأشخاص بشراء سلعة بالأجل من شخص ثم بيعها نقدا لشخص آخر وذلك بغرض الحصول على السيولة النقدية التي يحتاج إليها العميل وتسمى هذه المعاملة بالتورق، وقد أفتى بذلك أيضا مجموعة من العلماء، وتعد هذه المعاملة بديلا عن القرض بفائدة وهو محرم بإجماع الفقهاء.
وتشهد الأسواق المصرفية المحلية والدولية تطورا هائلا في الصناعة المصرفية الإسلامية، حيث يقدر عدد المؤسسات المالية الإسلامية على مستوى العالم بأكثر من 300 مؤسسة مالية تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية وبحجم أعمال يتعدى 250 مليار دولار، إضافة إلى العديد من المصارف التي تقدم منتجات متوافقة مع أحكام الشريعة إلى جانب المنتجات التقليدية والتي يقدر حجم أعمالها بما يزيد على 200 مليار دولار .
كما تشهد أسواق الصناعة المصرفية الإسلامية منافسة بين المصارف في تقديم وتطوير المنتجات والخدمات المصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة بما يلبي احتياجات المتعاملين، ويعد توفير السيولة النقدية من أهم متطلبات العديد من المتعاملين والذين يلجأون إلى شراء سيارة بالمرابحة ودفع ثمنها علي أقساط آجلة ثم بيعها بالنقد حالا بقيمة أقل تصل إلى 15 في المائة من قيمتها بغرض الحصول على السيولة النقدية لتغطية احتياجاتهم.
وقد ابتكر أحد المصارف السعودية صيغة التورق المصرفي المنظم والذي يعد أحد صيغ التمويل الحديثة نسبيا في مجال التمويل المصرفي الإسلامي، حيث بدأ تقديمه عام 2002 ثم قامت بعد ذلك غالبية البنوك السعودية وبعض البنوك الخليجية بتقديمه لتلبية احتياجات العديد من المتعاملين الذين يحتاجون إلى السيولة النقدية .
وقد بدأ تطبيق التورق من خلال شراء السلع الدولية ثم توكيل البنك في بيعها، وقد أدخل العديد من التعديلات على تلك الإجراءات، حيث تم استخدام السلع المحلية بديلا عن استخدام السلع الدولية مع إلغاء توكيل البنك في بيع البضائع نيابة عن العميل وتوكيل المورد بدلا منه.
وتشكل صيغة التورق حاليا نسبة 67 في المائة من إجمالي حجم التمويل المصرفي الإسلامي في البنوك السعودية بقيمة قدرها 187 مليار ريال ونسبة 41 في المائة من إجمالي حجم التمويل في السوق السعودية والبالغ قيمته 450 مليار ريال في نهاية عام 2006.
وعلى الرغم من وجود بعض الآراء الفقهية التي لديها بعض التحفظات على أسلوب تطبيق التورق المصرفي المنظم بصورته الحالية في البنوك إلا أن صيغة التورق أوجدت حلا لبعض المتعاملين الذين يحتاجون إلى توفير سيولة نقدية، إلا أن وصول نسبة التمويل إلى 67 في المائة من إجمالي حجم التمويل سيؤدي إلى إهمال باقي صيغ التمويل الأخرى مثل الاستصناع والمشاركة والمضاربة والسلم والتأجير والتي لا تشكل أكثر من 5 في المائة من إجمالي حجم التمويل والباقي لصيغتي البيع بالتقسيط والمرابحة واللتين تشكلان حاليا نسبة 27 في المائة من إجمالي التمويل في السوق السعودية والتي انخفضت نسبتهما من 70 في المائة عام 2000 إلى 27 في المائة عام 2006 .
هذا التوسع الذي تشهده السوق في تقديم صيغة التورق المصرفي سواء للأفراد أو الشركات يرجع إلى سهولة التطبيق سواء بالنسبة للبنوك أو المتعاملين وانخفاض معدل المخاطر، إضافة إلى أن تقديم الصيغ التمويلية الأخرى يحتاج إلى موارد بشرية على مستوى كبير من الخبرة والكفاءة في هذا المجال وهو ليس متوافرا بصورة كبيرة وهذا الأمر يشكل تحديا كبيرا للصناعة المصرفية الإسلامية ويتطلب تضافر الجهود لإعداد موارد بشرية مؤهلة لتقديم وتطوير المنتجات التمويلية والخدمات المصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة، إضافة إلى قيام الهيئات الشرعية بالعمل على استنباط العقود والأحكام الشرعية التي يمكن استخدامها في الصناعة المصرفية الإسلامية.

www.bltagi.com

الأكثر قراءة