رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التشغيل الذاتي والتعاقدي للمستشفيات..الأكاديمي الإداري في الميزان

[email protected]
 
مما لا شك فيه أنه لا يمكننا أن نثق بقيادة مَن يفتقد خبرة عملية لإدارة المستشفيات نظرا لغياب إحدى ركائز الإدارة المهمة. فالخبرة العملية أساس متين لنجاح الإداري عند تقلده زمام الإدارة الصحية.
فمستشفيات التشغيل الذاتي تعاني من الإداري غير المؤهل. أشكال الإداري الفاشل متعددة لكنها تجتمع بإسهامها السلبي في الفشل الجزئي للتشغيل الذاتي. كما أن نماذج الإداري السلبي تشترك في غياب القيادة المؤهلة إما بسبب قلة الخبرة الإدارية أو تدني مستواها التعليمي أو ضعف الاستعداد الشخصي للقيادة. ما علينا الإمعان إليه عند النظر إلى نماذج الإداري غير المؤهل في أن الفشل يرجع لسوء اختيار الإداريين على المستوى الشخصي وليس لعدم أهلية الإداريين. ولعل هذا المقال يسهم في عرض أحد نماذج الإداريين الفاشلين. ولعلنا في مقالات لاحقة نعرج إلى أنماط أخرى للإداريين السلبيين.
فمن أسوأ نماذج الإداريين الفاشلين نموذج الإداري المؤهل أكاديميا، لكنه مغيب عن إدارة المستشفيات عمليا. التأهيل الأكاديمي جزء مهم من صفات الإداري الناجح لكنه لا يغني عن مؤهلات أخرى مهمة كالخبرة الإدارية. لذا فإنه من المؤسف أن يفشل أستاذ الجودة الصحية في تطبيق الجودة الصحية عمليا في المستشفيات. كما أنه من المخجل أن يفشل مَن لديه دكتوراة في إدارة المستشفيات في إدارة المستشفيات، وقس على ذلك من لديه دكتوراة في الموارد البشرية أو دكتوراة في الاقتصاد أو المحاسبة.
ولست في هذا المقام ألقي باللائمة على الأكاديميين عديمي الخبرة لتوليهم مناصب إدارية، بل إلى مَن مكنهم من تقلد مهام ليسوا مؤهلين للقيام بواجباتها. فمن الخطأ نقل الأكاديمي من الجامعة أو من قاعات المحاضرات إلى إدارة مستشفيات التشغيل الذاتي دون تدرج طبيعي في تقلد الوظائف الإدارية.
كما أن بعض مَن تولوا مناصب إدارية من الأكاديميين الإداريين يتحدثون من أبراج عاجية ولا يغوصون في تفاصيل العمل اليومي. لذا فإن قراراتهم مبنية على معطيات سطحية وبعيدة عن العمق الإداري. فبعض الأكاديميين يتعاملون مع موظفيهم كتعاملهم مع طلبتهم في الجامعة مما عمّق فجوة الخلاف بينهم وبين موظفيهم. إدارة المستشفيات بحاجة إلى قادة لديهم خطط عملية من أجل تقليل التكلفة وزيادة الإنتاجية بشكل عملي بعيدا كل البعد عن التنظير الأكاديمي المعلوم لدى كل متخصصي الإدارة.
كما أن كثيرا من أساتذة التنظير الإداري يتحدثون عن صفات الإداري الناجح وكأنهم يصفون طبقاً غذائياً أو "وجبة هنية" مكونة من مقادير محددة. فصفات الإداري الناجح تعرض لطلبة الجامعة، كما يعرض الطبق اليومي عبر برامج الأسرة السعيدة التي نشاهدها عبر العديد من المحطات الفضائية.
العلم الإداري له أبعاد متعددة مما يجعل خامة الإداري الناجحة نادرة ومحدودة. فلا توجد معادلة خطية أو وصفة تكون عنواناً للإداري الناجح بشكل عملي نظرا لأن الاستعداد البشري له تأثير مباشر في صفات القيادي الناجح. فنحن لا نتعامل مع آلة يمكن برمجتها للقيام بوظائف محددة، بل كائن بشري معقد له عواطف متضاربة أحيانا ووقع له متغيرات متعددة.
من المؤسف أن مجمل دور الأكاديميين محصور داخل أروقة الجامعة أو الفصول الدراسية بعيدا عن تبني أبحاث علمية لكيفية تطوير الخدمات الصحية وكيفية إدارتها. فمثلا تطوير البيئة الإدارية في المستشفيات من الأدوار المغيبة على الرغم من أهميتها. بل إن دور الأكاديميين السلبي يمتد لضعف الخبرة التي ينقلونها لطلاب الإدارة. فالطالب يعيش خلال فترة الدراسة بين نظريات وكتب إدارية ومحاضر ضعيف الخبرة مما لا يساعد طلبة الإدارة على بناء قاعدة شمولية لكيفية تحسين البيئة الإدارية المعاشة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي