رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


وها نحن نحقق مراكز متقدمة في الساحة الاستهلاكية..

[email protected]

في سابقة تُعدّ الأولى من نوعها في العالم العربي، قامت شركة سوني في الخليج العربيّ بالإعلان عن أنّه سيتمّ طرح جهازها المرتقب بلايستيشن 3 في الدول العربية عصر غد الخميس، أي قبل يوم واحد من موعد طرحه في دول الاتحاد الأوروبي وأستراليا وإفريقيا، ليستمتع به اللاعبون في عطلة نهاية الأسبوع، هذا ما نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" في عددها رقم 10340 الصادر يوم الأربعاء الموافق الثاني من ربيـع الأول 1428 هـ، وهو خبر مضحك مبك في الوقت نفسه، مضحك لأنه صيغ بطريقة تقول إن نصرا مؤزرا حققه العرب، ومبك لأنه يشير إلى مدى عمق الأزمة الفكرية الاقتصادية التي نعيشها، فضلا عن السلوكية التي جعلت منا شعوبا مستهلكة بشكل مقزز، حتى تعالت الأصوات في الغرب متسائلة عن فائدة هذا الجزء من العالم ودوره في الرقي الحضاري.
والخبر بقدر ما يطمئن اللاعبين بوجود كميّات تكفي حاجة الأسواق، فإنه ينذرنا نحن معاشر المفكرين والمهتمين بالشأن الاقتصادي بضرورة بذل المزيد من الجهود التوعوية والتحفيزية لإعادة هيكلة الفكر والسلوك الاقتصادي في بلادنا بما يجعلنا قادرين على تحقيق مراكز متقدمة في الساحة الإنتاجية في القطاعات كافة لا في قطاع دون آخر، نعم إنه ينذرنا بأن إنتاج العقول المتنامي الذي انحسر وجودنا فيه بشكل كبير قادر على شفط الأموال المحصلة من إنتاج الحقول الناضبة إذا لم نجد آليات فعالة تجعلنا نستفيد من تلك الأموال الاستفادة المثلى في صناعة العقول القادرة على الإنتاج وتمكينها من الوصول إلى تلك الأموال لتحويلها إلى أصول رأسمالية قادرة على الإنتاج وتوليد رأس المال وتدويره بشكل مستمر.
والسؤال الكبير الذي قتلناه بحثا هو: كيف يمكن لنا أن نوازن الإنتاج والاستهلاك كما هو في الدول المتقدمة؟ وكيف لنا أن نوجد علاقة إيجابية بين الإنتاج والاستهلاك ذات آثار تطويرية لا تدميرية؟ نعم فمن المعلوم أن الإنتاج لا يمكن أن يتطور دون استهلاك، أي أن ضعف الاستهلاك يؤدي إلى الجمود والتخلف، كما أنه من المعلوم أن الاستهلاك دون إنتاج يؤدي إلى الإفلاس بالمحصلة وأن الاعتماد على إنتاج الحقول الناضبة فيه من المخاطر ما فيه، فمن يضع البيض في سلة واحدة يعني تكسير كل البيض إذا سقطت السلة.
والإجابة التي نسأل الله أن تتحول إلى فكر يتبناه القطاعان العام والخاص وحتى الخيري، الإجابة تقول بضرورة تحسين البيئة الاستثمارية لتكون بيئة محفزة لرجال الأعمال وأصحاب الأفكار والمبادرات وغيرهم لتكوين شركات وإطلاق مشاريع إنتاجية توفر الخدمات والمنتجات محليا بجودة عالية وبأسعار مناسبة وبالوقت المناسب بشكل يحد من الاستيراد من ناحية ويؤصل لقوة تصديرية من ناحية أخرى، وهو ما يؤدي إلى معالجة الاختلال في الموازين التجارية ويؤصل لدورات مالية متتالية داخلية تنعش القطاعات الاقتصادية كافة بما يرفع معدلات النمو ويخفض معدلات التضخم، ويجعل لنا مكانة عالمية مرموقة، مكانة قائمة على التبادل التجاري الحقيقي.
وكلنا يعلم أن بيئتنا الاستثمارية معقدة جدا حتى بات المثل القائل "للمستثمر الجنة" مثلا دارجا غير مستنكر، ومن أجل معالجة تلك التعقيدات وفك التشابك بين الجهات الحكومية أنشأت الحكومة الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية بهدف إيجاد بيئة عمل صحية جاذبة للاستثمار من أجل تحقيق نمو اقتصادي سريع ومستمر باستثمار عناصر القوة التي تتميز بها المملكة العربية السعودية باعتبارها المصدر الأهم للطاقة في العالم، وحلقة وصل رئيسة بين الشرق والغرب، وكلنا يعلم أن الهيئة فشلت فشلا كبيرا في تحقيق تلك الأهداف حتى رأيناها تتجه للخروج من هذا المأزق بالتوجه لمسار جديد تماما وهو تطوير المدن الاقتصادية والمعرفية، نعم بظني أن الهيئة فشلت أن تلعب دور المنسق القادر على تطوير التشريعات والأنظمة والإجراءات وتيسيرها ودمج المكرر وإلغاء غير الضروري من خلال التنسيق الفعال مع جميع الجهات الحكومية ذات الصلة بالبيئة الاستثمارية.
وعند الخوض في أسباب الفشل فإننا ندخل في تورا بورا ولا نخرج منها إلا بجدل لا يفضي لعمل، ولذلك فإني أتوجه في مقالي هذا إلى المؤسسات المالية ممثلة في وزارة المالية ومؤسسة النقد وهيئة السوق المالية لإيجاد آليات تمويل مناسبة للبيئة السعودية قادرة على تلبية احتياجات المفكر أو المستثمر السعودي لتحويل فكرة الأول إلى مشروع على أرض الواقع، ولتمكين الثاني من التطور والتوسع والنمو، أتوجه إلى هؤلاء لأن التمويل هو العصب الرئيسي في الاستثمار الإنتاجي، كما أتوجه لوزارة التجارة راغبا منها أن توجد آلية تمكنها من تطوير أنظمتها وإجراءاتها بما يتناسب وتطور القطاع الخاص ومتطلبات نموه وتنوعه بدلا من الوضع الحالي الذي يشير إلى عدم وجود تراخيص لأنواع كثيرة من الأنشطة التجارية، نعم لقد سمعنا الكثير ممن يريد أن يرخص لعمل تجاري في مجال معين ويفاجأ بأن هذا النوع من الترخيص غير موجود وعليه أن يرخص بشيء قريب له ويعمل من خلاله، وهذا شيء لا نرضاه لبلادنا ونحن في القرن الواحد والعشرين.
وختاما أتوجه لمجتمع الأعمال الأكثر مرونة والأكثر قدرة على الحركة والأكثر حماسا لاختلاف الدوافع، وأقول له كلنا أمل بأن تكون أكثر فاعلية في طرح المقترحات وبناء النماذج الناجحة وحث الجهات الحكومية المنظمة من خلال القنوات الكثيرة المتاحة التي تمكنكم من الوصول لخادم الحرمين الشريفين، أيده الله، بكل سهولة، أقول حثها على تطوير تشريعاتها وأنظمتها وإجراءتها بما يكفل لنا بيئة استثمارية محفزة تعزز قدراتنا الإنتاجية بما يمكننا من موازنة الإنتاج والاستهلاك الذي يشكل مصدر قلق كبير لكل من يدرك الآثار السلبية المترتبة على زيادة معدلات الاستهلاك على حساب الإنتاج.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي