هواجس عالمية من ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة
ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية بأكثر من التوقعات خلال شباط (فبراير) بمعدل 0.4 في المائة مقارنة ب 0.2 في المائة خلال كانون الثاني (يناير) وذلك نتيجة لارتفاع تكاليف التدفئة خلال شباط (فبراير)، الذي يعتبر الأكثر برودة خلال 12 عاماً إضافة إلى ارتفاع تكاليف الغذاء. وكانت التوقعات قد أشارت إلى احتمال ارتفاع المؤشر بمعدل 0.3 في المائة. وارتفعت أسعار الطاقة بمعدل 0.9 في المائة خلال شباط (فبراير) بعد انخفاض بمعدل 1.5 في المائة في كانون الثاني (يناير) بينما ارتفعت أسعار الغذاء بمعدل 0.9 في المائة. وبلغ المؤشر العام لأسعار المستهلكين خلال سنة 2.4 في المائة خلال شباط (فبراير) مقارنة بـ 2.1 في المائة خلال كانون الثاني (يناير) الماضي. في الوقت نفسه ارتفع الإنتاج الصناعي في الولايات المتحدة بمعدل 1 في المائة خلال شباط (فبراير) مقارنة بانخفاض بمعدل 0.3 في المائة خلال كانون الثاني (يناير). إضافة إلى ذلك ارتفعت نسبة الطاقة الإنتاجية المستغلة في القطاعات الإنتاجية المختلفة لتبلغ 82 في المائة وهو المعدل الأعلى خلال خمسة أشهر، مقابل 81.4 في المائة خلال كانون الثاني (يناير) الماضي.
ونتيجة لارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين فإن التوقعات تراجعت باحتمال خفض لأسعار الفائدة خلال اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل، حيث يتوقع أن يبقى الاحتياطي الفيدرالي على معدل سعر الفائدة عند 5.25 في المائة.
بالنسبة للأسواق المالية الأمريكية، فقد شهدت انخفاضاً شديداً خلال منتصف الأسبوع نتيجة للمخاوف المتعلقة بالقروض الأكثر مخاطرةSubprime Morgages، حيث انخفض مؤشر "داو جونز" يوم الثلاثاء الماضي بمعدل تجاوز 200 نقطة حيث بلغ 12075.96 نقطة. كذلك انخفض مؤشر "ستاندارد آند بورز" بمعدل 30 نقطة تقريباً يوم الثلاثاء الماضي ليغلق عند معدل 1377.95 نقطة. وكان الانخفاض في مؤشر "ناسداك" كبيراً يوم الثلاثاء الماضي حيث انخفض بمعدل تجاوز 50 نقطة عن إغلاقه في اليوم السابق، حيث أغلق في ذلك اليوم على 2350.57 نقطة. وأسهم في تعميق هذه المخاوف أن الكثير من صناديق التحوط تقترض من السوق اليابانية لانخفاض سعر الفائدة وتستثمر في السوق الأمريكية مما يحقق لها مكاسب كبيرة تتمثل في الفرق بين سعري الفائدة الأمريكية واليابانية، التي تبلغ 5 في المائة. ولكن أية زيادة في سعر العملة اليابانية سوف تؤدي إلى تخفيض هذه الأرباح نتيجة لخسارة التحويل بين الين والدولار. لذلك فإن صناديق التحوط تسارع إلى التخلص مما في حوزتها من الأصول عند التنبؤ بأي زيادة في سعر صرف الين مقابل الدولار، وهو الأمر الذي يعمق أي انخفاض في الأسواق المالية الأمريكية. وقد بلغ مؤشر "داو جونز" أدنى قيمة له خلال تداولات يوم الأربعاء حيث لم يرتد إلا بعد أن كسر حاجز 12000 نقطة ليبلغ 11939 نقطة ثم عاود الارتداد بعد ذلك. وكانت تصريحات آلان جرينسبان بشأن ألا خوف من تأثير قروض الإسكان الأكثر مخاطرة على القروض الإسكانية الأخرى شريطة عدم انخفاض أسعار المساكن قد ساهمت من ناحية في طمأنة السوق ومن ناحية أخرى في زيادة القلق، خصوصاً أن الشرط الذي أشار إليه جرينسبان وهو عدم انخفاض أسعار المساكن يبدو وشيك الحدوث حيث يعاني قطاع الإسكان في الولايات المتحدة كسادا متزايدا ويعد تجاوز هذه المرحلة من الكساد مفتاح الأمان للاقتصاد الأمريكي للخروج من حالة الكساد المحتملة. وقد عاودت جميع المؤشرات ارتفاعها منذ يوم الأربعاء ولكن تقارير التضخم التي صدرت يوم الجمعة عادت وأثرت في أداء الأسواق مرة أخرى حيث أقفل "داو جونز" يوم الجمعة على انخفاض بمعدل 0.41 في المائة ليقفل عند 12110.41 نقطة. كذلك أقفل "ستاندرد آند بورز" على انخفاض بمعدل 0.38 في المائة ليقفل على 1385.96 نقطة. وأخيراً أقفل "ناسداك" على انخفاض بمعدل 0.22 في المائة ليقفل على 2372.66 نقطة.
في اليابان انخفض مؤشر "نيكاي 225" للأسبوع الثالث على التوالي، حيث انخفض هذا الأسبوع بمعدل 2.5 في المائة وذلك نتيجة لأخبار صدرت عن زيادات أقل من المتوقع في الأجور في بعض الشركات الكبرى، الأمر الذي لن يؤدي إلى الدفع بالاستهلاك المحلي الذي يعاني ضعفا في اليابان. وكان مؤشر "نيكاي 225" قد افتتح الأسبوع على 17312.14 نقطة وأغلق في نهاية الأسبوع منخفضاً بقرابة 500 نقطة ليغلق على 16744.15 نقطة.
في الصين، أشار مسؤولون إلى أن التوسع الاقتصادي الذي تشهده الصين، الذي يمثل 10 في المائة من التوسع الاقتصادي العالمي غير مستقر وغير متوازن وذلك بسبب جذبه كثيرا من الاستثمارات الأجنبية وزيادة القروض من أجل تمويل عملية التوسع الإنتاجي المتزايد والذي سيؤدي في النهاية إلى تزايد في معدلات التضخم وهو الأمر الذي تشهده الصين حالياً. ولذلك يشير الكثير من المحللين إلى تزايد احتمال قيام البنك المركزي الصيني بزيادة أسعار الفائدة على اليوان وذلك من أجل إعادة التوازن إلى الميزان التجاري وإلى تهدئة التسارع والتزايد المحموم في الاستثمارات في زيادات الطاقات الإنتاجية. وكانت ضغوط غربية على الصين من أجل تقوية العملة الصينية لإعادة التوازن إلى الميزان التجاري مع كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية قد مورست خلال الفترة الأخيرة وحذرت من أن استمرار الصين في هذه السياسة سيؤدي إلى نتائج وخيمة على الاقتصادين الصيني والعالمي على حد سواء.
الأسواق الأوروبية تأثرت هي الأخرى بالمخاوف تجاه معدلات النمو الأمريكي وملامح التضخم، حيث انخفضت هي الأخرى هذا الأسبوع في مشهد مشابه تماماً لحال الأسواق الأمريكية، حيث انخفض مؤشر "داو جونز" الأوروبي يوم الإثنين الماضي بواقع 30 نقطة ليقفل على 3651.04. كما بلغ المؤشر أدنى قيمة له يوم الأربعاء لينخفض إلى مستوى 3504.87 نقطة بانخفاض بمعدل 170 نقطة من بداية الأسبوع. وأنهى المؤشر تعاملات الأسبوع على ارتداد إلى مستوى 3565.40 نقطة على الرغم من انخفاضه في تعاملات يوم الجمعة، التي قد تكون على أثر البيانات عن مستويات التضخم الأمريكي خلال شباط (فبراير).