رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الطحن الإعلامي للحلاوة كان من دون مواصفات أو مقاييس (2 من 2)

[email protected]

في الجزء الأول من المقالة استعرضت عدم وضوح مهام الجهات الخدمية للمواطن وكيف أن إعلامنا أسهم مع هذه الجهات في كثافة الضبابية, لذلك فإن أمامه الكثير ليكون النافذة الكبرى على ساحة التوعية والإرشاد. في هذا السياق، قد أضم صوتي إلى الذين ينادون إعلامنا بالتخصصية عند العرض مثلا, فالمحرر أو الكاتب أو الصحافي قد تكون له وجهة نظر وله الحق في نشرها ولكن لأنها توعوية أو إرشادية أو تعليمية في تخصصات مثل الطب أو الهندسة أو الفلك أو غيرها من العلوم فيفضل تنقيحها من قبل أهل الاختصاص قبل النشر أو تركها لهم لنشرها حسب مواصفاتهم ومقاييسهم. ففي المواضيع الحساسة التي تهم المستهلكين وبالذات الصحية، نحتاج فعلا إلى البعد عن الغموض وتوظيف أساليب الإثارة ومحاولة الاشتهار على حساب الطحينية والجبنة والزيتون, لأن المصاب الحقيقي هو المستهلك والمتأثر الأكبر هي الحركة الاقتصادية, وما سيتزعزع هو ثقة المواطن بالجهات الخدمية وأعمالها وهي في طريقها إلى التصحيح. لقد طالبنا كلنا بتفعيل دور حماية المستهلك من جشع بعض التجار لئلا يكون المستهلِكُ مُستهلَكاً, وقد نطالب بمقارنتنا بأوروبا وأمريكا وفرض عقوبات لا قبل لها للمحافظة على حقوق الفرد وصحته وسلامة المنتج, وقد نميل إلى المطالبة بالتشهير بمثل هذه القضايا, ولكن كل هذه المطالب في حد ذاتها تحديات كبيرة أمام الإصلاح. وما زال بناء هذه القضايا غير مكتمل, في ظل انعدام اللوائح أو ضعف آلية التنفيذ, كما تحكمنا العاطفة كثيرا في تقديراتنا لحجم المشكلة. وبما أن الشفافية مازالت ضبابية فالتشهير لا يخدم سوقنا الناشئة ومجتمعنا الشاب الصاعد وبالتالي ليس لنا في هذه المرحلة سوى تكثيف هذه الورش الإصلاحية وفي كل قطاع وعلى كل المستويات للوصول فعلا إلى حماية النزاهة ونبذ الفساد وتشكيل مجتمع مبني على الثقة وتحمل المسؤولية.
لئلا يزداد الطحين فيطول منتجات أخرى, أعتقد أنه قد آن الأوان لطرح الحلول العملية, وأن يوكل التنفيذ لجهات الاختصاص خلال فترة زمنية محددة, مستفيدين من الإعلام كمُوجّه للمرجعية في كل قضية لا مشتت لأذهان البشرية, وليتناول المواضيع بمثالية على الأقل في المرحلة الحالية. من الممكن أن يتم التعامل مع الموضوع كالتالي:
أن يدعى لعقد اجتماع طارئ بين أصحاب المعالي وزراء الوزارات ورؤساء الهيئات ذات العلاقة مثل: وزارة الزراعة, وزارة الصحة, وزارة التجارة والصناعة, وزارة الشؤون البلدية والقروية, الهيئة العامة للغذاء والدواء, الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس، وأعضاء مجلس الشورى لوضع حلول علمية وعملية لمشكلة الأغذية واستخدام المسرطنات أو المواد الكيماوية المختلفة في تصنيعها وتقنين ذلك سواء على المستوردة منها أو المصنعة محليا, ومن ثم إحالة الموضوع برمته إلى هيئة الغذاء والدواء التي هي الأخرى مطالبة بالانتهاء من استكمال بناها الأساسية وإجراءاتها العملية للبدء في سن القوانين والنظم الخاصة بسلامة الغذاء والدواء ومراقبة كل ما يقع في اختصاصها.
إعداد مذكرة تتضمن القرارات المناسبة فيما يتعلق بدور كل وزارة والمسؤول عن التنفيذ في كل مرحلة عملية وزمنية, مع وضع برنامج تقويم الأداء بالتنسيق مع الهيئتين (المواصفات والمقاييس والغذاء والدواء)، ورفع المذكرة لإقرارها من قبل مجلس الوزراء للتشديد على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وبالآلية المقترحة المقدمة مع المذكرة.
تقوم وزارة التجارة وهيئة المواصفات والمقاييس وهيئة الغذاء والدواء بوضع آلية تحديث قانون حماية المستهلك لجميع السلع بما فيها الأدوية وتشكيل إدارة - ولا أقول لجنة لعدم تحمسي لكثرة الهيئات واللجان غير المنتجة ولأسباب أخرى لا يسع المقام لذكرها - متخصصة في وزارة التجارة لحماية المستهلك عوضا عن الهيئات أو اللجان المؤقتة التي تتبدد جهودها بتفرق أعضائها أو لا تتحمل نتائج اجتهاداتها الخاطئة.
إعلان القرارات وخطط العمل ونشرها في المواقع الإلكترونية للوزارات المعنية ووسائط الإعلام المختلفة وتعمم على الغرف التجارية لتقوم بدورها في هذا الخصوص.
تضمين هذه المذكرة توجيه رسالة تحذير أيضا لكل المخالفين للوائح ونظم تصنيع المواد الغذائية وتغليف المنتجات الاستهلاكية مع الاهتمام بوضوح مكونات ومحتويات السلعة وتاريخ الصلاحية عليها حسب الأصول الدولية.
تقوم وزارة التجارة بتشكيل لجان للتقويم وضمان الجودة والالتزام بأداء المهام حسب الاختصاص مع إعداد تقارير بذلك تطلع عليها الهيئتان.
يتم في هذا الاجتماع دراسة ضم المختبرات والمعامل التابعة للأمانات والأخرى التابعة لهيئة المواصفات والمقاييس إضافة إلى مختبر الجودة المركزي الخاصة بتحليل المواد الغذائية لتكون تحت مظلة هيئة الغذاء والدواء بهدف توحيد الإجراءات والمرجعية.
لئلا نتلاقى مع المشاكل "بالصدفة", لابد من وضع استراتيجيات والعمل بخطط تنفيذية ممرحلة من الآن فصاعدا. فلا نريد سحب منتج وترك آخر فكفانا استغلال البعض للظروف ورفع الأسعار, أو اختراق الأنظمة من دون أن يكون هناك رادع أو قوانين محدثة تتواكب ومتطلبات الظروف في عصرنا الحاضر.
وأخيرا لنتبنى الاعتماد على البحوث والدراسات قبل إقرار النظم وإصدار القرارات, وليتنا نشحذ الهمم بتحديث اللوائح والقوانين كافة فها هي التجاوزات والاختراقات بدأت تهدد حياة المواطن ولم نجد حلا يئد الضجة قبل أن يصل صداها إلى العالم. وإذا ما كنا نضع الإنسان محور التنمية فإن عدم الإسراع في التوجه نحو التصحيح سيعطل تنميتنا حتى إشعار آخر, والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي