رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أرامكو الأمريكية والمتغيرات الوطنية

[email protected]

لست بحاجة إلى أن أكيل المديح لشركة أرامكو، تلك العاصفة المدوية التي لا تهدأ ولا تمل من تدوين إنجازات رجالها ونسائها في أكثر المصانع المحلية والعالمية تعقيدا، أو تمد يد الخير فتطرح البسمة على شفاه الأطفال في الظهران أو هيوستن كأم حنون. وعلى الرغم من تصاعد بعض الأصوات عن "التغير" في أداء الشركة بسبب انتقال ملكيتها وإدارتها من الشركات الأمريكية المتطورة إلى الإدارة الوطنية "المتخلفة"، إلا أن معظم الدلائل تشير إلى أن الإدارة الوطنية لشركة أرامكو السعودية لا تقل كفاءة اليوم عن طريقة أدائها عندما كانت تُدار بأسلوب "أرامكو" الأمريكية.
وتزف إلينا "أرامكو" الوطنية أخيرا كتاباً باللغة الإنجليزية – ولعله يُتَرجَم للعربية - يضم صورا ومعلومات عن مسيرة الاستكشافات النفطية ابتداء من توقيع أول اتفاقية للزيت حتى عصر الثورة التقنية. الكتاب يشمل صورا للمستكشفين القدامى من السعوديين والجيولوجيين الأجانب الذين نقلوا الخبرة والمعرفة إلى أبناء وبنات الوطن، وكيف أن هؤلاء المستكشفين السعوديين والأجانب تمكنوا جنباً إلى جنب تارة وعلى ارتفاعات مختلفة تارة أخرى من تخطي الصعوبات التي كانت تواجههم وحققوا النجاح في جلب النفط من الصحراء والتغلب على تحديات قسوة المناخ الصحراوي والظروف الاجتماعية ونقص المعدات والخامات الضرورية الأخرى.
ليست "أرامكو" الوطنية بحاجة إلى الإطراء وهي ترعى حفل هذا العام لجمعية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في الرياض الذي شارك فيه أكثر من 450 طفلا وطفلة إلى جانب أمهاتهم ومعلماتهم وعدد من الطلاب والطالبات ذوي الإعاقة. الحفل تضمن العديد من النشاطات والبرامج الثقافية والترفيهية السعودية بامتياز منها مسرحية للأطفال وأركان التلوين ومسابقات رياضية بمشاركة الأمهات والأطفال ولعل هذه الظاهرة تنتشر على مستوى الوطن. وتستمر أرامكو الوطنية بالعمل بصمت يُسمع صداه على بعد آلاف الأميال، فها هي اليوم تنفذ خطة زيادة إنتاج الزيت الخام السعودي وتوسعة معمل معالجة مياه البحر في القرية القريبة من بقيق إضافة ملايين البراميل إلى طاقة المعمل الحالية. باكتمال مشروع التوسعة سيكون معمل القرية السعودي أكبر معمل معالجة مياه بحر في العالم لاستخلاص الزيت السعودي بأياد سعودية.
وهاهي "أرامكو" الوطنية اليوم تفند أقاويل بعض المشككين في الإعلام الغربي وتستمر في إمداد العالم بالنفط من أقصاه إلى أقصاه بل وتتعهد برفع طاقتها الإنتاجية "السعودية" خلال السنوات المقبلة، مما يستبعد فرضية الاقتراب من ذروة الإنتاج النفطي في الحقول السعودية التي لا تزال تعطي بحمد الله ومعظمها يتدفق بقوة الضغط الذاتي تماماً كعطاء أبنائها وبناتها المخلصين وخاصة هؤلاء الذين توليهم الشركة رعايتها الخاصة.
وتشدني الذكريات إلى الوقت الذي كانت فيه الأحساء قبل عقود أرضاً خصبة هاجر أبناؤها من العمل الصعب في المزارع إلى العمل الشاق في شركة أرامكو الأمريكية في الظهران. المواطن الذي عمل في "أرامكو" تملك اليوم منزلاً ووفر مستقبلا لأبنائه وحصل على عوائد مجزية بعد التقاعد بل وامتلك مؤسسة أو شركة. وهاهي الشركة الوطنية تزف إنجازاً سعودياً ناجحاً آخر فيقوم أحد طياري "أرامكو" السعوديين شهاب علي رضا بأداء عرض جوي فريد حول نافورة كورنيش جدة كأول حدث من نوعه في تاريخ مدينة جدة. شهاب يعمل طياراً محترفاً في أسطول "أرامكو" الوطنية وقد اجتاز الاختبارات القاسية والصعبة ليكون أول طيار عربي يتم اختياره ضمن 18 طيارا المسجلين في السباق. ولعل الشركة تنجح في بناء كادر طيارين أكفاء بعد رحيل وتقاعد الجيد منهم.
وكما أن الكثير من حقول النفط في العالم إنتاجاً قيد الإنتاج منذ عقود عدة مما يتطلب المزيد من الاهتمام بهذه الحقول وتوظيف تقنيات جديدة كي تستمر في الإنتاج، كذلك فإن "أرامكو" الأم تهتم بأبنائها وبناتها وبدرجات مختلفة لتشجيعهم على الإنتاج والتميز الانتقائي والإبداع. وكما تستثمر الشركة في أعمال البحوث العلمية والتقنية الحديثة، فهي كذلك تستثمر في تطوير معظم أبناء وبنات هذا الوطن الكبير للمشاركة في التنمية الوطنية الشاملة. وكما أنه ليس ذنب المطر أن التراب تحوّل إلى وحل ولم يصبح غابة، كذلك ليس ذنب "أرامكو" أن من ارتوى وترعرع بفضل هذا الغيث لن يوجه سهامه ضد من نشأ في كنفها وأكل من خيراتها، لمجرد تغيير اسمها واستبدال ألوان طيفها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي