اقتصاد الاتحاد الأوروبي.. بين حلم التحرير وكابوس الركود
عندما قاد الرئيس الأسبق للمفوضية الأوروبية جاك ديلور حركة تحويل الاتحاد إلى منطقة تجارة حرة تماما عام 1992 بحيث يمكن للسلع والخدمات والأشخاص التحرك بحرية كاملة عبر الحدود الوطنية لدول الاتحاد كان ذلك بمثابة تدشين لقوة الاتحاد الأوروبي على المسرح الدولي.
في الوقت نفسه فإن هذا التحرك الأوروبي أثار قلق صناع السياسة في الولايات المتحدة والدول الآسيوية من استيقاظ القوة الاقتصادية الأوروبية التي كانت قد غفت في وقت من الأوقات.
وبعد عشر سنوات من إقامة منطقة التجارة الحرة الأوروبية بصورتها الحالية ظهرت العملة الأوروبية الموحدة عام 2002 التي تتعامل بها حاليا 13 دولة من دول الاتحاد بعد أن تخلت تلك الدول عن عملاتها المحلية.
وقد كان إطلاق اليورو كعملة رسمية لعدد كبير من دول الاتحاد الأوروبي منذ خمس سنوات تقريبا خطوة هائلة في طريق الوحدة الاقتصادية الشاملة، التي وصلت إلى حد التخلي عن واحد من أهم مقومات الدولة الحديثة وهو العملة الوطنية واستقلال السياسة النقدية.
وبعد هذه المسيرة الطويلة يبدو اليوم الاقتصاد الأوروبي في حالة سيئة وربما كانت مخيبة للآمال.
فقد فشلت الحكومات الأوروبية في الوفاء بالتزاماتها بشأن تفكيك الكيانات الاقتصادية الضخمة التي تحتكر الأسواق وكذلك بشأن تحرير اقتصاداتها وفتح أسواقها أمام المنافسة الكاملة بين الشركات عبر الحدود الأوروبية، وهي الالتزامات التي تعهدت بها عام 2002 تحت اسم "خطة عمل لشبونة" نسبة إلى العاصمة البرتغالية لشبونة، التي شهدت اجتماع قمة أوروبا في ذلك الوقت لإقرار الخطة.
وكان الهدف الرئيسي المعلن لتلك الخطة هو تحويل اقتصاد الاتحاد الأوروبي إلى أكثر اقتصادات العالم ديناميكية بحلول 2010.
ورغم اقتراب الموعد النهائي فمازالت أوضاع الاقتصاد الأوروبي تشير إلى الابتعاد الشديد عن تحقيق الهدف.
ورغم أن الاقتصادات الأوروبية حققت خلال العام الماضي انتعاشا ملحوظا في أعقاب سنوات عديدة من الركود الشديد فمازال أداء الاقتصاد الاوروبي بشكل عام ضعيفا حيث مازال الاقتصادان الأمريكي والياباني يسبقانه سواء فيما يتعلق بمعدلات النمو أو بالقدرة على توفير المزيد من الوظائف الجديدة.
في الوقت نفسه فإن كل رجال السياسة والاقتصاد في أوروبا يشعرون بقلق بالغ تجاه الصعود الاقتصادي السريع لكل من الصين والهند باعتبارهم على الطريق للتحول إلى قوتين اقتصاديتين عالميتين.