مشروع وطني لتربية وإنتاج الأغنام المحلية في البادية ورعايتها بيطريا

مشروع وطني لتربية وإنتاج الأغنام المحلية في البادية ورعايتها بيطريا

كشفت لـ "الاقتصادية" مصادر مطلعة أن الجهات المختصة ممثلة في وزارة الزراعة شرعت بالفعل في دراسة اقتراح دعم مربي الماشية سواء قروض البنك الزراعي أو أي دعم آخر، في مسعى لمواجهة أي ارتفاعات محتملة في أسعارها، وتوفير قدر كاف من اللحوم التي تستهلك بشكل كبير في البلاد. وكشفت دراسات معمقة ناقشتها الوزارة أن أسلوب التربية والإنتاج المكثف في الحظائر غير مجد اقتصاديا ولا يغطي تكاليفه، وأن التربية والتسمين يجب أن تتما أساسا على المراعي وعلى مخلفات المحاصيل الحقلية.
وطالبت الدراسة التي أجرتها الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية (أكوليد)، و حصلت "الاقتصادية" على نسخة منها بضروة (وجوب) الاهتمام بقطاع تربية وإنتاج الأغنام التقليدي القائم على الرعي والتغذية بالمنتجات الثانوية ومخلفات المحاصيل الحقلية والأعلاف غير التقليدية التي تدخل في تركيبها مخلفات النخيل والتمور ومخلفات التصنيع الغذائي، وتبني برنامج وطني لتنمية ورعاية الأغنام المحلية في البادية والاهتمام بالرعاية البيطرية لقطعانها.
يشار إلى أن "الاقتصادية" أشارت خلال الأسابيع الماضية إلى أهمية دعم مربي الماشية بقروض من البنك الزراعي وطرحت هذا الاقتراح على طاولة إدارة البنك الجديدة.
وفي هذا الإطار، قالت المصادر إن اجتماعا عقد برئاسة الدكتور فهد بن عبد الرحمن بالغنيم وزير الزراعة وحضره مجموعة من المستثمرين في مجال مشاريع تربية وتسمين الأغنام في المملكة، إضافة إلى عدد من الخبراء من كل من وزارة الزراعة والشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية (أكوليد) وجهات أخرى متعددة، وذلك بهدف التشاور وتبادل وجهات النظر حول الأوضاع الراهنة إلى مشاريع تربية وتسمين الأغنام.
وتمحور الاجتماع حول مشكلات التغذية في مشروعات تربية وتسمين الأغنام التي تشكل ما بين 65 إلى 70 في المائة من تكاليف الإنتاج، وقد طالب الحضور بضرورة زيادة دعم الدولة هذه المشاريع، كما طالب البعض بضرورة إحلال الأعلاف المصنعة ودعمها بدلا من الاعتماد على الشعير. كما ناقش مشكلات المياه من حيث مدى توافرها وجودتها لزراعة أعلاف الأغنام.
وفي الاجتماع بيّن الخبراء أن أسلوب التربية والإنتاج المكثف في الحظائر غير مجد اقتصاديا ولا يغطي تكاليفه، وأن التربية والتسمين يجب أن تتم أساسا على المراعي وعلى مخلفات المحاصيل الحقلية، وطالب البعض بترشيد وتنظيم استيراد الأغنام مخافة دخول أمراض من الخارج معها.
وتطرق الخبراء إلى انخفاض الكفاءة التناسلية والخصوبة وانخفاض معدل التحويل الغذائي في القطعان لأسباب بيطرية وإدارية وتمويلية مختلفة، وضرورة التهجين ودعم مراكز الأبحاث، وتبني الحكومة برامج الرعاية البيطرية بتوفير الأدوية واللقاحات لقطعان الأغنام، وإلى كثرة المشكلات التي تتعرض لها مشاريع الأغنام في المملكة سواء المشكلات البيطرية أو الأدوية التي ترجع إلى عدم كفاءة الإدارة ونقص الخبرات في إدارة تلك المشاريع واحتياج العاملين بها إلى التدريب واكتساب الخبرات، إضافة إلى المشكلات التسويقية من حيث ارتفاع تكاليف الإنتاج ومنافسة المستورد وضعف البنية التسويقية.
من جانبه، أشار الدكتور عبد الله بن ثنيان الثنيان مدير عام الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية (أكوليد) إلى الخبرات المتراكمة للشركة العربية في هذا المجال حيث كانت الشركة سبَّاقة في إنشاء وإدارة مشاريع حديثة لتربية وتسمين الأغنام في كل من سورية، العراق، والسودان كما قامت بإعداد أكثر من 20 دراسة للمستثمرين في هذا المجال، إضافة إلى خبرات ودراسات عديدة في مجالات إنتاج الأعلاف سواء الخضراء أو المصنعة أو غير التقليدية ودراسات أخرى في مجالات إنتاج الأدوية واللقاحات البيطرية، وتسويق منتجات مشاريع الثروة الحيوانية.
وأضاف الثنيان أن الوحدة الاستشارية للشركة العربية أعدت دراسة تفصيلية عن الأوضاع الراهنة ومشكلات مشاريع تربية وتسمين الأغنام، وأن هذه الدراسة الميدانية تناولت أكثر من 70 في المائة من مشاريع الأغنام في المملكة، وخرجت بحصر لجميع المشكلات التي تواجه تلك المشاريع وقدمت حلولا لأهم هذه المشكلات. وتعتبر هذه الدراسة من المراجع الأساسية للعاملين في هذا المجال وهي إحدى الدراسات المتميزة التي قامت بإعدادها الوحدة الاستشارية لـ (أكوليد) لصالح البنك الزراعي.
وقال الدكتور الثنيان إن مجال تربية وتسمين الأغنام ينقسم إلى قطاعين رئيسين هما: قطاع التربية والتسمين التقليدي ويعتمد أساسا على تربية الأغنام المحلية، ويرتبط بالمعطيات الطبيعية للمراعي في المملكة، و القطاع الاستثماري ويتكون من مشاريع للتربية والتسمين أغلبها داخل حظائر ويعتمد البعض منها في التغذية على بقايا ومخلفات المحاصيل الحقلية ومخلفات التصنيع الغذائي.
وبين أن كل قطاع من هذين القطاعين يتعرض إلى مشكلات تختلف في طبيعتها وطرق حلها عن القطاع الآخر. ولذا يجب معالجة مشكلات كل قطاع على حدة. فمشكلات قطعان البادية التي تشكل الجزء الأكبر من تعداد الأغنام في المملكة حيث تزيد على ثمانية ملايين رأس، تختلف عن مشكلات أغنام البادية الأقل تعريضا للأمراض عكس أغنام المشاريع الاستثمارية التي عادة ما تستورد أغنامها ومعها أمراض مستجلبة للموقع وتحتاج إلى رعاية بيطرية خاصة ورش وتطهير وتطعيم دوري وخبرات خاصة.
وأكد الدكتور الثنيان وجوب الاهتمام بقطاع تربية وإنتاج الأغنام التقليدي القائم على الرعي والتغذية بالمنتجات الثانوية ومخلفات المحاصيل الحقلية والأعلاف غير التقليدية التي يدخل في تركيبها مخلفات النخيل والتمور ومخلفات التصنيع الغذائي.
كما يجب تبني برنامج قومي لتنمية ورعاية الأغنام المحلية في البادية والاهتمام بالرعاية البيطرية لقطعانها، مشيدا بالسياسة الرشيدة لحكومة المملكة في رفع دعم الشعير بمعدل 100 في المائة من 250 ريالاً إلى 500 ريال للطن تخفيفا عن كاهل المربين والمنتجين وتشجيعا لهم.
أمام بالنسبة إلى المشاريع الاستثمارية في تربية وتسمين الأغنام فقد أوضح الدكتور الثنيان أن الخبرات العملية والدراسات التي أعدتها الشركة العربية ووحدتها الاستشارية ودراسات وخبرات البنك الزراعي في هذا المجال بينت أن البيئة السعودية ليس لها ميزة نسبية بالنسبة إلى مشاريع تربية وتسمين الأغنام ويأتي ذلك في المقام الأول إلى طبيعة الموارد الزراعية الشحيحة، وتمشيا مع سياسة الدولة في ترشيد استخدام الموارد الزراعية الشحيحة فقد أوقف البنك الزراعي منذ فترة طويلة قروض مشاريع الأغنام وذلك في معظم مناطق المملكة لعدم جدواها، وحصر مشاريع الأغنام في مناطق محدودة مثل منطقتي الجوف ووادي الدواسر.
كما بيّن أن مشاريع تربية وتسمين الأغنام تتعرض إلى مشكلات مختلفة بعضها متعلق بالمشروع ذاته نتيجة عدم توافر أراض لزراعة الأعلاف أو مشكلات مياه الري والشرب أو مشكلات إدارة المشروع وتعثره. إضافة إلى أن هناك مشاريع متعثرة لأسباب خارجة عن إرادة المستثمر نفسه مثل مشكلات انحباس الأمطار في بعض السنوات.

الأكثر قراءة