رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


طواحين عمل المرأة (3 من 3)

إن وظيفة المرأة الأولى هي أن تكون أما وقبل ذلك زوجة صالحة وأي وظيفة أخرى تمنعها من القيام بهذا الدور لا تفيد الوطن. ولكن إذا احتاجت إلى الوظيفة أو لديها من علم أو مال وتستطيع أن تقوم بالدورين معا فهذا زيادة في الخير. لن يكون هناك شخص يستطيع أن يعوض حنان الأم وتربيتها لأولادها. وأستغرب من الذين يحصون العاملات ولا يدخلون المتزوجات العاملات على تربية أولادهن في أهم وظيفة في الوطن وأكثرها عددا. إنني أتمنى اعترافا منا بدور هذه الزوجة العاملة في منزلها أن تقدم لها الدولة مكافأة رمزية سنوية اعترافا منها بوظيفتها الأولى "ربة بيت".
ليس العمل في المحال التجارية الكبيرة هو المجال الوحيد لعمل المرأة. ولنتصور آلاف الملايين التي سنوفرها بعمل المرأة إحلالا لبعض العمالة الوافدة في المعارض التجارية الكبيرة للبيع للجميع، ولو سمحنا لزوجات العاملين الوافدات مع أزواجهن في العمل المؤقت أو الدائم فسوف نقلل أيضا من عدد الوافدين الرجال.
هناك مجالات لا تجبر المرأة على الخروج من بيتها للعمل وذلك بالعمل عن بعد وهذا مجالاته كثيرة ولكن نحتاج إلى التدريب والتقنين، ولقد ضمن نظام العمل مواد خاصة لعمل المرأة وضمان حقوقها كأم عاملة لدى الغير، ولكن علينا تشجيع عمل المرأة خصوصا العمل بالساعات، فإنه يعطي فرصة أكبر للمرأة للمشاركة في سوق العمل، حيث تعمل نصف دوام أو ثلاثة أيام في الأسبوع بانتظام على أساس الورديات وفي الأوقات التي لا تتعارض مع مهماتها الأخرى إذا كانت متزوجة أو لديها أطفال.
قد يمانع اليوم البعض من عمل المرأة ولكن سنضطر غدا إلى فرض سياسة الإحلال لتقليص عدد الوافدين لارتفاع أجورهم واستنفاد أموالنا مع زيادة العاطلين والعاطلات من المواطنين وعدم قدرة الدولة على الصرف عليهم أو توظيفهم مع ارتفاع تكاليف المعيشة وسنكون عندئذ في ورطة صعبة الحل مع انتشار الفساد وغيره من المشكلات الاجتماعية نتيجة الفراغ والبطالة والإدمان. كم سنستفيد من ضخ آلاف الملايين من الريالات في سوقنا السعودية وإعادة تدويرها بعد تشغيل المرأة السعودية وستزداد سنة بعد أخرى. هل سيمتنع الشبان والشابات عن الزواج لارتفاع تكاليف المعيشة ويبقون دون عمل، أو يعمل الشاب ودخله لا يكفي عائلة فيبقى أعزب دون إحصان؟
علينا السعي إلى تفعيل وترشيد أجهزة المحافظة على الآداب في الدولة كالهيئة والشرطة والارتقاء بهم ومحاسبتهم وتوظيف كوادر نسائية فيهما لتقوم بواجبها في الأسواق وغيرها، وهذا أيضا من توظيف المرأة، لرفع الشكوى ضد كل من يتعرض لهن بالإيذاء والتحرش والمعاكسة والمطاردة، وليس للمرأة العاملة فقط بل لكل امرأة خارج دارها أو في عملها، وما يجري الآن يخجلنا جميعا وليس من شيمنا ولا ديننا.
كذلك استحداث مكاتب في وزارة العمل تقوم من خلالها الموظفات برفع شكواهن أثناء العمل وكذلك للشكوى ضد من تخل بضوابط العمل من النساء العاملات وألا تكون هذه المكاتب مجردة من محتواها بل لا بد أن تكون فعالة وساهرة على آداب المجتمع وسلامته من الفساد.
لا يفرق نظام العمل لعام 1426هـ بين النساء والرجال في الحقوق والواجبات وشروط الخدمة، إلا أن هذا النظام خص المرأة بأكثر من تسع مواد في الباب التاسع لتوفير المزيد من الحماية لها ويمكنها من أداء دورها كأم وربة أسرة، ومنها منع تشغيل المرأة في الأعمال الخطرة وحظر تشغيلها ليلا وتحديد إجازة الوضع وحساب الأجر أثناء إجازة الوضع والرعاية الطبية أثناء الحمل وفترات الاستراحة لإرضاع الطفل وحظر الفصل أثناء إجازة الوضع أو أثناء مرض الحمل وحظر قيام المرأة بالعمل لصاحب عمل آخر أثناء إجازة الوضع مع توفير مقاعد لتأمين استراحة للعاملات ومن لديه 50 عاملة فأكثر أن يهيئ مكانا يتوافر فيه العدد الكافي من المربيات لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات، وذلك إذا بلغ عدد الأطفال عشرة فأكثر. كما تستحق العاملة مكافأة نهاية الخدمة كاملة إذا أنهت العقد خلال ستة أشهر من تاريخ عقد زواجها أو ثلاثة أشهر من تاريخ وضعها. وبخروج المرأة للعمل الفعلي سنجد أن بعض هذه المواد قد تحتاج إلى تطوير لتوفر السلامة والراحة والأمان والعدل للمرأة العاملة.
لندرس عمل المرأة المسلمة في بعض البلدان الإسلامية المحافظة على الحجاب مع قيامها بأعمالها وليكن هدفنا اختيار ما هو مناسب لنا دون وضع قرارات تمنع عمل المرأة في حقيقتها ودون أن يكون هدفنا انسلاخنا اليوم أو غدا من ديننا بل المحافظة عليه، وضرب المثل للعالم أن المرأة تعمل سواء في دارها أو خارجها دون تركها تعاليم دينها، كما أثبتت البنوك الإسلامية نجاحها ومنافستها للبنوك الربوية العالمية. علينا أن نتذكر أننا في أرض الحرمين الشريفين التي شرفنا الله أن نكون من أهلها، لذلك علينا مسؤولية خاصة ويجب أن نكون قدوة صالحة للعالم الإسلامي. لنعطي المرأة ووليها حق حرية اختيار العمل المناسب لها دون رفض ومنع وإجبار، وهما صاحبا القرار ولنهيئ لها ونهيئها لذلك. إن ما يجري الآن ما هو إلا طواحين فارغة لا تحقق للوطن الاستفادة القصوى من قدرات المرأة في المملكة ولا ينتج عنها إلا الفتات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي