"أوبك" تتصدر الواجهة مع نمو الطلب وتراجع الإمدادات من خارجها
ما بين استمرار النمو في الطلب على النفط، وعودة العامل الجيوسياسي إلى البروز مرة أخرى، وتحجيم الزيادة في الإمدادات من خارج منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك)، يبدو أن معدلات الأسعار قد تجاوزت النطاق الذي استقرت عليه خلال الأسابيع القليلة الماضية بين 55 و60 دولارا، للبرميل وتتجه إلى تجاوز الحاجز النفسي عند 63 دولارا للبرميل، الأمر الذي يرشح الاجتماع المقبل لـ "أوبك" منتصف هذا الشهر ليعود إلى أسلوب مراقبة السوق وعدم اللجوء إلى عامل خفض الإنتاج عبر استكمال ما طالب به اجتماعيا الدوحة وأبوجا، من خفض نحو مليوني برميل يوميا، إذ يعتقد أنه تم خفض مليون ونصف المليون برميل حتى الآن.
ووفقا لتقرير من "سوسيتيه جنرال" الفرنسية بثته منتصف الشهر الماضي، فإن السوق فيما يبدو وجدت راحتها واستقرارها عند معدل 55 إلى 60 دولارا للبرميل كأرضية تتحرك عليها، وأن احتياجات قطاع المواصلات من المنتجات المكررة ستلعب دورا رئيسيا خلال الفترة المقبلة، خاصة مع قرب موسم قيادة السيارات، مثل الدور الذي لعبه زيت التدفئة خلال فصل الشتاء كعامل دفع وتحريك لسعر البرميل إلى أعلى أو أسفل وفق تأرجح الطلب الموسمي.
استمرار الطلب القوي على النفط الخام هو الملمح الرئيسي للتقارير الخاصة بتوقعات السوق بسبب استمرار الانتعاش الاقتصادي. فالوكالة الدولية للطاقة أوضحت في تقريرها الشهري الدوري الأخير أن الطلب المتوقع لهذا العام سيبلغ مليون ونصف المليون برميل، بزيادة 100 ألف برميل يوميا عن توقعاتها في تقريرها السابق الصادر في كانون الثاني (يناير) الماضي، ويتضح من صورة هذا الطلب القوي أن الربع الأخير من العام الماضي شهد نموا في حدود 1.3 مليون برميل يوميا زيادة عما شهده الربع الأخير من عام 2005.
النمو في الطلب الصيني لا يزال يلعب دورا رئيسيا يبلغ في بعض الأحيان ثلث حجم النمو الطبيعي في الطلب. وتشير الأرقام التي تمت مراجعتها إلى أن حجم الاستهلاك الصيني من النفط بلغ العام الماضي 7.1 مليون برميل يوميا، ويتوقع له أن يرتفع هذا العام بنحو نصف مليون برميل أخرى.
وتهتم الصناعة النفطية بمراقبة خطوات الصين لاستكمال الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لديها الذي يحتوي على 25 مليون برميل في الوقت الحالي، تمثل نحو 75 في المائة من الطاقة المصممة للمخزونات القائمة في الوقت الحالي، ويعتقد أن البقية سيتم ملؤها هذا العام والعام المقبل من خلال ثلاثة مخازن سيتم إنشاؤها بطاقة تقارب 70 مليون برميل.
ومع أن دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي شهدت تراجعا في حجم استهلاكها النفطي لأول مرة منذ عام 1985، فيما يبدو كرد فعل على أسعار النفط العالية، إلا أن ذلك لم يؤثر على الاتجاه العام لتصاعد الطلب على النفط الخام.
وفيما يتعلق بالإمدادات، فإن كانون الثاني (يناير) الماضي شهد زيادة من قبل المنتجين بلغت 175 ألف برميل يوميا، الأمر الذي رفع حجم السوق إلى 85.5 مليون برميل يوميا، كان نصيب "أوبك" منها 30.2 مليون بعد حساب إمدادات العضو الجديد، وهو أنجولا، بإنتاجها اليومي الذي يبلغ مليون ونصف المليون برميل يوميا.
وتشير الأرقام المتوافرة إلى وجود طاقة إنتاجية فائضة في حدود مليونين ونصف المليون برميل يوميا لدى الأعضاء في المنظمة في الوقت الحالي، ويعود ذلك من ناحية إلى أن إنتاج الدول العشر الأعضاء في المنظمة الذين يتقيدون بحصص إنتاجية معينة سجل تراجعا في حدود 100 ألف برميل يوميا ليكون إنتاجها الإجمالي 27 مليون برميل، إضافة إلى استمرار برامج التوسعة أو تطوير حقول جديدة.
إدارة معلومات الطاقة الأمريكية من جانبها قامت بتعديل توقعاتها بالنسبة للطلب ورفعه إلى 1.7 مليون برميل يوميا هذا العام تزيد 100 ألف برميل يوميا للعام المقبل، وذلك مقابل 1.5 مليون برميل في تقاريرها السابقة.
ورغم أن المنتجين من خارج "أوبك" سيشهدون إنتاجهم يتصاعد بزيادة مليون برميل إضافية يوميا هذا العام يضاف إليها 100 ألف أخرى العام المقبل، مقارنة بزيادة سنوية بلغت 400 ألف برميل يوميا العام الماضي، إلا أن هذه الزيادة تظل أقل مما تحتاج إليه السوق، الأمر الذي يضع عبئا أكبر على "أوبك" بحسب طاقتها الإنتاجية الفائضة ومخزونها الكبير من الاحتياطيات النفطية المؤكدة.
المركز الدولي لدراسات الطاقة، الذي أسسه وزير النفط السعودي الأسبق أحمد زكي يماني في لندن، تفرد بالطلب من "أوبك" التخلي عن استراتيجية تقليص الإنتاج السائدة والعودة إلى ضخ المزيد من الإمدادات كي تتمكن من إحداث توازن في السوق. ويرى المركز أن السعودية تحملت العبء الأكبر في إزالة مليون ونصف المليون برميل بموجب قراري الدوحة وأبوجا، بينما أسهم التراجع في إنتاج كل من إيران، إندونيسيا، نيجيريا، وفنزويلا، في تعزيز هذا الوضع، ولو أن تراجع الإنتاج من هذه المجموعة تم لأسباب مختلفة بعضها يتعلق بظروفها الداخلية، سواء تلك المتعلقة بالصناعة نفسها أو لأسباب جيوسياسية، وتصاعد المخاوف الأمنية واحتمال حدوث انقطاع في الإمدادات لمختلف الأسباب. وهذا كله أسهم في تراجع إنتاج "أوبك" عن القمة التي بلغها، وهي 30 مليون برميل في المتوسط بالنسبة للعام الماضي.
مختلف التقارير تحدثت عن أن الإمدادات من خارج "أوبك" لا توفر الكميات المطلوبة لحاجة السوق، ويظهر هذا في أن العديد من المنتجين من خارج المنظمة يشهدون ظروفا تؤدي إلى تراجع في إنتاج المكسيك مثلا، وحدوث تأخير في بعض مشاريع الولايات المتحدة، كندا، وكازاخستان، إذ إن هناك بعض المشاريع التي كان يفترض أن تبدأ الإنتاج لكنها تأخرت حتى العام المقبل على أفضل تقدير. لكن تظل الإمدادات من روسيا والنرويج وإلى حد ما البرازيل في حال تصاعد، وكل هذا يعيد التأكيد على المكانة المحورية لـ "أوبك" في إدارة السوق.
على أن "أوبك" نفسها، وفي تقريرها الدوري الصادر منتصف الشهر الماضي، ترى أن وضع الطلب لن يشهد تغييرا وسيظل في حدود 1.5 في المائة. ومع أن أرقامها تستند إلى مصادر ثانوية، إلا أنها ترى أن الإمدادات المتوقعة من خارج المنظمة لهذا العام ستكون في حدود 50.7 مليون برميل يوميا، وأن المطلوب من المنظمة توفيره سيكون في حدود 30.25 مليون برميل يوميا بتراجع 150 ألفا عن تقديراتها السابقة.
<p align="center"><img title="" alt="" src="/files/EQT_P42_04032007_ED10004.jpg"></p><p align="center"><img title="" alt="" src="/files/EQT_P42_04032007_ED10005.jpg"></p>