الأساسيات والرفاهيات .. الطفولة في عالم مادي!
صارت المادية والنزعة الاستهلاكية من الأمور التي تقلق الكثير من الناس في عصر العولمة، الذي تتنوع فيه السلع والمنتجات المطروحة للبيع في الأسواق إلى درجة غير مسبوقة. فقد بدأت الحدود الفاصلة بين الضروريات والرفاهيات تختلط في أذهان العديد من الناس، فما كان يعد في السابق من أسباب الرفاهية أصبح الكثيرون يرونه اليوم من أساسيات الحياة التي لا غنى عنها.
في عالم اليوم تشيع متاجر التسوق العملاقة، وتسود فيه ثقافة التسوق حتى آخر سنت، حيث ينفق الناس أموالا أكثر بكثير من ذي قبل في محاولة منهم لإيجاد السعادة في حياتهم، وللأسف لا يستثنى الأطفال من هذه النزعة الاستهلاكية.
في الواقع ينفق الأطفال والمراهقون مليارات الدولارات كل عام على الملابس ووسائل التسلية والأطعمة الجاهزة. في هذا الكتاب تساعد الدكتورة دونا بي جيتس الآباء والأمهات على فهم تأثير ثقافة المتعة اللحظية على عادات الإنفاق لديهم ولدى أبنائهم.
ما من أب أو أم لم يمرّ بهذا الموقف من قبل عندما يقف أحد الأبناء أمام لعبة أو سلعة ما في أحد المتاجر ويصمم على شرائها رغم اعتراض الوالدين عليها. قد تتنوع أسباب الاعتراض ما بين عدم الموافقة على نوعية السلعة أو الشك في جودتها أو جدواها، أو قد يكون لدى الطفل الكثير منها، أو قد يكون سعر السلعة غير مناسب للميزانية التي رصدها الوالدان لها أو غيرها من الأسباب.
من الآباء مَن قد يرضخ لرغبة الطفل ويشتري له اللعبة رغم عدم رضاهم عنها، ومنهم من قد يصمم على موقفه رافضا شراء ما لا يوافق عليه، إلا أن أطفال اليوم أصبحوا يجيدوا أساليب الابتزاز العاطفي للآباء، فيضطر الأب لشراء ما يريده الطفل ليعوضه عن تقصير الوالدين معه.
يتناول الكتاب موضوع استخدام السلع المادية كجوائز أو كتعويض عاطفي يعطيه الآباء لأطفالهم تعويضا عن عدم قدرتهم على توفير وقت لهم أو الوفاء باحتياجاتهم النفسية مثلا، وتأثير هذا على التطور الاجتماعي والنفسي للأطفال.
يستعرض الكتاب الطرق التي تمكن الآباء من مواجهة النزعات المادية عن طريق تقوية الوازع الأخلاقي والميل للاهتمام بالآخرين والإحساس بالمغزى الأسمى للحياة في نفوس أبنائهم.
من أهم الهدايا التي يمكننا أن نقدمها إلى أطفالنا هي هدية إرضاء فضولهم والإجابة عن الأسئلة التي تتبادر إلى أذهانهم، وأكثر هذه الأسئلة يكون عن العالم من حولهم. هكذا لاحظت مؤلفة الكتاب أن فضول الأطفال يجعلهم يرون ما قد لا يراه الكبار أو لا ينتبهون إليه من حولهم، ومن ثم فإن على الآباء مساعدة أبنائهم على ألا يصبحوا أسرى للنزعات الاستهلاكية التي تكاد تغرق العالم بأسره.