رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


طواحين عمل المرأة (1 من 3)

من يقارن الأعمال التي تقوم بها المرأة في المملكة يرى إنجازات كبيرة تحققت خلال السنوات العشر الماضية. وآخر ما قرأت في " الاقتصادية" 29/11/2006 للأخ الدكتور عبد الله بن مرعي بن محفوظ "الضوابط الشرعية لعمل المرأة السعودية" وهي مقالة جديرة بالقراءة والفهم لأهدافها التي نحتاج إليها لتدريب ولتشغيل مئات الألوف من بناتنا اللواتي ما زلن في طور الدراسة ، ولكن قبل ذلك أود أن أتطرق للقضية التي شغلتنا وهي قضية فصل زوج عن زوجته بسبب عدم تكافؤ النسب، ونعلم أن أرض الله واسعة ونعلم أيضا أن الفقهاء حددوا أن الكفاءة تكون بالدين والنسب والمستوى المعيشي والمكانة الاجتماعية والمهنة والحرية وكلها تسقط برضا الزوجة ووليها إلا الدين. وهذا هو الأصل وهذا هو ما تعارف عليه الناس عبر القرون. وقال عليه الصلاة والسلام "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط"، ونرى من يهدد الزوجة بالطلاق إذا تزوجت إحدى أخواتها بمن هو أقل منه نسبا أو مقاما، ونعلم أن لا سلطة ولا ولاية مثلا للصهر شرعا أو عرفا على أخت زوجته أو قريباتها والكفاءة لا يشترط فيها أن يكون زوج البنت الثانية في مستوى زوج البنت الأولى، ومع ذلك فهذا واقع ومطبق في بعض العائلات والقبائل وهذا من الجاهلية التي قال عنها النبي، صلى الله عليه وسلم، "دعوها فإنها منتنة".
والحكم في أي قضية نابع من فهم حقيقة القضية وملابساتها ومدافعاتها ومرافعاتها. ولقد انقسم الناس في القضية إلى قسمين إما تهجمهم على القضاء واتهام له بالتحامل أو التعصب أو عدم النزاهة وفريق آخر انتقل من اتهام القضاء إلى اتهام الشرع في عدالته ومرونته وجل من كتبوا في القضية انطلقوا مما نشر في وسائل الإعلام والصحف والمجلات ومواقع الإنترنت، وكلها لا تصلح للاعتماد عليها في تقييم حكم القضاء لأنهم في الغالب لم يطلعوا على ملف القضية أو يقابلوا جميع أطرافها ولا يحملوا في أغلبهم الأهلية الشرعية والقانونية للنظر في هكذا قضية حساسة.
لذلك المأمول من ولي الأمر، خادم الحرمين الشريفين، وهو أعلى سلطة واجبة الطاعة في هذا البلد أن ينظر في القضية، فإذا كانت كتابات الصحف ووسائل الإعلام فيها وجيهة – بالنظر إلى ملف القضية كاملا – فله أن يأمر القضاء بإعادة النظر في القضية وإما تكون هذه الكتابات عاطفية تنظر إلى القضية من زوايا ردود الأفعال العاطفية، فهنا يتطلب الأمر منع مثل هذه الكتابات التي تسيء إلى القضاء كجهاز له مكانته في الدولة وقبل ذلك تسيء إلى الشريعة الإسلامية السمحة والرجوع إلى الحق فضيلة على كل حال. ولا يكون ذلك إلا بعد نشر ملف القضية كاملا لتعود الثقة إلى قلوب المواطنين.
ولنعد إلى عمل المرأة، ولن أكرر ما ذكره الكاتب الكريم إلا أنني أود أن أشير إلى أن مجلس الوزراء مهتم جدا بعمل المرأة السعودية وأصدر القرار تلو الآخر ولكن لم نصل إلى نتيجة. فالقرار رقم 63 لعام 1424هـ المتضمن بعض الإجراءات النظامية الخاصة بعمل المرأة في القطاعين الحكومي والأهلي ورقم 120 عام 1425هـ بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية ورقم 187 لعام 1426هـ بشأن تراخيص تشغيل النساء في أقسام وفروع المنشآت الخاصة وتطبيق ضوابط تشغيلهن بأجر لدى الغير. ومن بنوده اختصاص وزارة العمل بتطبيق ضوابط تشغيل النساء بأجر من قبل أصحاب الأعمال وأنه لا يلزم حصول المنشأة الأهلية المرخص لها بمزاولة أي من الأنشطة الاقتصادية على ترخيص تشغيل النساء في قسم خاص بهن ما دام أن هذا القسم جزء من المنشأة المرخص لها ولا يشكل فرعا قائما بذاته. فماذا نريد أكثر من ذلك ولماذا لم تتحقق الأهداف المطلوبة؟
ولنذكر قرار مجلس القوى العاملة بتاريخ 1/4/1408هـ الصادر بشأن تنظيم عمل المرأة أن يكون عملها طبقا لبعض الضوابط ومنها الضرورة لعمل المرأة (حاجة المجتمع أو حاجتها هي) وموافقة ولي أمرها وأن يكون العمل ملائما لطبيعة المرأة وألا يشغل عليها كل وقتها فيعوقها عن واجباتها المنزلية والزوجية, وألا يؤدي هذا العمل إلى ضرر اجتماعي أو خلقي, وأن تؤدي المرأة عملها في وقار وحشمة وأن تلبس طبقا للحجاب الشرعي, وأن تؤدي المرأة عملها في مكان منفصل تماما عن الرجال. والمجلس قد ألغي ولكن قراره ما زال قائما بعد 20 عاما، فهل نرى اليوم أن هذا القرار مناسب كله للتطبيق؟
نعم يجب أن تعمل المرأة، وليست السعودية بل أي امرأة تقيم في المملكة، بوقار وحشمة وأن تلبس طبقا للحجاب الشرعي المتعارف عليه دون غلو أو تقصير. ولكن هل الحجاب الشرعي والوقار والحشمة هي فقط للمرأة العاملة ؟ أين غض البصر الذي أُمرنا به، فترى الرجل وزوجته معه في الأسواق يحدقون فيك وفي أهلك وكأنك قادم من الفضاء، عم يبحثون وأين غض البصر والشهامة والأدب, حتى الغربيين لا يقومون بذلك مع أنهم ليسوا بمسلمين!
هل نحن نعيش في وطنين أم وطن وأمة واحدة ؟ نحن نطالب بهذا الوقار والحشمة لكل امرأة في الأسواق والمطاعم والمقاهي. هل رأيتم عدد المراهقات اللاتي لم تبلغ أعمارهن الـ 15 سنة وهن مصبوغات بالأحمر والأسود وجميع ألوان الطيف، وكيف نلومهن وأمهاتهن أو كثير من الكبار يبدين زينتهن والعطر يفوح منهن فوق السحاب؟ كيف نقاوم نشر الرذيلة والمجون ونضرم نار الشهوة في نفوس الشباب والفتيات من خلال القنوات والشبكات والمجلات، ثم نقول لهن اخرجن للأسواق أو اخرجن للعمل. علينا بث الوعي الديني في المجتمع بحيث يتحول الدين إلى سلوك اجتماعي وليس مظاهر شكلية كما هو الحال في معظم الأحيان. إن كمية الثقافة الدينية عند أفراد المجتمع قد تكون أكثر منها في مجتمعات إسلامية سابقة، لكن التطبيق العملي في تلك المجتمعات كان أكثر بكثير مما هو في مجتمعاتنا... وللموضوع بقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي