حتى لا تتبخر مليارات تطوير التعليم
والآن.. توافر المال لبناء بنية تحتية لتقنية المعلومات التربوية للتعليم العام في بلادنا، فهل تتضافر الجهود لإنجاز العمل المطلوب؟ هذا السؤال يفرض نفسه، وفي مكانه الصحيح بعدما وافق المقام السامي على دعم تطوير قطاع التعليم العام بتسعة مليارات ريال تستهدف تطوير بنيته التقنية المعلوماتية لمدارس التعليم العام في بلادنا على مدى ست سنوات، بواقع مليار ونصف المليار سنويا تنفق على أكثر من 25 ألف مدرسة وأكثر من 400 ألف معلم في عموم المناطق لكي يتمكنوا من تعلم الحاسب الآلي وتعليمه وإدخاله واسطة تعليم في مجريات العملية التعليمية في مختلف مراحل الدراسة.
المبلغ ضخم ويحتاج إلى خطة عمل تترجمه إلى آليات تنفيذية فعالة دون أضرار وخسائر في مخرجات التحصيل ودون إهدار في الوقت. ونظرا للأعداد الكبيرة للمدارس وللمعلمين وعدم وجود خبرات سابقة في إدارة مثل هذه العملية الحاسوبية وتطبيقها، فقد يتطلب من المدارس اللجوء إلى مراكز التدريب والأكاديميات والخبرات المتخصصة في تعليم الحاسوب والتأهيل فيه لكي تنهض هذه الجهات بهذه المهمة، بمعنى إسناد عملية إعداد الجهاز التعليمي وتأهيله إليها، فتعميم عملية التطوير الحاسوبي للمدارس يتطلب قوى بشرية كثيرة متخصصة في مجال تعليم الحاسوب، بل قد لا تقوى مراكز التدريب على تلبية حجم الاحتياج, وربما استدعى الأمر تدخل الجامعات ومراكز الحاسب الآلي في الجهات العامة والخاصة والتنسيق فيما بينها للنهوض بهذه المهمة الوطنية الكبرى أو حتى اللجوء إلى إحدى الشركات العالمية ذات الخبرة في هذا المجال بحيث تدفع المدارس تكاليف التدريب والتأهيل من تلك المبالغ المخصصة لها، فيما توجه المبالغ المتبقية منها للإنفاق على التجهيز والميكنة المطلوبة للمدارس.
قد يكون هذا المنحى وسيلتنا في مقابلة تحدي تطوير التعليم ودعمه ببنية تقنية, ومخرجنا للقيام بهذه المهمة الوطنية في وقت قياسي قد يختصر المدة المخصصة لعملية التطوير, وفي الوقت نفسه يحد من الأخطاء التي عادة ما تنجم عن تولي المدارس أمر نفسها بنفسها، لأنها مهما اجتهدت فسوف تقع في سلبيات التجريب وما لها من آثار محبطة، أما إذا أسندت عملية التطوير إلى الجهات التدريبية المؤهلة فستكون دون سلبيات تذكر لكونها متمرسة في عملها عارفة بمواطن الضعف التي قابلتها وعرفت كيف تعالجها، وعارفة بمواطن القوة وكيف تعززها.. لذا فتولي تلك الجهات مهمة تدريب الجهاز التعليمي السعودي العام وتأهيله حاسوبيا سوف يختصر العناء ويجعل المخرجات أكثر كفاءة وجودة.
فهل تعمد وزارة التربية والتعليم إلى الأخذ بمثل هذا الرأي في الاعتبار؟ أم أن لديها البديل الأفضل الذي لا يترك مجالا لخسارة أي قدر من هذا المال وأي قدر من إهدار الوقت؟ فمربط الفرس هنا .. أي أن يصبح تعليمنا متطورا على أرض الواقع دون تشوهات ودون أن يفر المال والوقت ونفتش عن أعذار ونستنجد من جديد!