كيف تحفز المكاتب الفوضوية على الإبداع والإنتاج؟

كيف تحفز المكاتب الفوضوية على الإبداع والإنتاج؟

لا يناسب هذا الكتاب محبي النظام والترتيب، حيث يتناول موضوع الفوضى وفكرة النظام من وجهة نظر جديدة غير معتادة. يجمع الكتاب بين نتاج طريقة غريبة للتفكير مع قصص من الحياة اليومية تقدم وجهة نظر جديدة للعالم.
منذ دراسة أينشتاين للحركة البراونية، وهي الحركة الدائمة والعشوائية لجزيئات السائل، بدأ العلماء يفهمون أن قليلا من الفوضى يمكنه بالفعل أن يجعل الأنظمة أكثر فعالية. إلا أن العديد من الناس لا يزالون يحرصون حرصا تاما على تجنب أي قدر من الفوضى، أو قد يعانون الإحساس بالذنب بخصوص الفوضى التي لا يمكنهم تجنبها. يقدم الكتاب مجموعة رائعة من الحكايات ودراسات الحالة للدور المفيد الذي يمكن أن تلعبه الفوضى.
لا ينكر الكتاب أن الجداول الصارمة والتنسيق والترتيب هي من أهم أسباب النجاح، لكنه يقدم أمثلة من عالم التجارة والأعمال ومن أساليب التربية والطبخ وحتى من بعض الحروب ما يوضح أن بعض الفوضى قد يكون فعالا في الإتيان بنتائج فعالة، وأن بعض الأنظمة التي تشيع فيها الفوضى قد تكون مستعصية على الانهيار من تلك التي تسير بانتظام كالساعة.
يساعد الكتاب القراء على تقييم الكمية الصحيحة من الفوضى التي قد يحتاج إليها أي نظام، ويوضح كيفية تطبيق هذه الأفكار على نطاق واسع كالحكومة والمجتمع، وعلى نطاق ضيق كالمطبخ أو المكتب. يحاول الكتاب تغيير طريقة تفكير القراء في أكوام الأوراق غير المرتبة الموجودة دائما على مكاتبهم.
الواقع أن الحجة التي يقدمها الكتاب ليست بالضعيفة، وهي أن الجهود التنظيمية تميل إلى تخليص الأنظمة من كل أشكال العشوائية التي قد يكون بعضها ضروريا لعملية الابتكار, التي تلعب بدورها دورا مهما في نجاح أي نظام واستمراره.
يشير الكتاب إلى أن المؤسسات يمكن أن تكون فوضوية بالكثير من الطرق المفيدة، ومن ثم يدعو الشركات إلى تقسيم التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى وإضفاء سمة المرونة على العقود التي توقعها والتخلي عن السيطرة الكاملة على جميع عمليات الشركة.
قد لا تتسم النصائح التي يقدمها الكتاب دائما بالجودة والقدرة على إقناع القارئ بالحجة والبرهان، فمثلا يؤكد الكتاب أن التنظيم من أجل التنظيم قد يكون له نفقات إضافية في صورة ساعات عمل زائدة يمكن استغلالها في إنجاز مهام أخرى أكثر أهمية، ولكن هذا يتناقض مع حقيقة أن النظام أساسا يوفر الكثير من الوقت والجهد المهدرين في البحث عن أشياء أو أوراق مهمة مثلا.
وفي النهاية فإن قليلا من الفوضى لا يضر وهذه النصيحة توجه فقط للمصابين بهوس النظام ممن يقضون وقت العمل كله تقريبا في تنظيم أوراقهم وترتيبها ثم إعادة تنظيمها، حتى إنهم لا يجدون وقتا لأداء أعمالهم. أما من يتسمون باحترام النظام وينظمون أشيأهم وأوراقهم بطريقة عملية فعالة تعينهم على العمل فلا حاجة لهم لمثل هذه النصيحة.

Title: A Perfect Mess: The Hidden Benefits of Disorder--How Crammed Closets, Cluttered Offices, and On-the-Fly Planning Make the World a Better Place
Authors: Eric Abrahamson, David H. Freedman
Publisher: Little, Brown and Company
ISBN-10: 0316114758
January 2007
Pages: 336

الأكثر قراءة