الثورة الاتصالية وتعزيز سلامة عمليات نقل بالدم
الدولة وهي تسعى لتقديم جميع الخدمات الأساسية للمواطن الذي يشكل وسيلة التنمية وغايتها تأمل من المواطن أن يتفاعل معها إيجابا بما يعزز قدراتها لاغتنام الفرص وتجنب المخاطر التنموية وهي تبذل الغالي والنفيس لخدمته وتوفير متطلبات الحياة الكريمة له ولأسرته بما يجعله منتجا ومطورا لنفسه ولبلاده.
ومن أهم الخدمات الأساسية التي تقدمها الدولة للمواطن السعودي بالمجان من مرحلة ما قبل المهد إلى اللحد الخدمات الطبية والتي تصرف عليها الدولة بسخاء، ولقد كان من أثر ذلك الزيادة السكانية الكبيرة التي تشهدها البلاد نتيجة ارتفاع متوسط أعمار الوفيات وانخفاض معدل الوفيات بين الأطفال، والدولة وهي تبذل أقصى جهدها للارتقاء في كم ونوع الخدمات الصحية تبذل الكثير من الجهود التنسيقية مع المنظمات الإقليمية والعالمية العاملة في مجال الخدمات الصحية من أجل التبادل المعرفي ونقل الخبرات وتوفير أحدث الوسائل والأساليب والتقنيات.
ومن أكثر العمليات أهمية والتي تتعلق بصحة الإنسان ويجب توافرها عن الطلب لإنقاذ حياة إنسان مصاب أو مريض عملية نقل الدم من الوريد إلى الوريد (يقصد بها جودة نقل الدم وكأنه من وريد المتبرع إلى وريد المريض) إذ إنه ورغم نبل مقصد هذه العملية إلا أنه يكتنفها أخطار كثيرة إن لم تتم بمنهجية سليمة وإجراءات دقيقة وروح إنسانية رفيعة، ومن أجل ذلك وللسيطرة على تلك العملية في مراحلها كافة قررت الدولة إيقاف استيراد الدم من الخارج خاصة بعد انتشار الكثير من الأمراض الوبائية العصية مثل أمراض الكبد الوبائي ومرض الإيدز وغيرها.
وفي سبيل تعويض تلك الكميات المستوردة وتقليص الفجوة بين المطلوب والمعروض طورت وزارة الصحة مراكز نقل الدم حتى وصل عددها لـ 173 مركزا مزودا بأحدث الأجهزة والمعدات والتقنيات والكواشف والكوادر البشرية الفنية المحترفة، كما قامت بإطلاق حملات توعوية لحث المواطنين والمقيمين للتبرع بدمائهم بما يعود عليهم وعلى المجتمع بالمنفعة والفائدة.
ولكن وكما يبدو لي من الإحصائيات التي أظهرتها وكالة المختبرات وبنوك الدم في وزارة الصحة فإن التبرع التطوعي بالدم مازال دون المأمول حيث يشكل نحو 33 في المائة من مجموع تصنيف المتبرعين، بينما يشكل التبرع التعويض نحو 52 في المائة (تبرع أقارب المستفيد من الدم) والتبرع لرخص القيادة 15 في المائة، وهذا أمر غير مرغوب فيه بحسب المختصين بعمليات نقل الدم، ذلك أن المتبرع تعويضيا أو لرخص القيادة قد يخفي الكثير عندما يسأل من قبل الطاقم الفني قبل القيام بعملية سحب الدم بهدف قبول تبرعه لكي يسهم في إنقاذ قريبه أو زميله، كما يبدو لي أيضا أن العنصر النسائي يكاد يكون غائبا عن هذه العملية الإنسانية حيث تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 95 في المائة من المتبرعين من الرجال.
حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، رعاه الله، تدعم كل ما من شأنه حث المواطنين والمقيمين للتبرع بالدم طوعا من خلال رصد جوائز الاستحقاق وضرب الأمثلة النموذجية الرائعة من أوليا الأمر، حيث صدرت الأوامر السامية بمنح المتبرع بالدم لـ 50 مرة أو أكثر جائزة الاستحقاق من الدرجة الثانية تعزيزا للأوامر السامية السابقة والتي تقضي بمنح المتبرع بالدم لعشر مرات أو أكثر جائزة الاستحقاق من الدرجة الثالثة، ولقد كان الأمير سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله - نموذجا في التبرع الطوعي مرة تلو المرة حتى حاز سموه ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثالثة التي صدرت الموافقة السامية على منحها لسموه نظرا لتبرعه بالدم لعشر مرات.
ولقد كان ثمار كل ذلك أعداد كبيرة من المتبرعين الكرام الذين تجاوز عددهم 350 ألف متبرع سنويا، يشكل المتبرعون طوعا منهم نحو 115 ألف متبرع، ولكي نجعل هذا العدد يزداد إجمالا ويزداد المتبرعون طوعا نسبة أعتقد أنه حان الوقت لتفعيل التقنيات الاتصالية الحديثة (المواقع الالكترونية، الجوال) في حث المتبرعين ودعوتهم للتبرع وتحديد الوقت المناسب للتبرع من خلال حملات إعلامية يواكبها تطوير لهذه الوسائل الحديثة القائمة على التقنية ليكون لدينا مخازن دم نقي طازج متحركة تحت الطلب توجد في الحال عند الحاجة.
وأعتقد جازما أنه لو تم الاستعانة بشركات الجوال لتفعيل هذه القضية الإنسانية لتسابقت شركاتنا في تقديم أفضل ما لديها لخدمة هذه القضية الإنسانية، وأنه لو تم الاستعانة بالمنتديات الاجتماعية والعلمية وغيرها لتخصص موقعا لبيانات الراغبين في التبرع بالدم لما تأخروا ثانية عن خدمة هذه العملية المهمة والحيوية ذات المقاصد النبيلة، ولنا في موقع Free blood.com لنموذج وعبرة، والذي أنشأه مجموعة من الشباب السعودي المخلص، وقفا لله تعالي، بهدف جمع قاعدة بيانات كبيرة جداً تضم العالم بأسره لأسماء أشخاص وفصائل دمهم تكون هذه البيانات في متناول أيدي من هم بحاجة ماسة إلى الدم من مستشفيات وبنوك دم محلية وعالمية، حيث يمكن تعميم هذه التجربة وتطويرها بما يعزز التبرع التطوعي للدم لنستفيد من فرص عمليات نقل الدم في إنقاذ حياة الكثير من الناس ونتجنب مخاطرها.