الأسهم الأمريكية: شرارة الهبوط بدأت من القطاع التكنولوجي

الأسهم الأمريكية: شرارة الهبوط بدأت من القطاع التكنولوجي

غلبت على سوق الأسهم الأمريكية حالة من الهدوء والترقب خلال الأيام الأربعة الأولى من الأسبوع الماضي حتى خرجت تصريحات من ثلاثة من محافظي البنوك المركزية لبعض الولايات الأمريكية حول التضخم وأسعار الفائدة، إضافة إلى تصريحات أخرى خرجت من مدير إحدى شركات التكنولوجيا مما أدى إلى هبوط ناسداك بعد عمليات بيع تمت على أسهم شركات التكنولوجيا، معظم البيانات الاقتصادية التي صدرت ونتائج الشركات السنوية كانت جيدة.
وكان من المُفترض أن تؤدي إلى دعم السوق لكن يبدو أن وقع التصريحات كان أقوى تأثيراً في نفوس المتعاملين في السوق مما أدى إلى ضخ عمليات بيع متتالية وتحديداً في يوم الجمعة حيث أُعلن بدء جنيّ الأرباح.
ثلاثة من محافظي البنوك المركزية لبعض الولايات الأمريكية أدلوا بتصريحاتهم التي حركت السوق وخلعت عنه ثوب السكون والهدوء، وجميعهم ركزوا دون استثناء على أخطار التضخم وهذا بدوره حرك القلق الكامن في نفوس المُستثمرين من أن يلجأ البنك المركزي الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة، ويبدو أن هذا حال المُستثمرين تنتابهم حالات من القلق والخوف المُتكرر ولذا تنطبق عليهم مقولة أن رأس المال جبان، من هنا فإنه سيزداد اهتمام المُستثمرين والمُحللين أكثر بالبيانات والمؤشرات الاقتصادية ذات العلاقة بالتضخم لتتضح لهم الرؤية أكثر.
من البيانات الاقتصادية التي صدرت في الأسبوع الماضي مؤشر ISM لخدمات شهر كانون الثاني (يناير) والذي أظهر ارتفاعاً إيجابياً أكثر من المُتوقع بقليل فوصل إلى 59 نقطة. وجاءت الإنتاجية للربع الرابع أعلى من 3 في المائة أي أكثر من المُتوقع، أما نتائج أرباح الشركات فكانت في مُجملها مُطابقة للتوقعات ولذا لم تؤد إلى رفع همة المُستثمرين لأنهم كانوا مُتشبعين بهذه الفكرة وهذا الاعتقاد، علماً بأن شركة مثل سيسكو Cisco Systems قدمت نتائج قوية وتوقعت أن تكون نتائجها في الربع الأول جيدة ولكن هذا لم يؤثر إلا في سهمها الذي ارتفع في اليوم نفسه 2.1 في المائة لكنها ارتفعت في الأسبوع بأكمله 6 في المائة.
اهتمام المُستثمرين بنتائج الشركات جاء من زاوية أخرى وهي ما مدى قدرة هذه الشركات على تحقيق أرباح في ظل الوضع الاقتصادي الذي يزداد غموضاً، في ظل توقع ارتفاع نسب التضخم وارتفاع سعر الفائدة وأسعار النفط تُغطي و تلبد سماء السوق حيث وصلت إلى أعلى من مستوى 60 دولاراً. بدأت التوقعات تخرج وتقول إن نمو أرباح الشركات في الربع الأول من العام الحالي ستصل بين 4.7 إلى 5 في المائة أي أقل من التوقعات السابقة التي كانت تتحدث عن نمو يصل إلى 8.7 في المائة.
من ضمن التحذيرات التي صدرت من الشركات ظهر مدير شركة "مايكرون" أحد أهم الشركات المُصنعة لأشباه الموصلات ليقول إن الطلب على رقائق الذاكرة سيهبط ما بين 30 إلى 40 في المائة خلال الربع الأول من العام الحالي. ومثل هذا التصريح كان كفيل بإرباك المُستثمرين وإعطائهم انطباعاً بأن أسهم الشركات المُصنعة للكمبيوتر بأنواعها الشخصية والكفية والمحمولة وكذلك أجهزة الاتصال المُتنقل التي تستخدم رقائق الذاكرة قلّ الطلب عليها كمنتجات مما سيُقلل من أرباح الشركات المُصنعة لها وبالتالي ستقل قيمة الأسهم وحصلت هذه الموجة من البيع على شركات التكنولوجيا.

الأسبوع الحالي
أهم حدث هذا الأسبوع هو وقوف محافظ البنك المركزي الفيدرالي أمام مجلس الشيوخ ليُدلي بشهادته نصف السنوية ويتحدث عن الاقتصاد وذلك يوم الأربعاء، تأتي شهادته بعد تصريحات لثلاثة محافظين لبنوك مركزية لولايات أمريكية مختلفة في الأسبوع الماضي. وسيتركز حديثه حول مدى تخوف البنك المركزي من التضخم وخطره إضافة إلى بعض الهموم الاقتصادية وستكون شهادته محط أنظار العالم وصانعي السياسة المالية في كل دولة. ويلي هذه الشهادة انعقاد اجتماع لمجموعة السبع دول G7. أما على مستوى السوق فقد نرى ارتفاعاً في الحالة النفسية وروح التفاؤل ومن ثم يحدث إقبال على الشراء (راجع التحليل الفني) حيث يتوقع عودة الأسهم للارتفاع البسيط.
موسم نتائج الشركات وصل إلى رمقه الأخير حيث أعلنت حتى نهاية الأسبوع أكثر من 360 شركة من الشركات الخمسمائة المُدرجة ضمن مؤشر S&P 500 وحققت حتى الآن نمواً في الأرباح يصل إلى 10.8 في المائة، منها 66 في المائة جاوزت نتائجها التوقعات و16 في المائة طابقت التوقعات بينما 18 في المائة كانت نتائجها أقل من التوقعات. وسنشهد هذا الأسبوع إعلان بعض الشركات ومن ضمنها "كوكاكولا" وإحدى شركات قطاع بناء المنازل وهي KB Home. والأهم هو البيانات والمؤشرات الاقتصادية الكثيرة والتي ستصدر هذا الأسبوع وتتعلق بمبيعات التجزئة والنشاط الصناعي وبناء المساكن ومؤشرات ذات علاقة في التضخم مثل مؤشر أسعار المُنتجين.
ستتركز البيانات الاقتصادية يوميّ الخميس والجمعة حيث سيُعلن عن مؤشر أسعار المُنتجين PPI لشهر كانون الثاني (يناير) ويُتوقع انخفاضه 0.6 في المائة بعد أن كان 0.9 في كانون الأول (ديسمبر) الماضي وأما مؤشر أسعار المُنتجين الأساسي Core PPI فيتوقع المُحللون أن يبقى دون تغيير، وسيُعلن يوم الجمعة عن مؤشر ثقة المُستهلكين من جامعة ميتشجان لشهر شباط (فبراير) ويتوقع أن ينخفض حتى 96.2 بعد أن كان 96.9 في كانون الثاني (يناير)، قطاع المساكن ستتحدث عنه مؤشراته ومن ضمنها عدد المنازل التي بدأت ويتوقع انخفاضها حتى 1.61 مليون مسكن في كانون الثاني (يناير) بعد أن وصلت إلى 1.64 مسكن في كانون الأول (ديسمبر)، تراخيص البناء التي صدرت في كانون الثاني (يناير) قد يُعلن عن وصولها إلى 1.65 ترخيص بعد أن كانت 1.61 مليون في كانون الأول (ديسمبر)، نأتي في الأخير إلى بيانات مبيعات التجزئة التي ستُصدرها وزارة التجارة يوم الأربعاء وقد ترتفع إلى 0.8 في المائة في كانون الثاني (يناير) بعد أن كانت 0.9 في كانون الأول (ديسمبر) وعند استثناء مبيعات السيارات فإن مبيعات التجزئة قد ترتفع 1.5 في المائة مقارنة بواحد في المائة في كانون الأول (ديسمبر).

التحليل الفني
ما حدث من هبوط لا يعني بالضرورة تغير المسار الذي يسير فيه ناسداك إلا في حالة هبوطه تحت متوسط خمسين يوماً عند مستوى 2446 نقطة، حيث إنه كسر مستويات دعم مهمة كونها متوسطيّ عشرة وعشرين يوماً عند 2467 نقطة. هبوط ناسداك يوم الجمعة بقوة أدى إلى بعثرة أفكار المتعاملين في السوق حيث هبط 28.85 نقطة بنسبة 1.16 في المائة، وقد يتوهم البعض أنها موجة جنيّ أرباح وقد ينقلب الوهم إلى حقيقة لكن المهم هو مراقبة مستوى الدعم الرئيسي وهو متوسط خمسين يوماً عند 2446 نقطة، الجدير بالذكر أن مستوى 2510 نقاط هو مستوى مقاومة قوي يتضح بشكل أكبر على الرسم البياني الأسبوعي Weekly Chart بسبب وجود الحد العلوي للقناة الصاعدة.
إذا ارتد ناسداك من مستوى 2446 نقطة للأعلى فإن مجال الحركة ضيق بالنسبة له حيث ستعمل متوسطات عشرة وعشرين يوماً كمستويات مقاومة عند مستوى 2467 نقطة بعد أن كانت مستويات دعم قبل ما حدث من هبوط يوم الجمعة، ومستوى المقاومة هذا يتفق مع مستوى مقاومة آخر محدد باللون الأزرق على الرسم البياني بسبب وجود الحد العلوي لنموذج التماسك.

[email protected]

الأكثر قراءة