رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الاستثمار السعودي في التقنية المالية .. متى ؟

[email protected]

2015: شركة السوق المالية السعودية "تداول" تفوز بعقود تشغيل الأسواق المالية في نيويورك ولندن وطوكيو.
كان التداول في سوق نيويورك للأوراق المالية في منتصف ستينيات القرن التاسع عشر الميلادي مقتصرا على الوسطاء الماليين. كل وسيط مالي يتعامل مع مجموعة من المراسلين لنقل المعلومة شفوياً من وإلى مكاتب الوساطة المالية المنتشرة على جنبات شارع وول ستريت.
لم تكن عملية التداول بالعملية المتقدمة والمعقدة. كل ما في الأمر كتابة طلبات البيع والشراء على لوحة معلقة على أحد جدران صالة التداول. يلتقي أمام هذه اللوحة الوسطاء الماليون للتفاوض حول الصفقة وتسجيلها ونقل ملكيتها وإشعار مكاتب الوساطة المالية بالنتائج.
تزامنت تلك الفترة الزمنية مع مرور الاقتصاد الأمريكي بطفرة اقتصادية جعلت من السوق ملاذا مجديا اقتصاديا لجزء ليس بالقليل من هذه العائدات. أدى تدفق الرساميل إلى زيادة كبيرة في عدد العمليات وحجم وقيمة التداول.
انعكس ذلك سلبيا على شفافية السوق وكفاءة تنفيذ الصفقات. فلم يكن يحكم هذه الشفافية والكفاءة ضمن هذا الإطار التقليدي والبسيط سوى دقة وسرعة المراسلين في نقل المعلومة بين الوسطاء الماليين ومكاتب الوساطة المالية.
فبدأ الوسطاء الماليون بالتذمر من خدمات السوق والرساميل بالهجرة التدريجية إلى الأسواق المالية المجاورة. لم يوقف هذه التذمر وهذه الهجرة إلا أحد موظفي السوق، يدعى إدوارد كالاهان، عندما اخترع تقنية شريط الأسهم.
لا يعد الاختراع بداية العلاقة بين التقنية والأسواق المالية فحسب، وإنما بداية الاعتماد على التقنية في تقليل تكلفة التداول وزيادة عائدات السوق وتحسين الكفاءة. وعلى الرغم من أنه قضى على وظيفة المراسلين، إلا أنه أسهم في نقل عملية التداول من السوق المحلية إلى الأسواق العالمية.
لم تمض بضع سنوات على اختراع شريط الأسعار حتى حدث ما لم يكن في الحسبان. تعطل شريط الأسعار في سوق شيكاغو للذهب وأحدث ربكة في صالة التداول. فحرم المتداولون خارج شيكاغو من مزاولة تجارة الذهب بسبب عدم قدرتهم على متابعة آخر الأسعار.
قام مخترع يسمى توماس أديسون بإصلاح شريط الأسعار. لم تكن المكافأة سوى تعيينه على هرم الشركة المالكة لتقنية شريط الأسعار ليستمر في تطوير تقنية التداول وإمداد الأسواق المالية بآليات تقنية جديدة.
أدخلت سوق نيويورك للأوراق المالية في عام 1952م تحسينات جديدة على شريط الأسعار عندما ربطت جميع مكاتب الوساطة المالية بشبكة اتصال مباشرة، وإضافة تقنية التسجيل الصوتي لتسجيل الحوار بين الوسطاء الماليين والمكاتب المالية.
شهدت السبعينيات الميلادية من الألفية الماضية توثيقا آخر للعلاقة بين التقنية والأسواق المالية عندما طورت قناة معلوماتية لعرض معلومات تداول الأوراق المالية في جميع أسواق المال العالمية. أسهمت هذه التقنية في تمكين الوسطاء الماليين من التداول في جميع الأسواق المالية العالمية.
كانت عملية نقل معلومات حركة التداول بين الأسواق المالية العالمية حتى بداية الثمانينيات الميلادية تتم من خلال شبكة الهاتف. وعلى الرغم من إسهامها في تطوير تقنية الأسواق المالية، إلا أنها أحدثت مشكلة تأخير في نقل المعلومة.
حلت الأقمار الصناعية بديلا عن شبكة الهاتف كوسيلة اتصال بين الأسواق المالية العالمية منذ مطلع الثمانينيات الميلادية من الألفية الماضية. أسهمت الأقمار الصناعية في حل مشكلة التأخير في نقل المعلومة وتحقيق مبدأ العدالة واستدامة نمو حركة التداول بين الأسواق المالية العالمية.
من أهم التطورات في تقنية الأسواق المالية دخول الإنترنت في منظومة التداول منتصف التسعينيات الميلادية من الألفية الماضية. مكنت الإنترنت تقنية الأسواق المالية من تخطي حدود الأسواق المالية العالمية والاتصال المباشر بالمتداولين، عوضا عن الوسطاء الماليين، في معظم أنحاء العالم.
يشهد الوقت الراهن ظهور صناعة رديفة لصناعة الأسواق المالية تتمثل في توجه شركات التقنية للتنافس حول تشغيل الأسواق المالية. ما يدعم هذا التوجه ليس سد الفجوة بين شركات التقنية والشركات الاستثمارية فحسب، وإنما الاستفادة من الفرص الاقتصادية الواعدة في هذا المجال.
محليا، يشهد الوقت الراهن وضع اللمسات النهائية لتأسيس شركة السوق المالية السعودية "تداول" لتولي مهام إدارة التداول، التسوية، المقاصة، الإيداع، نقل الملكية، ونشر المعلومات المتعلقة بتداول الأوراق المالية.
وعلى الرغم من أهمية وجدوى ربحية هذه المهام، إلا أن ذلك يعني اعتماد هذه الشركة على شركات التقنية لتوفير الحلول اللازمة. ومن منطلق وطنية الشركة وضمن إطار التوسع في الاستثمار السعودي المباشر خلال الفترة المقبلة، فإنه من الأهمية بمكان التأكيد على البعد الاستثماري للشركة.
بمعنى آخر أهمية أن تشمل سياسة منظومة الأسواق المالية السعودية تطلعات توسعية نحو إدارة وتشغيل الأسواق المالية العالمية. ومثل هذا التطلع الاقتصادي الطموح يتطلب استثمارا سعوديا مباشرا في شركات التقنية المالية لتطوير أنظمة متميزة يمكن أن يستند إليها في المنافسة العالمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي