الصين تدعم اليوان لتخفيض العجز في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة
تقرير هذا الأسبوع يحمل المزيد من الأخبار الجيدة عن الاقتصاد العالمي، حيث انعكست البيانات عن معدلات النمو والتوظف الأمريكية بشكل إيجابي، ليس على الاقتصاد الأمريكي فحسب، وإنما على الاقتصادات الأوروبية التي تمثل الولايات المتحدة الشريك الرئيسي لها، وعلى كل من الاقتصادات الآسيوية في اليابان وكوريا وتايوان. إضافة إلى ذلك أشارت الصين إلى عزمها دعم اليوان الصيني في مسعى للتخفيف من النمو المتسارع وفي استجابة أيضاً لتصريحات وزير الخزانة الأمريكي بشأن ما يمكن للصين أن تفعله حيال العجز في الميزان التجاري المتزايد معها، وفي تلويح بإمكانية زيادة الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية.
الولايات المتحدة
أبقى الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه الذي عقد يوم الأربعاء الموافق 31 كانون الثاني (يناير) 2006 على سعر الفائدة دون تغيير عند مستوى 5.25 في المائة، مما يشير إلى أن الاحتياطي يود إرسال إشارة إلى استقرار الاقتصاد بالرغم من هبوط قطاع المساكن وبتبدد إشارات قويه للتضخم. ونتيجة لذلك استجابت الأسواق المالية بارتفاع في أسعار الشركات الكبيرة Blue-Chip لمعدلات قياسية، وذلك نظراً إلى أن الاحتياطي لن يحتاج إلى خفض سعر الفائدة لتحفيز الاقتصاد، أو لزيادتها لمحاربة التضخم الناتج عن الارتفاع في أسعار النفط. وجاءت هذه التوقعات نتيجة انخفاض مستمر في أسعار النفط خلال الشهر الماضي، مما دعا الكثير من الاقتصاديين إلى توقع عدم ارتفاع سعر الفائدة، ولكن نظراً إلى معاودة أسعار النفط الارتفاع مجدداً، فيتوقع أن يقوم المحللون بتعديل توقعاتهم بشأن التضخم. وجاء قرار الاحتياطي الفيدرالي بعد صدور بيانات النمو في الناتج المحلي الإجمالي والذي فاق التوقعات وبيانات التضخم التي تشير إلى تجاوز مرحلة القلق بشأنه، مما يشير إلى أن معدلات النمو في هذا العام 2007 ستكون أفضل من التوقعات. وقد أشار الاحتياطي الفيدرالي في بيانه الصادر إلى أن بيانات النمو والاستقرار في قطاع المساكن (والذي تمت الإشارة إليه في تقرير الأسبوع الماضي) تبدو كإشارات على نمو الاقتصاد بمعدلات معقولة خلال السنة الحالية.
وقد أظهرت تقارير التوظف والعمالة أن الشركات أضافت وظائف أقل خلال كانون الثاني (يناير)، كما زاد معدل البطالة، مما يدعم توقعات الاحتياطي الفيدرالي أن ينمو الاقتصاد بمعدل معتدل. ويسعى الاحتياطي الفيدرالي إلى المحافظة على توازن بين معدلات توظف مقبولة وبين معدل تضخم معتدل. وارتفاع معدلات التوظف لهذا الشهر ستشير إلى احتمال أن ينجر الاقتصاد إلى معدلات مرتفعة للتضخم. وقد أضافت الشركات خلال هذا الشهر 111 ألف وظيفة في مقابل 206 آلاف وظيفة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. مما يعني أن تحقيق الاقتصاد هذا المعدل من التوظف مع معدلات نمو مقبولة يعد إشارة إلى عدم اتجاه معدلات التضخم إلى الارتفاع في المستقبل. وقد ارتفع معدل البطالة لأول مرة من ثلاثة أشهر إلى مستوى 4.6 في المائة، كما تباطأت معدلات الارتفاع في الأجور. في مقابل ذلك أشارت تقارير أخرى إلى ارتفاع في معدلات الطلب في القطاع الصناعي وارتفاع في معدلات الثقة للمستهلكين، مما تعد إشارات جيدة على استمرار النمو في الأشهر القليلة المقبلة مترافقة مع معدلات تضخم معتدلة.
الأسواق الأمريكية:
نتيجة لهذه البيانات ارتفع داو جونز بما يعادل 150 نقطة خلال الأسبوع، حيث ابتدأ الأسبوع بـ 12503.28 نقطة وأغلق في نهاية الأسبوع عند 12653.49، حيث انخفض المؤشر في آخر يوم تداول (يوم الجمعة) بمعدل 20 نقطة تقريباً. مؤشر ستاندارد آند بوورز S&P والذي يضم 500 شركة من قطاعات الاقتصاد كافة افتتح الأسبوع بانخفاض من مستواه البالغ 1422.03 إلى 1420.62 نقطة، ثم استمر مرتفعاً في بقية أيام الأسبوع مدعوماً بالبيانات عن سعر الفائدة، مختتماً الأسبوع بارتفاع مقداره 28 نقطة منذ بداية الأسبوع ليغلق على 1448.39 نقطة. مؤشر نازداك المجمع لأسهم التقنية أنهى الأسبوع على ارتفاع مقداره 41.58 نقطة، حيث افتتح الأسبوع عند 2434.3 وأغلق في نهاية تعاملات الأسبوع على 2475.88 نقطة.
وبذلك تكون الأسواق الأمريكية جميعها قد أنهت تعاملات الأسبوع على ارتفاع بمعدل 1.3 في المائة داو جونز، و1.8 في المائة ل S&P، و 1.7 في المائة للنازداك.
اليابان
أدت بيانات النمو وثقة المستهلكين في الولايات المتحدة إلى انخفاض أسعار السندات اليابانية، حيث انخفض سعر الوحدة ذات العائد 1.3 بمعدل 0.21 ين وذلك نتيجة لارتفاع العائد على السندات الجديدة بمعدل 0.045 في المائة، مما يعني زيادة الطلب على السندات الجديدة في مقابل انخفاضه على السندات ذات العائد السابق المشار إليه. وأدت زيادة الإنفاق الاستهلاكي الخاص في الولايات المتحدة بمعدل 0.7 في المائة خلال كانون الأول (ديسمبر) وبمعدل 0.5 في المائة خلال كانون الثاني (يناير) إلى زيادة التوقعات باستمرار معدل النمو في اليابان بسبب أن الولايات المتحدة تعد الجهة المستوردة لأكثر من 20 في المائة من الصادرات اليابانية. وقد تقلصت على إثر ذلك الفجوة بين العائد على سندات الخزينة الأمريكية -10 سنوات ومثيلتها اليابانية إلى 3.13 في المائة.
وقد أظهرت بيانات قطاع الصناعة نمواً في الناتج خلال كانون الأول (ديسمبر) الماضي بلغ 0.7 في المائة، مما يشير إلى زيادة الطلب على الإنتاج الياباني وفي الوقت نفسه يزيد من احتمالات النمو بسبب أن الناتج الصناعي هو المحرك الرئيس لعجلة النمو للاقتصاد الياباني.
ويتداول المحللون تكهنات بشأن زيادة سعر الفائدة المستقرة منذ تموز (يوليو) 2006 عند 0.25 في المائة. حيث يزيد ارتفاع معدلات النمو والعوامل المحفزة له كزيادة الناتج الصناعي، من احتمالات الزيادة. ويبقى الأمر رهن بيانات الشهر المقبل حيث إن أي ارتفاع في هذه المعدلات سيزيد من احتمالات الزيادة لأسعار الفائدة.
الصين
ارتفع اليوان الصيني بعد توقعات بقيام الصين بزيادة سعر صرفها مقابل الدولار من أجل تقليص عجز الميزان التجاري مع الولايات المتحدة، في أعقاب تصريحات لوزير الخزانة الأمريكي أنه مازال لدى الصين الكثير لتفعله بشأن ذلك. وكانت الصين قد سجلت فائضاَ أدى إلى زيادة احتياطياتها من العملات إلى أعلى المعدلات، مما يعقد عمل الحكومة على تهدئة النمو المتسارع للاقتصاد الصيني. وارتفاع اليوان الصيني سيحل الكثير من مشكلة العجز في الميزان التجاري مع الولايات المتحدة، حيث سيؤدي ذلك إلى تخفيف الطلب الأمريكي من السوق الصينية في مقابل زيادة الطلب الصيني على الصادرات الأمريكية. وكان اليوان قد ارتفع هذا الأسبوع بمعدل 0.25 في المائة إلى 7.7560 في مقابل الدولار. وكانت الصين قد فكت ارتباط عملتها بالدولار في تموز (يوليو) 2005 حين كان معدل الصرف 8.30 يوان لكل دولار أمريكي، ومنذ ذلك الحين بدأ اليوان الصيني في الارتفاع في مقابل الدولار.
آسيا
ارتفعت أسعار صرف العملات الآسيوية في كل من كوريا الجنوبية وتايوان إثر تكهنات بأن تخفف من عمليات البيع لحماية المصدرين عندما يرتفع سعر صرف الين الياباني. حيث إن الزيادة المشار إليها في سعر صرف الين الياباني قد تؤدي إلى خسائر للمصدرين الآسيويين، وذلك نظراً إلى أن ارتفاع سعر صرف العملات الآسيوية الكبرى كالين واليوان سيؤدي إلى زيادة الطلب على السلع المصنوعة في كل من كوريا وتايوان وبالتالي فإن البنوك المركزية في كل من كوريا وتايوان تسعى إلى حماية مصدريها بالتوقف عن تخفيض عملاتها ما دام هناك ارتفاع في عملات اليابان والصين. بمعنى آخر، تسعى كل من كوريا وتايوان إلى جذب المستثمرين من كل من الصين واليابان لشراء سلعهم خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الإلكترونية كأجهزة الكمبيوتر والرقائق الدقيقة، بسبب زيادة سعر صرف الين واليوان، وفي الوقت نفسه المحافظة على مكاسب جيدة للمصدرين. وكان الوون الكوري قد ارتفع بمعدل 0.4 في المائة في مقابل الدولار، كما ارتفع الدولار التايواني بمعدل 0.1 في المائة في مقابل الدولار الأمريكي خلال هذا الأسبوع.
الأسواق الأوروبية
أنهت الأسواق الأوروبية تعاملات هذا الأسبوع على ارتفاع هو الأكبر خلال عام بعد تأكيد عملية شراء لسلسة أسواق سانزبري البريطانية. وقد أنهى داو جونز ستوكس 50 – DJ STOXX 50 - الممثل لأكبر 50 شركة أوروبية - تعاملات الأسبوع على ارتفاع بلغ مقداره 35.57 نقطة، حيث أقفل في نهاية التعاملات على 3819.34 نقطة. وأنهى مؤشر فوتسي – FTSE 100 100 والذي يقيس مؤشر التعاملات لأكبر 100 شركة بريطانية في سوق لندن على ارتفاع بمقدار 41.6 نقطة ليقف في نهاية التعاملات عند 6310.9 نقطة. مؤشر كاك الفرنسي – CAC 40 الممثل لـ 40 شركة مدرجة في سوق باريس أنهى الأسبوع على قيمة بلغت 5677.30 نقطة بارتفاع قدره 84.57 نقطة. إضافة إلى ذلك أنهى مؤشر داكس الألماني - DAX INDEX والممثل لـ 30 من أكبر الشركات الألمانية المتداولة في سوق فرانكفورت على ارتفاع قدره 183.31 نقطة ليقفل على 6885.76 نقطة. وأخيراً انتهت تعاملات الأسبوع على ارتفاع في كل من السوق الأسباني –IBEX 35، الإيطالي – MILAN MB30 K، الهولندي – AMSTERDAM EXCHANGE INDEX, والسويسري – SWISS MARKET INDEX. وأنهت السوق السويدية – OMX STOCKHOLM 30 INDEX على انخفاض في نهاية تعاملات الأسبوع.
وكان لبيانات الاقتصاد الأمريكي المتعلقة بالنمو والتوظف المشار إليها أثر كبير في ارتفاع مؤشرات الأسواق الأوروبية، حيث يمثل تعافي الاقتصاد الأمريكي إشارة جيدة إلى تحسن مؤشرات الاقتصاد العالمي، خصوصاً أن الولايات المتحدة تمثل الشريك التجاري الرئيس للاتحاد الأوروبي.