رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل نحول مرمى النفايات إلى متنزه أم العكس؟ (2 من 2)

[email protected]

من المؤكد أن هناك نظاما موحدا ذا معايير واضحة بشكل يحافظ على البيئة وعلى صحة البشر يتم تبنيه ومتابعة تنفيذه بصرامة, ولكن لابد من متابعة أداء الشركات عمليا وميدانيا, فقد تحاول بعضها في توفير قدر كبير من المصاريف إما باختزال خطوات مهمة في معالجة النفايات، وبالتالي فهي لا تطبق برنامج التخلص الآمن والسليم للنفايات. كما أنها قد تلجأ إلى تقليص أو دمج زيارات المواقع أثناء مرحلة الطمر، اعتقادا منها أن لا خطورة في بقاء النفايات غير معالجة لفترة أطول من المقرر، وذلك لجفاف أجوائنا وصحراوية تضاريس المملكة .. إلخ. لذلك حري بنا الحرص على سلامة الأطفال وكبار السن في المقام الأول بوضع حد لإلحاق الضرر بالموقع ومكوناته, فهناك أضرار جمالية للبيئة مثل الدخان والغبار والقمامة, وهناك أضرار لا يظهر أثرها إلا على المدى البعيد هي المسرطنات كالمواد المشعة والضوضاء وغيرها, فهل تم تلافي الأضرار بالنظام البيئي؟
إن تحويل مرمى النفايات إلى متنزه يجعلنا كمواطنين ومستفيدين وقرّاء نتساءل وعن الإجابات نبحث بتفاؤل:
(1) هل هناك قانون محلي يؤطر كيفية الاستفادة من مرمى النفايات وتحويله إلى متنزه لجعل مثل هذه التوجهات النبيلة أكثر تنظيما واتباعا للسياسات العامة وإفادة للمواطنين؟
(2) هل تم طرح ودراسة جميع المحاذير البيولوجية وقيست بمعيارية علمية لوضوح الرؤية قبل المضي في المشروع بأن يتم تحديد مكونات هذه المناطق وأجوائها على مدار العام وعلى مدى السنوات العشر الماضية لتكون أساسا معلوماتيا لمثل هذا المشروع؟
(3) هل من الممكن التعرُّف على نوعية النفايات الملقاة في هذا المرمى بالذات، ومن ثم التأكيد على أن تحويله لمتنزه يعتبر نقلة نوعية وآمنة؟
(4) هل مرّ على الموقع تغييرات طبيعية أو مستحدثة جعلته أحد الحلول في الاستفادة منه كمتنزه؟
(5) لقد أنجز في عدد من المناطق مثل هذا المشروع, فما هي نتائج تقارير المتابعة لهذه المتنزهات من حيث تحاليل جودة الهواء قبل وبعد المشروع؟
(6) حيث إن مهام الجهات المختلفة متعددة، فهل بني المشروع بعد أن رفع تقرير عمليات الفرز والطمر الصحي لجميع أنواع النفايات في الموقع المُراد تحويله إلى متنزه؟ وهل تم ذلك عن طريق اللجنة المختصة المكونة من وزارة الصحة ومصلحة الأرصاد الجوية والشؤون البلدية والدفاع المدني ومدينة الملك عبد العزيز والغرف التجارية، إضافة إلى المحافظة أو مجلس المنطقة؟
(7) ما حدود النطاق العمراني للمدينة، وهل هذا المنتزه سيلبي متطلبات مجتمع المنطقة ويضمن كفاية الخدمات فيه ليكون مشروعا ذا مردود اجتماعي وتنموي وقد يكون اقتصاديا أيضا؟
(8) هل سيكون منتزها ريفيا تنطبق عليه اشتراطات المنتزهات الريفية أم غير ذلك؟
(9) هل نضمن توفير مراقبة مستمرة لجودة الهواء في الموقع وفي مناطق النفايات الأخرى على مستوى المنطقة بالذات وعلى مستوى المملكة بصفة عامة؟. (10) هل في المنطقة ما يستدعي الاطلاع على معالم أو حياة برية أو تضاريس جديدة أو غريبة أو ما شابه لتكون خطوة إيجابية وتنموية فعلا؟
(11) من المعروف أن جدة على شاطئ طويل جدا, فهل الأجدى جعل الأهالي يزحفون إلى البر أم إلى البحر، وبالتالي صرف هذه "المائة مليون" في تحسين الكورنيش ووقف امتلاك الأراضي عليه وجعله متنفسا حقيقيا لجميع مواطني ومقيمي المملكة؟
(12) لقد ذكر أن الموقع لم يشكل تهديدا على الصحة ولا توجد أي خطورة منه, ولكن بماذا نرد على من قال "هل الأرض ضيقة إلى درجة أن نستدرج أطفالنا ويتنزهوا في أراضي النفايات؟".
(13) على صعيد آخر كيف سيكون وضع المتنزه بعد ارتياده؟ فسلوكيات بعض الأفراد تنم عن مستواهم الثقافي لديهم، فالبعض يحوّلونه إلى مرمى نفايات مرة أخرى بترك المخلفات والمأكولات وراءهم دون اهتمام بجمعها ورميها في حاوياتها المخصصة لها, والبعض الآخر لا يتبع إرشادات المتنزه من حيث استخدام تجهيزاته أو الخدمات الموفرة فيه، الأمر الذي يستدعي وقفة وإعداد جيدين لتقنين مثل هذا التحوّل وارتياد المنتزهات البرية بشكل عام.
إن المسؤولية الاجتماعية تجاه المواطن منهج مستدام واستثمار على المدى الطويل, وعملية تحويل المرمى إلى متنزه ليست فكرة آنية مبنية على توافر موازنات يمكن صرفها الآن لتكون عبئا اقتصاديا فيما بعد. لذلك حري بنا سلوك نهج مختلف - ولا أقول جديد - وليكن في تنفيذ مبادرة باسم "نحو بيئة نقية" أو "ليكن هواؤنا نقيا" أو "لنحول البرِّية إلى بيئة ثرية" نسعى بها إلى تنمية مشاركة المجتمع في استصلاح بيئته يدا بيد مع الأجهزة الخدمية. هذا سينهض بثقافة الفرد والمجتمع إلى مستوى مشرف نورثه لأجيالنا القادمة، فننمي فيهم تهذيب النفس البشرية وتدريبها على الإحساس بكل ما فيه إنماء المناطق والمدن. هذا التقارب مع المجتمع سيجعل الناس تهب للاعتناء بزيادة المساحة الخضراء في أنحاء المدينة أو في المتنزه, وحول الموقع وعلى الطرق المؤدية له. وبما أن الوعي البيئي من أهم مقومات بناء النظام الكفء, فهكذا سنستمر لنؤكد للمجتمع كل يوم بالعلم والدليل القاطع أن التنمية إلى استدامة بإذن الله. إن ما آمله حقا هو أن نبدأ في جعل المواطن مرتكز التطوير عند الإقدام على مثل هذه المشاريع، فهي منه وإليه والعائد تنموي كبير جدا عليه, فلنجعله يشعر بالرضا الصحي والنفسي والثقافي ويعبر عن مواطنته بدعم التوجه نحو مثل هذه المشاريع, والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي