رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


التحليل المحاسبي للاستثمارات

[email protected]

مع إقفال القوائم المالية للشركات هذا العام تبرز إلى السطح عند كثير من هذه الشركات مشكلة تقييم الاستثمارات ومعالجة الخسائر التي لحقت بهذه الشركات من التعامل في سوق الأسهم. وتطبيق معيار الاستثمار في الأوراق المالية الصادر من الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين يفرض على الشركات الاعتراف بالخسائر في حالة هبوط الاستثمارات هبوطاً دائماً، حيث ذكر المعيار عدداً من الأمثلة لما يمكن اعتباره هبوطاً دائماً، ومن ذلك هبوط السوق لفترة طويلة، وهو ما قد ينطبق على سوق الأسهم السعودي ابتداءً من شهر شباط (فبراير) 2006 حتى إقفال الميزانيات في كانون الأول ديسمبر من العام نفسه.
وبغض النظر عن المسائل المهنية والفنية التي يستهوي النقاش فيها زملاءنا المحاسبين، فإن قارئ القوائم المالية يجب عليه الانتباه لبند الاستثمارات المالية في قائمة المركز المالي، ولبند الخسائر غير المحققة في قائمة الدخل حتى يتسنى للمستثمر معرفة واقع وقيمة استثمارات الشركة في الوقت الراهن. والسبب في ضرورة التركيز على بند الاستثمارات في القوائم المالية هو تأثر هذا البند بمشاكل التقديرات المحاسبية التي لا تخلو منها القوائم المالية. فالمحاسبة عملية تتضمن تقديرات مهنية مقيدة بإرشادات، وصعوبة الأحداث والعمليات التجارية تجعل من المستحيل وضع نظم وإجراءات محاسبية موحدة لجميع الشركات في جميع الأوقات.
ومما قد يؤثر في مصداقية الاعتماد على التقارير المالية هو عامل الخطأ في التقديرات المحاسبية وكذلك حرية الاختيار والتقدير مما قد يؤدي إلى معلومات ناقصة أو غير دقيقة. وحرية الاختيار والتقدير تؤدي إلى انحراف المعلومات المحاسبية عن توضيح الوضع الاقتصادي الحالي للشركة. فالتقديرات الإدارية تتعرض أحياناً لضعف الأمانة أو حذف المعلومة، فإدارة الشركة لديها في بعض الأحيان حرية الاختيار في الأساليب المحاسبية للتلاعب في التقارير المالية. ولا شك أن الإدارة بما لديها من معرفة وإلمام بنشاطات الشركة تستطيع من خلال تطبيق البدائل المحاسبية توجيه الأرقام المالية نحو الاتجاه المرغوب إدارياً لتحقيق مصالح شخصية، وهذا ما يسمى في لغة الأعمال التلاعب في الدخل Earning Manipulation.
وهنا تظهر ضرورة "التحليل المحاسبي" للقوائم المالية من خلال تقييم "جودة الدخل" أو "جودة الأرباح" أو بشكل أشمل "جودة المحاسبة" في بيئة الشركات كلاً على حده. ويحتاج تقييم جودة الدخل إلى معرفة وخبرة محاسبية عالية. ويشمل التحليل المحاسبي أيضاً تقييم استمرارية الدخل في السنوات المقبلة، وهو ما يسمى "قوة استقرار الدخل". ولعلنا لا نبالغ أن التحليل المحاسبي يعتبر أقل أنواع التحليل تطبيقاً بكفاءة في السوق السعودي. ويرجع السبب إلى أن التحليل المحاسبي يحتاج إلى معرفة محاسبية متعمقة يصعب الإلمام بها لغير المتخصصين، وهذا ما يجعل كثيراً من المستثمرين يعتمد على التقارير المالية كما تم الإعلان عنها دون تحليلها محاسبياً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي