رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أيها المسؤولون.. فلنعايد الوطن بقصص نجاح

[email protected]

يقول لي صاحبي، وهو محبط من نظام المكافآت في وزارته، إنه وزملائه يعانون من غياب المحفزات لمزيد من الإنتاجية والعطاء والابتكار والإبداع مما يجعلهم يعملون بالحد الأدنى من المسؤولية الذي يعفيهم من المساءلة ذلك بأنهم إذا رفعوا سقف مسؤولياتهم إلى مستويات أعلى سيكافأون بالمزيد من العمل بينما يتمتع المتقاعسون بالراحة والترقيات وحتى الدورات التدريبية داخل البلاد وخارجها.
قصة صاحبي هذا هي لسان حال معظم موظفي الحكومة كمحصلة طبيعية لأمراض البيروقراطية المستشرية في الأجهزة الحكومية التي جعلت أداءها دون المأمول رغم عظم الإمكانيات المالية والبشرية المتاحة، فلا يزال المواطن يعاني من ضعف الخدمات الأساسية إضافة إلى معاناته من الانفلات السعري لأسعار السلع والخدمات المتزامن مع الانخفاض الحاد في جودتها.
ما العمل؟ هل نبقى دائما نلعن الظلام أم نضيء شمعة؟ هل نتفاعل مع هذه الأوضاع بسلبية حتى تصبح الأوضاع مثالية كما نحب أم يتخذ كل منا من موقعه خطوة علاجية تشكل دفعة إضافية لدفع الواقع نحو الأفضل؟ أعتقد أن كل ذي عقل ستكون الإجابة واضحة في ذهنه.
ولكي أوضح لكم ماذا يمكن لكل مسؤول أيا كان مستواه وموقعه أن يفعل من أجل نفسه والوطن والمواطن سأكمل لكم ما دار بيني وبين صاحبي المحبط إذ قلت له إننا نتحرك في سلوكياتنا من خلال دوافع داخلية ومحفزات خارجية، إذ يدفعنا الشعور بالجوع مثلا للبحث عن الطعام لنأكل، كما قد تحفزنا رائحة الشواء مثلا للأكل رغم كوننا غير جياع، وهذا يعني أننا لكي نعمل بجد وإخلاص بمسؤوليات لا سقف لها علينا أن نعزز الدوافع الداخلية والمحفزات الخارجية.
فقال لي أوضح دون أن تبيعني كلاما لا يغني ولا يسمن من جوع، فقلت له أبدا، ما عليك إلا استحضار أهدافك في الحياة التي عادة ما تتمحور في خمسة مجالات يمكن تلخيصها بعمل يتناسب ومؤهلاتك وعطاءك، ودخلا يحقق لك الحياة الكريمة، وصحة تمكنك من الاستمتاع بحياتك، وعلاقات اجتماعية متينة، وأخيرا رضا الخالق سبحانه وتعالى، وإذا استحضرت كل ذلك سيتكون لديك الدافع الداخلي القوي الذي يدفعك للمزيد من العطاء والإنتاجية والابتكار والإبداع لأن ذلك سيساهم مساهمة كبيرة في تحقيق أهدافك في تلك المجالات الخمسة، وبهذا نكون قد أوجدنا الدوافع.
قال وكيف أوجد الحوافز؟ فقلت له الحوافز كثيرة، فإضافة إلى الحافز المالي الذي يشكل لدى معظمنا الحافز الأمثل، هناك تحقيق الذات الذي يمثل الحافز الأهم لدى الكثير من الناس، حيث تصبح لدى الإنسان الثقة الكافية بنفسه التي تمكنه من التصدي للواقع والمشاكل والقضايا، وهناك التقدير الذي نحصل عليه من المسؤولين ومن المجتمع عامة ومن مجتمع الأعمال خاصة، وإذا نظرت إلى تلك الحوافز لوجدتها تتحول مع الزمن إلى إيرادات مالية كبيرة تعزز قدراتك على تحقيق أهدافك الدنيوية والأخروية .
فقال: وكيف لي أن أبدأ ؟ فقلت له أن تصنع قصة نجاح وثانية وثالثة، وأعدك أن تجد الأمور تسير من حولك دون أن تبذل أي جهد آخر إلى حيث تريد، فما إن تحقق قصص النجاح إلا وتجد الثقة بالنفس والتقدير من الآخرين والارتقاء في السلم الوظيفي والعروض المتعددة للعمل من جهات حكومية وخاصة حتى تتكاثر عليك الفرص فلا تعرف ما تختار، كما تكاثرت الظباء على خراش فلم يعرف ما يصيد.
فقال لي، وكيف لي أصنع قصة نجاح في عملي؟ فقلت له الكمال لله وحده ولا يوجد شيء أو نظام أو إجراء إلا ويمكن تطويره، وما عليك إلا البحث والتفكير والتشخيص في عملك لتجد ما يمكن تطويره لتبذل الجهد الفكري والسلوكي في تحقيق هذا التطوير لتسجل قصة نجاح يلمسها المسؤول والزميل والمواطن لتجد الثناء والحب والتقدير والاستقطاب، وقلت له إنه لدي من القصص التي تثبت ذلك المئات إن تكن الآلاف وفي وطننا هذا، كما لدى من القصص آلاف أخرى تثبت أن من تقاعس وتمنى على الله الأماني لايزال يراوح في مكانه رغم مرور عشرات السنين عليه وهو في وظيفته.
ختاما أقول لصاحبي ولكل مسؤول في بلادنا لنلغي الأعذار الواهية ولنعمل بكل جد وإخلاص فيما أوكل إلينا من أعمال لنعزز مسيرة التنمية في بلادنا ولنحقق أحلامنا وطموحاتنا الشخصية أيضا بتحقيق المصلحة العامة التي لا شك أنها ستعود علينا بصورة أو بأخرى، ولنعتبر العيد انطلاقة لنا نحو ذلك، نعم أيها المسؤولون، لنعايد الوطن بقصص النجاح التي نصنعها بأيدينا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي