تنسيق البنى التحتية المقبلة
أحد الانعكاسات الأخيرة لعملية إعادة هيكلة الجهاز التنفيذي للدولة مطلع أيار (مايو) 2003 ما تضمنته بنود الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1427/1428هـ من اعتمادات مخصصة للإنفاق على المشاريع العامة ومشاريع البنى التحتية ذات الصلة بالخدمات والتنمية.
البنية التحتية، بمعناها البسيط، تشمل مفاهيم عدة جرى عرف اقتصاديات التنمية على حصرها في شبكات الطرق، وشبكات الصرف الصحي. والبنية التحتية، بمعناها الشامل، تشمل جميع المشاريع الإنشائية، والتي من دونها لا يمكن لمقومات منظومة الاقتصاد المحلي من إيصال خدماتها إلى المستفيدين.
من تلك المشاريع، على سبيل المثال لا الحصر، إنشاء المطارات، والموانئ، و السدود، وشبكات الطرق، وشبكات الصرف الصحي، والمدارس، والمستشفيات، والمباني العامة، ومحطات التحلية إلى آخره من المشاريع الإنشائية الضخمة.
يسند عدد ليس بالقليل من منظومات الاقتصاد المحلي مهام تصميم، وتنفيذ، وصيانة مثل هذه المشاريع الإنشائية الضخمة إلى وزارة تسمى وزارة الأشغال العامة كمنظومة الاقتصاد الكويتي، واللبناني من خلال وزارة الأشغال العامة.
وبعض منظومات الاقتصاد المحلي تضيف مهام تصميم، وتنفيذ، وصيانة مشاريع الإسكان الشعبي والعام إلى مهام وزارة الأشغال العامة كمنظومة الاقتصاد الإماراتي، والأردني من خلال وزارة الأشغال العامة والإسكان.
كانت منظومة الاقتصاد السعودي، إلى وقت قريب، تنتهج سياسة مشابهة لسياسات تلك المنظومات الاقتصادية من خلال إسناد مهام تصميم، وتنفيذ، وصيانة المشاريع الإنشائية الضخمة إلى ما كان يعرف بوزارة الأشغال العامة والإسكان.
وأسهمت وزارة الأشغال العامة والإسكان، بشكل عام، في تحقيق الخطة الإنشائية لمنظومة الاقتصاد السعودي، بشكل خاص، في مواجهة تحدي الإسكان الشعبي، إبان الطفرة الاقتصادية الأولى في السبعينيات الميلادية من الألفية الماضية. تم ذلك من خلال الإشراف على صندوق التنمية العقارية، وإنشاء مجموعة من المجمعات السكنية الكبيرة في عدد من مدن المملكة، عرفت فيما بعد بمشاريع الإسكان العاجل.
تضاءلت الحاجة إلى وزارة الأشغال العامة والإسكان قبل قرابة أربعة أعوام عندما أصدر مرسوم ملكي كريم مطلع أيار (مايو) 2003، يقضي بإعادة هيكلة الجهاز التنفيذي للدولة. فألغيت وزارة الأشغال العامة والإسكان، ونقل ما يلزم من مهامها إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية، وبعض الأجهزة الحكومية الأخرى ذات العلاقة.
وأسندت مهمة الإشراف على الإسكان الشعبي إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، والتي فصلت لاحقا إلى وزارتين، وأسندت مهمة تنفيذ إستراتيجية الإسكان إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط، وأسندت مهمة الإشراف على صندوق التنمية العقارية إلى وزارة المالية.
أحد الانعكاسات الأخيرة لعملية إعادة هيكلة الجهاز التنفيذي للدولة ما تضمنته بنود الميزانية العامة للدولة للعام المالي الجديد 1427/1428هـ من اعتمادات مخصصة للإنفاق على المشاريع العامة و مشاريع البنى التحتية ذات الصلة بالخدمات والتنمية.
وبلغت نسبة الاعتمادات المخصصة للإنفاق على المشاريع العامة ذات الصلة بالخدمات والتنمية قرابة 25 في المائة، 95 مليار ريال، من مجموع النفقات العامة. تشمل هذه النسبة تنفيذ مشاريع خاصة بالخدمات والتنمية لمنظومة الاقتصاد السعودي.
ومن مجموع النفقات العامة، والبالغة 380 مليار ريال، حظيت مشاريع البنية التحتية التعليمية على نسبة 7.63 في المائة، الزراعية على نسبة 4.3 في المائة، النقل والاتصالات على نسبة 3.58 في المائة، البلدية على نسبة 2.92 في المائة، الاجتماعية على نسبة 2.63 في المائة، الصحية على نسبة 1.47 في المائة، وأخيرا وليس آخرا، البنية التحتية للصناعات البتروكيماوية على نسبة 1.14 في المائة.
يضاف إلى اعتمادات البنية التحتية للنقل والاتصالات ما اعتمد مسبقا من تأسيس الشركة السعودية للخطوط الحديدية لتنفيذ شبكة الخطوط الحديدية، والمشروع الوطني للتعاملات الإلكترونية الحكومية.
ويضاف إلى جميع هذه الاعتمادات المخصصة للمشاريع العامة ومشاريع البنى التحتية ذات الصلة بالخدمات والتنمية ما مقداره 3.8 مليار ريال سنويا، عبارة عن توزيع فائض إيرادات العام المالي الحالي، والبالغة 19 مليار ريال، على مدى خمسة أعوام مالية ابتداءً من العام المالي المقبل 1427/1428.
الخلاصة الشمولية من إعادة قراءة بنود الميزانية العامة للدولة أن سياسة الإنفاق على المشاريع العامة و مشاريع البنى التحتية ذات الصلة بالخدمات والتنمية انتهجت اللامركزية من خلال توزيع الاعتمادات المخصصة على القطاعات الخدمية والتنموية داخل منظومة الاقتصادي السعودي كالصحة، والتعليم، والشؤون الاجتماعية.
والنهج اللامركزي لتوزيع هذه الاعتمادات يشير إلى أن منظومة الاقتصاد السعودي مقبلة، بعون الله تعالى، على عملية تنموية متسارعة تستلزم متابعة تنفيذ مشاريع البنى التحتية بما يضمن تزويد مقومات منظومة الاقتصاد السعودي كالصحة، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، بشكل دوري حول ما تم إنجازه من مشاريع. الهدف الرئيس من هذا التنسيق هو تمكين هذه المقومات من إيصال خدماتها إلى المستفيدين حسب المجدول، وبأقل كمية ممكنه من النفقات.
تهنئة:
يسرني بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك أن أهنئ جميع القراء الأفاضل، سائلا الله، عز وجل، أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يعيده على الأمة الإسلامية وهي ترفل في ثوب العزة والفخر والتمكين.