موسم الحج والنقلة النوعية لهذا العام (2 من 2)
في هذا العام أبدت وزارة الحج دعما لجميع الوزارات والدوائر الحكومية في تنفيذ مهام خدمة الحجيج وسلامتهم, فعلى سبيل المثال قامت بتنظيم ورش عمل لتوعية عموم العاملين في الدولة, إضافة إلى العاملين في مؤسسات الحج ومؤسسات وشركات حجاج الداخل بما هو متصل بخطة تنظيم رمي الجمرات. عمليا سيتم تشغيل جسر الجمرات من قوات الأمن الخاصة والقوات المسلحة وستتم متابعة حركة سير الحجيج وتنظيم دخولهم والسيطرة على تجمعاتهم وتوزيعهم على مداخل جسر الجمرات, إضافة إلى تنظيم الحجيج حول منطقة الرجم, إلا أن الأهم هو تنظيم خروج الحجيج من الجسر والمحافظة على توازن الكثافة.
من ناحية أخرى الاستفادة من قبو السيارات والمصاعد الكبيرة للنقل الإسعافي للإصابات, إضافة إلى السلالم المتحركة والسلالم العادية. لقد تم تنفيذ جسر الجمرات بلا أعمدة تحمله لتسهيل عملية سير الحجيج أسفله, ولكن لا بد أيضا من تأكيد منع الافتراش واستخدام الخيام المنقولة وحمل الأمتعة أثناء الرمي ومنع الباعة الجائلين والمتسولين, ومنع استخدام العربات والمقاعد المتحركة, إضافة إلى منع الانتظار في منطقة الجمرات. كما ستوفر الوزارة حافلات لنقل الحجاج إلى مكة في حالة هطل أمطار غزيرة وبعد توقف الأمطار سيعودون مرة أخرى إلى أماكنهم.
أما من ناحية استخدام التقنية فقد أظهرت وزارة الحج تقدما ملموسا وسعت فعلا نحو أتمتة وميكنة عمل الوزارة والجهات المرابطة بها، فسيتم تعميم استخدام تقنية المعرِّفات الراديوية RFID الترددية لمتابعة، وتسجيل حركة أسطول حافلات النقل الترددي في المشاعر المقدسة بعد أن تم تنفيذه على نطاق محدود كتجربة في موسم حج العام الماضي 1426هـ. سيتم تطبيقه في هذا الموسم على كامل مسارات النقل الترددي لمؤسسة حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأمريكا وأستراليا ومؤسسة حجاج جنوب شرق آسيا, إضافة إلى مداخل مواقف الحافلات ومخارجها. حيث سيتم ربط بيانات كل حافلة على حدة بمركز أو غرفة خاصة للتحكم، وإعداد التقارير الآلية لقراءتها وتحليلها بعد انتهاء الموسم. من المتوقع أن تتوافر من استخدام هذه الآلية معلومات فورية عن مواقع الحافلات وأوقات خروجها أو عودتها، وعدد الردود التي أنجزتها. كما يتوقع عدة فوائد من تطبيق النظام, مثل: تحديد مناطق وأوقات الاختناقات, اكتمال أتمتة عملية تسجيل الحافلة عند الانطلاق والوصول ما يؤدي بالتالي إلى اختزال أعداد القوى العاملة, بعد التقييم والتحليل يمكن اكتشاف التفاوت في أداء الحافلات من عدة نواح مثل السرعة والتوقف وخلافهما وبشكل دقيق وموثق, ويمكن تعميم استخدام النظام ليساعد المراقبين والمسؤولين على متابعة حالة الحافلة وعمل اللازم عند نقاط معينة.
هذا يجعلنا نتساءل عن مدى اهتمام الجهات الأخرى باستخدام التقنية لتتوافر لها بيانات تساعد على تحليل واقع الخدمة ومن ثم التنسيق مع الجهات الأخرى لعمل دراسات ميدانية تنقل خدمة الحجيج نقلة نوعية وتخفف على ضيوف الرحمن مشقة الحج قدر الإمكان. أما ما يقترح فيمكن طرحه كالتالي: أولاً: حبذا لو تم تكثيف التنسيق بين الإمارة ووزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة التجارة في التعامل مع المباني السكنية الخاصة أو التجارية أو حتى الخدمية المعرضة للانهيار أو التي تحتاج إلى ترميمات إما أن تخلى وإما أن يبادر إلى إيجاد الحلول المباشرة لها كأن يكتمل الكشف عليها وترميمها أو إحلالها خلال عامين من الآن على الأكثر. ثانيا: من الأولى أن يبت في موضوع سكن الحجيج, فباستخدام الجبال المحيطة بمنطقة الجمرات في مشعر منى يمكن استيعاب أكبر عدد ممكن خلال أيام التشريق ونتوقع أن يتم التوجه نحو ذلك في العام المقبل, بإذن الله, حيث إن مزدلفة وحسب رؤية شخصية عبر السنوات الماضية لم تعد بمساحتها تستوعب كثافة الحجيج مساء اليوم التاسع. ثالثاً: الاهتمام بعدم تأثر أعمال بعثات الحج وإسكان الحجيج من خلال تعديل آلية إصدار تصاريح إسكان الحجاج كالاكتفاء بتقارير المكاتب الهندسية المعتمدة عن طريق وزارة التجارة لئلا تحدث مشكلة هذا العام في الأعوام المقبلة. رابعاًً: إن دور وزارة الشؤون البلدية والقروية لا يمكن إغفاله ولكن حبذا لو كثفت اللوحات الإرشادية والتوعوية في منطقة المشاعر وفي مكة المكرمة والمدينة المنورة التي تدعو الحجاج إلى وضع النفايات في الأوعية المخصصة لها، ريثما يتم تبني حل تكنولوجي حضاري للتخلص من النفايات سواء عبر قنوات شفط أو ممرات وقنوات تحت الأرض لنقلها إلى مواقع أخرى لعزلها والاستفادة منها بإعادة تصنيعها لأي منتج آخر كمشروع استثماري اقتصادي.
خامساً: إن لكل خطة خطة بديلة, وما نأمله حقا هو أن يتم تدريب العاملين على الخطط البديلة في كل جهاز أو قطاع وكأنها خطط أساسية لأهمية استنفارهم عند طلبهم وهم مستعدون تماما لكل ما يستجد خلال الموسم والجميع يعلم مدى أهميته. سادساً: على معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج إعادة النظر في أسلوب جمع المعلومات والبيانات والإحصاءات لمساعدة جميع الجهات بعمل الأبحاث اللازمة معه بشكل أفضل, خصوصا ونحن نتوقع الزيادة المطردة في أعداد الحجيج سواء الداخلية أو الخارجية, كما أن مستجدات الخدمة وآلية تنفيذها لم تعد تتم بالمعطيات التقليدية المعروفة. نسأل الله للحجاج حجا مبرورا وسعيا مشكورا ولكل المسؤولين والعاملين عملا صالحا مقبولا, إنه سميع مجيب.