رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


صناديق حكومية للإسكان

أصبح واضحا بعدما أعلنت المؤسسة العامة للتقاعد عن عزمها استثمار أرصدة المتقاعدين لتأمين مساكن خاصة بهم، أن هذا العزم لم يلق الرضا عنه لعدة أسباب تم تداولها في الصحف من مختلف الزوايا، خصوصا اشتراط وجود الأرض للمستفيد من عملية الإقراض، وخدمة عدد معين من السنوات، الأمر الذي جعل كثيرا من الشفاه تمط تعبيرا عن خيبة الأمل ولسان حالهم يقول: "كأنك يابو زيد ما غزيت!!".
لن أخوض في السياسة التي ستدرج عليها سفينة المؤسسة العامة للتقاعد للإقراض من أجل توفير السكن، ففي ظني أنها على الأقل علقت الجرس، ولعلها تعالج القصور في هذه السياسية لكي لا تتحول الشفاه الممطوطة إلى مزمومة وإنما لتنفرج عن ضحكة رحبة، وهو ما علينا أن نؤجل الحكم عليه إلى حين قرار المصلحة النهائي.
وعلى أي حال فإقراض المؤسسة العامة للتقاعد بقصد توفير السكن سيسد بعضا من الاحتياج على أي صورة ثم التنفيذ، إنما ستظل جموع غفيرة من المواطنين تتطلع إلى بيوت تملكها لتأوي إليها فأين الطريق؟
إن تعداد موظفي الدولة من هم على رأس العمل مدنيين وعسكريين قد يتجاوز مليونا، موزعين على عدد من الوزارات والمصالح الحكومية الأخرى، وهؤلاء فيهم من قد تحل قضيته المؤسسة العامة للتقاعد، إلا أن الغالبية لن يكون بوسعها الاستفادة، من فرصة هذا الإقراض. وقد يكون من المناسب التفكير جديا بأن تتولى كل مصلحة حكومية إنشاء صندوق إسكان خاص بمنسوبيها ليتولى إقراضهم وفق آلية مواردها التالية:
1- تضخ في الصندوق كل الأموال المتبقية من البابين الثاني والثالث، في ميزانية الجهة والتي عادة ما تحرص الجهات على استنفادها في نهاية العام إما بتغيير الأثاث أو شراء لوازم مكتبية وغيرها، لكيلا تعاد إلى وزارة المالية كوفر، وبالتالي يقتطع هذا الوفر من ميزانية الجهة في السنة المقبلة. وهو مبلغ ليس بالقليل على أية حال.
2- أن تعمد الدولة إلى دعم هذه الصناديق بحجم معين من المال سنويا، وفقا لعدد منسوبي الجهة من القوى البشرية الوطنية.
3- أن يتم خصم ما نسبته مثلا 20 في المائة من مرتب الموظف الراغب في الحصول على سكن، وتوضع لعملية الإقراض أولويات بحسب مدة العمل، شريطة ألا يطلب من الموظف توفير الأرض، وإنما تكون هذه من مهام الجهة، وفيما لو حدثت فروقات واضحة في أقيام الأراضي بسبب الموقع مثلا، يتم الاتفاق مع الموظف على تحمل الفرق، إما من خلال زيادة نسبة المخصوم من مرتبه أو يدفع المطلوب نقدا.
تبقى مسائل التصاميم والإضافات التي يرغب فيها البعض، خاضعة هي الأخرى للنقاش والتداول وإقرار صيغ وشروط خاصة بها، يتفق عليها المقرض (الجهة) والمقترض (الموظف).
قد يكون هذا الاقتراح، في مادته الأولية بحاجة إلى التقعيد نظاميا وفق المعهود من الإجراءات ذات العلاقة بسياسات الإقراض والصناديق المعنية بها. غير أن أخذ مسألة الإسكان بالصرامة والجدية والمبادرة مسألة لا تنتظر التسويف كثيرا، فنحن بالفعل وسط دوامة أزمة إسكان حرجة حقا، خصوصا وقد كشف قرار المؤسسة العامة للتقاعد عن أن هناك 45 في المائة من المتقاعدين دون سكن، فإذا أضفنا إليهم هؤلاء الـ (مليون) موظف على رأس العمل ومعهم أولئك الذين ينتظرون ميلاد فجر الإسكان الشعبي، ندرك أن حجم الطلب قد يتجاوز ما ذهبت إليه التقديرات، التي حددته بثلاثة ملايين وحدة سكنية خلال أقل من 20 عاما المقبلة.
وما أسرعها أعواماً على الأحياء في أملاكهم وما أثقلها وطأة وأشدها مرارة على من يصرُّون "القرش مع القرش لشراء قطعة أرض أو منزل صغير لكنهم كلما لاح لهم أمل بجمع المبلغ المطلوب طار السعر إلى أعلى من المستطاع" فهل من سبيل إلى جعله للجميع مستطاعا؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي