رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ما زال السؤال قائما: ما مصير طروحات صحافتنا؟

[email protected]

أريد أن أثني مشيدا بمقالة الدكتور هاشم بن عبد الله الصالح "هل الواقع الإداري ينهض بتطلعاتنا التنموية؟" المنشورة في هذه الجريدة "الاقتصادية" الجمعة 3 من ذي القعدة, وهي ليست إشادة مجاملة بين زميلين في صفحة "الرأي" في "الاقتصادية", فالدكتور هاشم هناك على الساحل الشرقي في مدينة الدمام أستاذ في جامعة الملك فيصل وأنا في الساحل الغربي في مدينة جدة, وليس بيننا أي تواصل إلا من خلال صفحة "الرأي" فقط. وإشارتي إلى مقالة الدكتور هاشم نابعة من مضمونها المهم, لكونها تعالج وتشخص سلبية مؤثرة ولها تبعات عكسية أدت ومازالت تؤدي إلى تردي نتائج الأداء العام نتيجة عيوب وثقوب في نظامنا الإداري. فالإدارة عنوان النجاح متى ما كانت فاعلة, كما أنها سبب الإخفاق والفشل حين تكون عشوائية غير مؤسسة على رؤية استراتيجية. والثروة من أموال وطاقات بشرية وخطط تنموية لن تؤدي إلى نتائج إيجابية ما لم تدر بفكر إداري يستطيع توظيفها بطرق صحيحة وفق منهج إداري لا يؤدي إلى هدر المال العام والقدرات وضياع الوقت حين تدار الأمور بفكر أن الإدارة "سلطة وتسلطن", كما أشار الدكتور هاشم في مقالته. ومن المؤسف أن هذا هو حالنا الإداري الذي هو المتسبب في بقاء مشكلاتنا الأساسية من دون حلول جذرية على الرغم مما صرف على مدى السنوات الماضية من زيادة البطالة وبروز حالات الفقر وعدم فاعلية مشاريعنا التي تتعطل فاعليتها إما بسبب بيروقراطيتنا وإما لأنها تنفذ بمعايير ومقاييس متدنية, حسب رأي الدكتور هاشم. فالإدارة حين تطبع بالسلطة والسلطنة تصبح منصبا تغلب عليه الشخصنة لا متطلبات المسؤولية المسؤولة عن مصلحة عامة, ومن أخطر نتائج إصابة الإدارة بالسلطنة والسلطة والشخصنة أنها تعطى الفرصة لسطوة المنتفعين والمنافقين والطبالين لكسب الحظوة والثقة على حساب الآخرين ومصالح العمل الحقيقية من ناحية, ومن ناحية أخرى تجبر الموظفين المنفذين للعمل بما يرضي المسؤول لا بما يخدم المصلحة العامة المؤتمنين عليها, وهذا عيب نلاحظه في كل دائرة صغرت أم كبرت, فالمدير يصبح هو محور العمل منفردا و من ثم محط نظر موظفيه, الذي يسعى بعض منهم ممن يدرك عيوب الفكر الإداري السائد لدينا إلى التقرب إليه بما يرضي ذاتيته الإدارية.
لست هنا في وارد تلخيص مقالة الدكتور هاشم الصالح المهمة جدا, فمن يريد الاطلاع عليها فليرجع إلى موقع جريدة "الاقتصادية" الإلكتروني, ولكن ما أسعي إليه بإشارتي إلى مقالة كاتب زميل في صفحة "الرأي" هو تساؤل سبق أن طرحته في هذه الجريدة في مقال كان بعنوان "طروحات صحافتنا .. هل ما زالت كلام جرائد؟ " بتاريخ 23/9/1426هـ, وقد كان حول مصير كثير مما يطرح من قضايا جادة في صحافتنا عبر مقالات, كمقالة الدكتور هاشم, تشخص العيوب وتعالج السلبيات وتقدم الحلول, التي تثير قضايا حري بها أن تجذب الاهتمام والمتابعة من الجهات المسؤولة والمعنية بالشأن العام, لا أن ينتهي مفعولها وتطوى قيمة ما تضمنته من رأي وطرح مع طوي عدد الصحيفة. وإشارتي إلى مقالة الدكتور هاشم التي أرى أنها من المقالات المشخصة لحالات سلبية بعلمية ورؤية ثاقبة لوضعنا الإداري المسبب لهذا الهدر وعدم فاعلية مشاريعنا وبرامجنا التنموية, هو بدافع ضرب المثل لقيمة ما يكتب في صحافتنا من آراء قيمة وانعدام ملاحظة أي صدى له على كل المستويات, وهو أيضا ما يدفع لإعادة التساؤل عن مصير بعض الطروحات الكتابية في صحافتنا, خصوصا تلك التي تحفل بالنقد البناء والمتضمنة آراء قيمة تعالج سلبيات مؤثرة في الأداء العام. فمثل هذه المقالات لكتاب وتحقيقات صحافية التي تلقي الضوء الساطع على أخطاء وسلبيات تعوق عملنا وتؤخر إنتاجيتنا, يجب فعلا ألا تمر مرور الكرام وكأنها تتحدث وتناقش قضايا لا علاقة لنا بها. فالصحافة إذا كانت فعلا كما توصف بأنها مرآة المجتمع وتعكس همومه ومشكلاته وشجونه, فمن الواجب أن يستفاد من طروحاتها وتجد من يعنى بها, فصحافتنا خصوصا في السنوات الأخيرة باتت تلعب أدوارا مهمة وفاعلة في الإسهام في إثراء الساحة بالآراء النقدية الموضوعية انعكاسا للتوجه الذي أرساه خادم الحرمين الشريفين, حفظه الله, من خلال دعوته الخيرة بفتح باب الحوار والنقاش الواسع على امتداد الوطن انطلاقا من سلسلة الحوارات الوطنية مرورا بتحويل صحافتنا إلى منابر رأي حر ضمن إطار النقد البناء وإسهاما منها في فتح صفحاتها لكل صاحب رأي يمكن أن يثري بفكره هذا التوجه, إلا أن أي جهد في هذا المضمار يصبح مثل الدخان الذي يضيع في الهواء وكأنه لم يكن إن لم يجد له صدى وينعكس بمتابعة إصلاحية. وهنا أسترجع الكثير والكثير مما طرح في صحافتنا وبأقلام العديد من الكتاب حول قضايا عديدة تعالج مسائل ذات ارتباط بمصالح البلد والناس من بطالة وفقر وتأخر المشاريع والسكن والمياه والمجاري وحالة المرور المتردية في جميع المدن وضعف مستوى الخدمات ومشكلات التعليم والعمالة الأجنبية إلى أن وصلنا إلى قاصمة الظهر سوق الأسهم وما خلفته من انهيار أصاب مدخرات غالبية الناس ونحن نتغنى, وعن حق, بقوة اقتصادنا ومتانته!
هنا أتساءل: لم لا توجد جهة تتابع ما يطرح في صحافتنا من آراء قيمة ومعالجة علمية ونقد بناء وتتبناه , كون من يكتبها يشارك من دون دعوة ومتبرعا بحكم انتمائه الوطني بفكره ورأيه في إثراء ساحتنا المحتاجة إلى كل رأي وفكر نير؟ وهنا أتساءل أيضا: أين دور مجلس الشورى وهيئة الرقابة والتحقيق ووزارة التخطيط من كل ذلك؟ أليسوا معنيين بهذه الطروحات ومن مهامهم كما أظن متابعتها والعناية بها ومناقشتها لاستخراج منها ما يدعم عملنا ويطور أداءنا ؟
المهم في الأمر أنه يعز علي وعلى كل مواطن مهما كان موقعه هدر الأفكار والآراء النيرة والنقد البناء دون أن يستفاد منها وتترجم إلى برامج عمل تسهم في إصلاح سلبياتنا وتقوي من دعائمنا وتقضي على عوامل البيروقراطية الضارة وأهمها ما له علاقة بفكرنا الإداري, الذي متي ما صلح صلح شأننا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي