المناخ والاقتصاد يجبران "أوبك" على ضبط الإنتاج لدعم الأسعار
الثلاثاء الماضي، الثاني من هذا الشهر وهو أول يوم تداول بعد عطلة نهاية العام، تراجع سعر خام ويست تكساس 59 سنتا لشحنات شباط (فبراير) ليباع البرميل بنحو 60.64 دولار، كما بيع خام برنت بمبلغ 60.18 دولارا للبرميل متراجعا 68 سنتا. ويأتي هذا في اليوم الذي أعلنت فيه القيادة الإيرانية عدم استعدادها للالتزام بقرارات مجلس الأمن الخاصة بوقفها برنامج التخصيب في مشروعها النووي.
أحد الأسباب التي ذكرت في هذا التراجع أن الطقس في النصف الشمالي من الكرة الأرضية يمر بمرحلة من الدفء غير معهودة. وفي أواخر الشهر الماضي صدرت بعض التقارير التي تشير إلى أن منطقة واشنطن أصبحت خلال العام الماضي ثامن أكبر منطقة تتميز بالدفء منذ بداية جمع المعلومات الخاصة بالطقس عام 1871. وكان كانون الثاني (يناير) من العام الماضي واحدا من أدفأ الشهور وفق سجلات الطقس.
ولا يقتصر الأمر على النصف الشمالي فقط، فقمم الجبال في القارة الإفريقية مثل كلمنجارو، الذي اكتشفه الرحالة عام 1848 بدأت تتقلص، وهو ما أعاد التركيز على قضية التغير المناخي وتأثيرها على استهلاك الوقود. فتراجع سعر برميل النفط خلال الفترة الماضية يعود في جزء منه إلى انتشار موجة الدفء ومن ثم عدم الحاجة إلى استهلاك زيت التدفئة بكميات كبيرة مثلما كان يحدث في مثل هذا الوقت من العام.
والى جانب عامل الطقس، فإن التوقعات الخاصة بالوضع الاقتصادي في كل من الولايات المتحدة والصين تشير إلى بروز مؤشرات ضعف في هاتين الدولتين، وهما أول وثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم. والتركيز على الصين التي سحبت إلى حد كبير قاطرة النمو في الطلب على النفط، إذ تشكل لوحدها ما نسبته 40 في المائة من حجم النمو المتوقع في الطلب على النفط.
الاقتصاد الصيني، ولأسباب تتعلق بالسياسات الداخلية، يتجه إلى تحقيق تراجع في حجم النمو 10.4 في المائة حققها العام الماضي إلى 9.6 في المائة هذا العام. وبصورة عامة بدأت تتزايد التوقعات بتراجع في حجم الطلب على النفط هذا العام.
وفي تقرير لمايكل روثمان الخبير في مؤسسة إنتجريتد أويل أبديت، أن الربع الأخير من العام الماضي شهد علامات ضعف واضحة فيما يخص الطلب على النفط بلغ 40 في المائة عما كان مقدرا من قبل، فالإمدادات في شهري تشرين الأول (أكتوبر) وتشرين الثاني (نوفمبر) الماضيين بلغت 85.4 مليون برميل يوميا، وبإضافة مليون برميل سحبت من المخزونات، فإن الطلب يكون قد بلغ 86.4 مليون، أي أقل بنحو 700 ألف برميل يوميا التي قدرتها المؤسسة في السابق، ليصل حجم الطلب إلى 87.1 مليون وذلك اعتمادا على حركة الناقلات والتعاقدات بين المنتجين والمستهلكين.
تلازم عاملي الدفء المناخي، تراجع معدلات النمو الاقتصادي رغم أن مناطق الشرق الأوسط وآسيا يمكن أن يعوض جزئيا عن تراجع الطلب في الولايات المتحدة والصين، سيفرض على منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) التركيز على سياسة ضبط الإنتاج لدعم الأسعار، وهو ما اتضح في قرارات الاجتماع الأخير في العاصمة النيجيرية أبوجا منتصف الشهر الماضي، التي رأى فيها المركز الدولي لدراسات الطاقة في لندن، وسيلة لكسب الوقت حتى تتضح الصورة بجلاء وعندها يمكن تطبيق خفض نصف مليون برميل يوميا أخرى، الأمر الذي يضع السقف الكلي لإنتاج المنظمة في حدود 25.8 مليون برميل يوميا ابتدء من مطلع الشهر المقبل.
ففي تقدير المنظمة أن هذا العام سيشهد تراجعا في الطلب بمعدل 700 ألف برميل يوميا، ومع توقع بناء المخزونات بنحو 800 ألف برميل يوميا أخرى، فإن إزالة مليون ونصف المليون برميل يوميا من السوق تصبح ضرورية لمنع بناء المخزونات مجددا.
<p align="center"><img title="" alt="" src="/files/EQT_P25_01122006_ED1001.jpg"></p>