"الاقتصادية" تستعرض مؤشرات المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة

"الاقتصادية" تستعرض مؤشرات المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة

انضمت "ستاندرد آند بورز" إلى سرب المؤشرات المتطابقة مع الشريعة الإسلامية. التي تعتبر ركن الأساس الجوهري الذي تعتمد عليه الصناديق الإسلامية في البنوك الخليجية التي كثر الطلب عليها في الآونة الأخيرة نظرا لاعتقاد البعض أنها بمثابة البديل المناسب لصناديق الأسهم المحلية. إلا أن القاسم المشترك مع هذه المؤسسات الغربية هو استعانتها بعلماء الدين العرب بهدف تقديم الاستشارات الدينية لهذه المؤشرات.
وبهذا أصبحت أبواب الاستثمار مشرعة الأبواب نحو الأسواق الأمريكية والأوروبية واليابانية التي تنتظر التدفقات المالية "الإسلامية" المقبلة من الشرق الأوسط.

قالت "ستاندرد آند بورز" الأسبوع الماضي إنها أطلقت نسخاً من مؤشراتها العالمية التي تستخدم على نطاق واسع، مثل S&P 500 مؤشر ستاندرد آند بورز 500، وذلك استجابة للطلب المتزايد على المنتجات والخدمات المالية التي تتمشى مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وقالت وكالة التصنيف الائتماني إن مبادرتها تهدف إلى خلق فرص جديدة للمستثمرين المسلمين لقياس استثماراتهم الدولية استناداً إلى مؤشرات معروفة، وكذلك لمديري الموجودات لتطوير منتجات جديدة تخدم المجتمع الإسلامي.

جدير بالذكر أن المؤشرات الثلاثة الجديدة، وهي مؤشر S&P 500 Shariah ستاندرد آند بورز 500 شريعة، وS&P Europe 350 Shariah ستاندرد آند بورز أوروبا 350، وS&P Japan 500 Shariah ستاندرد آند بورز اليابان 500 شريعة، تدرس أوضاع الأسهم في المؤشرات الأصلية التي تتمشى مع أحكام الشريعة الإسلامية.
"الاقتصادية" بدورها حاولت معرفة الأسباب التي دعت إلى إطلاق هذه المؤشرات، وعما إذا كان كل ذلك قد تم استجابة لعملائهم الخليجيين, فكانت الإجابة من ألكا بانيريجي، نائبة رئيس قسم المؤشرات العالمية في " ستاندرد آند بورز", التي أكدت ذلك بقولها "لقد تلقينا عدة مطالبات واستفسارات في السنتين الماضيتين لإطلاق المؤشرات المتطابقة مع الشريعة. حيث شعرنا أن هناك حاجة قوية لتأسيس مؤشرات أسهم معترف بها في حيز المالية الإسلامية بغرض تمكين المستثمرين من الاستثمار ضمن نطاق الشريعة".
وأضافت عبر المقابلة التي أجريت معها عبر البريد الإلكتروني "إن الاستثمار العالمي في الأوراق المالية التي تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية ينطوي على إمكانيات هائلة، ولكن الذي أعاق نموه السريع هو غياب مؤشرات مقبولة عالمياً لقياس الأداء وكذلك غياب الأدوات الاستثمارية الأخرى التي تراعي أحكام الشريعة. ولذلك ستقدم مؤشرات ستاندرد آند بورز الخاصة بالأوراق المالية الإسلامية للمستثمرين المسلمين، والمؤسسات التي تخدمهم، ستقدم لهم مجموعة من المقاييس والمؤشرات الدولية التي تتمتع بالدقة والصرامة المنهجية. فضلاً عن ذلك، فإن المؤشرات المذكورة تعطي الفرصة لمطوري المنتجات لخلق منتجات استثمارية مهيكلة تناسب السوق الإسلامية، وفي الوقت نفسه الاستفادة من السيولة والقابلية للاستثمار التي تتمتع بها مؤشرات ستاندرد آند بورز.

وترى ألكا بانيريجي أن "الأفق الاستثماري الجديد "سينفتح أمام صناديق البنوك الإسلامية والتقليدية ولا سيما تلك التي تتخذ من دول الخليج الفائضة بأموال النفط مركزا لها. وكشفت لـ "الاقتصادية" أنه نظرا لتشابه معايير الشريعة مع معايير "الاستثمار الأخلاقي", التي بدأت تحظى بشعبية بالعالم الغربي, فإن " ستاندرد آند بورز تتوقع بشكل كامل من استخدام المستثمرين غير المسلمين لهذه المؤشرات بسبب ملاءمتها لمعاييرهم الأخلاقية أو كوسيلة لتنويع منهجياتهم الاستثمارية بهدف الحصول على عائدات من مصادر مختلفة".

الأسواق الرأسمالية
إن المؤشرات المتعلقة بالأوراق المالية الإسلامية تستند إلى عدد أقل من الشركات التي تستند إليها المؤشرات، ولكنها مع ذلك مصممة لتكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمؤشر الأصلي ولتقدم للمستثمرين محافظ استثمارية على المنوال نفسه. على سبيل المثال، يستند مؤشر ستاندرد آند بورز500 شريعة على 295 شركة فقط، يبلغ إجمالي رسملتها السوقية 7.76 تريليون دولار، في مقابل المؤشر الأساس الذي يستند إليه المؤشر المذكور الذي تبلغ الرسملة السوقية للشركات فيه 12.86 تريليون دولار. ولكن يبلغ متوسط الرسملة السوقية لمؤشر الشريعة 26.31 مليار دولار، الذي يعادل تقريباً الرسملة السوقية للمؤشر الأساس البالغة 25.72 مليار دولار.

البداية كانت مع "داو جونز"
إن مؤشر ستاندرد آند بورز ليس هو المؤشر الوحيد في هذا المجال بأية حال. فقد أنشئ ليتنافس مع مؤشر مماثل من "داو جونز" الذي أُطلق عام 1999. وتشتمل السلسلة اليوم على أكثر من 60 مؤشرا، وتظل أشمل مجموعة من مقاييس السوق الإسلامية.

مجلس الرقابة الشرعية على المؤشرات
لا توجد حتى الآن أية تفاصيل حول كيفية إنشاء مؤشر ستاندرد آند بورز. ولكن موقع "داو جونز" على الإنترنت يعطي الوصف التالي للقواعد التي تقوم عليها مؤشرات داو جونز للسوق الإسلامية:
"توضع المؤشرات وتدار استناداً إلى منهجية صارمة ومنشورة. وهناك مجلس خاص يعرف باسم "مجلس الرقابة الشرعية على المؤشرات" يقدم النصح والمشورة لمؤشرات داو جونز بخصوص اختيار الشركات المستخدمة في المؤشر بحسب التزام التعامل معها بأحكام الشريعة الإسلامية.
وتُختار الشركات الداخلة في مؤشر داو جونز للسوق الإسلامية من مؤشر داو جونز العالمي Dow Jones World Index، الذي يغطي تقريباً 95 في المائة من الرسملة السوقية للشركات العامة في 44 بلداً من الشركات المتاحة للمستثمرين الأجانب.
ويشتمل مؤشر داو جونز على جميع الأوراق المالية في مؤشر داو جونز العالمي ما عدا الشركات التي تتعامل في المجالات التي لا تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، على النحو التالي:
يستثنى من المؤشر الشركات التي تتعامل في تجارة الخمور ومنتجاتها، ولحم الخنزير ومنتجاته، والشركات التي تقدم الخدمات المالية التقليدية (أي الخدمات البنكية والتأمين وما إلى ذلك)، والشركات التي تقدم الخدمات الترفيهية (مثل الفنادق والكازينوهات ونوادي القمار والسينما والمواد الإباحية والموسيقى وما إلى ذلك). ورغم أن شركات إنتاج الدخان وشركات صناعة الأسلحة ليست محرمة تحريماً قطعياً من حيث الاستثمار فيها بموجب أحكام الشريعة الإسلامية، إلا أنها استبعدت كذلك من الدخول في المؤشرات.
يتألف مجلس الرقابة الشرعية من ستة أعضاء يأتون من ستة بلدان إسلامية، ومن بينهم الشيخ الدكتور محمد علي القاري من المملكة العربية السعودية. إضافة إلى علماء آخرين من: سورية، البحرين، ماليزيا، وأمريكا.
يشغل الدكتور القاري منصب مدير مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبد العزيز. وهو من الخبراء الذين يعملون في أكاديمية الفقه الإسلامي. كما أنه يعمل مستشاراً لعدد من المؤسسات المالية الإسلامية العالمية، وله العديد من المؤلفات حول المصرفية الإسلامية.
إما بخصوص الجانب الإشرافي الشرعي لمؤشرات ستاندرد آند بورز للأوراق المالية الإسلامية, فقد تكفلت بهاRatings Intelligence Partners، وهي مؤسسة استشارية مقرها الكويت ومتخصصة في سوق الاستثمارات الإسلامية، ويعمل باحثوها المسلمون بصورة مباشرة مع مجلس الرقابة الشرعية.

الصندوق الشرعي المدرج
منذ عام 2000 كان هناك صندوق قيد التداول لدى بورصة ناسداك. ورغم أن كلمة "مؤشر" داخلة في اسم الصندوق، إلا أنه لا يمكن تصنيفه إلا باعتباره "صندوق مؤشر جزئي". هذا الصندوق هو" صندوق مؤشر داو جونز الإسلامي".
ويهدف الاستثمار إلى تحقيق النمو في رأس المال مع الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية. ويستثمر الصندوق في العادة 80 في المائة على الأقل من صافي الموجودات في الأوراق المالية المحلية والأجنبية المدرجة في مؤشرات داو جونز الإسلامية، إلى جانب استثمارات تصل إلى 20 في المائة من صافي الموجودات في الأوراق المالية التي يختارها المستشار والتي تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية. ومن بين الأوراق المالية التي تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية، يحدد المستشار الاستثماري مدى جاذبية الأوراق المالية للشراء استناداً إلى عدد من العوامل، بما في ذلك قيمتها المتوقعة، وتاريخها في نمو الإيرادات، من بين أشياء أخرى.
وتشكل شركات النفط نحو 10 في المائة من صافي موجودات الصندوق و8 في المائة منه مستثمرة في شركات برامج الكمبيوتر.

مؤشر خاص للصكوك
أطلق مصرف سيتي جروب و"داو جونز" في السابع من آذار (مارس) 2006 "مؤشر داو جونز للصكوك"، وهو مؤشر للسندات التي تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية.
يقول "سيتي جروب" إنه تم إنشاء المؤشر، وهو الأول من نوعه، لاستخدامه في الدرجة الأولى كمقياس يسترشد به المستثمرون الراغبون في التعامل مع الاستثمارات ذات الدخل الثابت التي تتمشى مع أحكام الشريعة الإسلامية. فضلاً عن ذلك يقول سيتي جروب إن المؤشر يمكن أن يكون مفيداً في زيادة التداول في السوق الثانوية في فئة الموجودات المتنامية وتسهيل التداول بالقيمة النسبية فيما بين الأسواق.

الصناديق الأخلاقية
في الوقت نفسه، ازدادت شعبية الصناديق الأخلاقية بصورة عجيبة خلال السنين الماضية، مما رفع من الطلب على المؤشرات الدولية المتخصصة.

تبلغ القيمة التقديرية للموجودات العالمية التي تستثمر استناداً إلى أحكام الشريعة الإسلامية حتى تاريخه ما بين 200 مليار إلى 350 مليار دولار (100 مليار إلى 180 مليار جنيه استرليني)، وهي تتزايد بنسبة 10 إلى 15 في المائة في السنة.
وكان أول صندوق معروف بأنه مخصص للأسهم الإسلامية هو صندوق Amana Income Fund، الذي تأسس في عام 1986 على يد أعضاء في الصندوق الإسلامي لأمريكا الشمالية، وهي منظمة مقرها ولاية آنديانا الأمريكية وتشرف على تمويل المساجد في الولايات المتحدة.

الأكثر قراءة