رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مولـد الطفرة العقارية الحديثة في الخليج

[email protected]

تطرقت منذ أشهر إلى أن منطقة الخليج العربي ستمر بنهضة عقارية حقيقية هي نواة وبداية القفزة الهائلة للتطوير العقاري والحضاري التي ستنفجر والتي لم يشهدها تاريخ الاستثمار العقاري بعد والتي لا تقارن بالحقبة الماضية أو ما نسميه بالتطوير العقاري المتحفظ الذي كان يقوده ما أسميهم بقابضي الورق أو الأراضي. واليوم أؤكد أن القطاع العقاري بدأ يعيش بداية الطفرة. والتي لن تكتمل إلا بعد توفير البيئة القانونية والتنظيمية سواء من سّن القوانين لحماية المستثمرين وإنهاء الموافقة على نظام الرهن العقاري وإيجاد الهيئة العليا للعقار. كما أنها ستحتاج إلى قدر كبير من التخطيط والتنسيق والحذر لعدم تضارب التوجه الذي ستمليه الاستثمارات في المدن الاقتصادية على توجه واستثمارات بقية العقاريين في المدن والضواحي الحالية والمخططات التقليدية. فتلك المدن الاقتصادية قد تلتهم قدرا كبيرا من الطلب الحالي على المخزون الحالي من الأراضي والعقارات التي يمتلكها السوق العقاري الحالي. وهي طفرة ستدوم طالما أن الاقتصاد الوطني يرضخ تحت عوائق الاستثمار في القطاعات الأخرى مما جعله يعتمد ويتعاقب على قطاعين يتيمين، هما سوق الأسهم وسوق العقار فقط.
بداية الطفرة تشهد مؤتمرات ومنتديات ومعارض تركزت في الأشهر الحالية بدءا من "سيتي سكيب" في دبي الأسبوع الماضي إلى منتدى الأحياء السكنية والنظرة المستقبلية للأنظمة العمرانية غدا في الغرفة التجارية والصناعية، ثم ندوة الأحياء السكنية التي ستقوم بها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، والمؤتمر العقاري الذي ينظمه مجلس الغرف التجارية في مطلع العام المقبل. ومشاريع عملاقة ومبتكرة وجريئة مثل مشاريع المدن الاقتصادية والمعرفية في المملكة، والنخلة والعالم وغيرها في الإمارات أو المرسى المالي في البحرين، أو جزيرة اللؤلؤ في قطر، أو شاطئ نصف القمر وناطحات السحاب في الرياض. ويصاحبها دخول شركات عقارية وتمويلية كبيرة مخولة تنفيذ مشاريع عملاقة ومدن متكاملة الخدمات.
هذه الاستعدادات هي حفل تدشين النهضة العقارية المقبلة ونواة التطوير العقاري الحديث والنهضة الحضارية التي ستمحو ما قبلها من التخبط العقاري. وهي نقلة تضاهي وقد تتخطى ما يدور في العالم المتقدم. كما أنها معدية حيث إن ارتفاع قيمتها لا بد أن يساعد على رفع مستوى وقيمة العقارات في بقية العالم العربي من سورية والأردن إلى مصر والمغرب العربي. وسيتعدى التركيز الحالي من الاستثمار في المشاريع السكنية إلى الصناعية والمكتبية ومشاريع الطاقة النووية والإلكترونية.
ويرجع سبب نجاحها إلى مجموعة من الحوافز أهمها:
? نضج التفكير ونمو الوعي والحس المعماري والحضاري للمواطن الخليجي الذي أصبح لا يرضى بأقل مما يراه بعد زيادة ثقافته واطلاعه وبعد الانفتاح والسفر وسرعة الاتصالات. وأصبح لديه الاستعداد لتقدير الأعمال الجيدة والمتميزة واستعداده لدفع مبالغ أكبر للمصممين والمكاتب الهندسية.
? ارتفاع أسعار النفط والغاز حتى لو لم تستمر فإن ما توافر من السيولة يكفي كدفعة مقدمة لتطوير مشاريع أكبر للسنوات المقبلة.
? تطور ونمو المؤسسات الخدمية العقارية في مجالات التمويل والماليات والتصميم والتسويق والإعلان وغيرها.
? النمو السكاني الهائل لشعوب المنطقة وتركزه في المدن الكبرى، إضافة إلى توطين الأجانب.
? تحرير التجارة العالمية والتحالفات الخليجية وحتى على مستوى المؤسسات والشركات الخليجية.
? تدشين المدن الاقتصادية والمعرفية الجديدة وبتنظيمات بناء مخالفة للأنظمة الحالية للبلديات والأمانات سيساعد على تغير الأنظمة العمرانية سواء الارتدادات أو الارتفاعات مما يعطل على المستثمرين العقاريين حجة عدم وجود أنظمة تساعدهم على الإبداع.
وهذه النقلة السريعة والحديثة ستتميز بالتطوير المتكامل للمشاريع بدءا من تخطيط الأرض الخام إلى مدينة متكاملة الخدمات التحتية والعلوية ثم تنفيذ أهم مكوناتها السكنية والتجارية والمكتبية وما يساندها من مبان ترفيهية. وهذا العمل المتكامل هو نتيجة لعمل الفريق الجماعي الديناميكي ولأول مرة في تاريخ الاستثمار العقاري الذي يحرك جميع قطاعات الاقتصاد الوطني والعالمي مثل قطاعات البنوك والاستثمار والتمويل والتصميم والاستشارات والمضاربات والمساهمات والوساطات والوكالات، ودور التسويق والإعلان والمقاولات ومواد البناء، وغيرها، ويساعد على تطويرها بالتميز في طرق الابتكار والتنويع. إضافة إلى ما تجنيه الدولة من الفائدة غير الملحوظة وهي رفع مكانة الدولة عالمياَ مما يعطيها مكانتها الدولية ويساعد على جذب المستثمرين والاستثمارات إليها. كما أنها محرك لنسبة الفائدة والعوائد الاستثمارية.
وتتنافس الدول لاقتناص تلك الفرص وإغرائها بجذبها إلى عرينها. فهذه الفرص الاستثمارية هي أساس النهضة العقارية والحضارية للدول الأكثر ذكاء لاقتناصها، فهي فرص استثمارية تبحث عمن يتبناها ويوفر لها الأمان وسهولة النمو، فرأس المال جبان ويهرب من التعقيدات والروتين القاتل، ولذلك فإن من سبق لبق. وهي فرص إذا ضاعت فإنها لن تعود.
ويعتبر هذا النوع الحديث من الاستثمار العقاري أحد أهم القواعد الاقتصادية لمعظم الدول ويقدر حجمه بالمليارات. وهو عالميا أساس تعديل سعر الفائدة للبنوك والتمويل والادخار.
وبعكس سوق الأسهم الذي تنظمه هيئات لرأس المال في معظم دول المنطقة يفتقد سوق العقار إلى جهة أو هيئة منظمة له تضع ضوابط وأنظمة وقوانين تحكمه وتحاول التنبؤ بالمشاكل المستقبلية لهذا القطاع ومحاولة توجيهه لتلبية الاحتياجات والعرض والطلب الحالي والمستقبلي.
لذلك فإن نجاح أي دولة في المنطقة يعتمد على محاولة اقتناص الفرص وتوفير المناخ القانوني العادل والجذاب لاحتوائها وتنزيه صورة هذا القطاع الاقتصادي المهم وأنه من الواجب علينا أن نستمر في تطوير هذه المهنة وابتكار طرق أحدث للاستثمار العقاري والمحافظ والصناديق والمساهمات وتسويقها مع تسخير جزء من جهودنا للبحث والتطوير، وخاصة لمعرفة مدى استفادة الاقتصاد والمجتمع من هذه المساهمات، ولكشف من المستفيدين الحقيقيين منها، حتى نستطيع الدفاع عن هذا النشاط الاقتصادي المهم.

مستشار تخطيط حضري ومعماري

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي