رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لا نريد شروطا تعجيزية في قروض مؤسسة التقاعد

[email protected]

منذ عدة سنوات وهناك مطالبة ملحة لإيجاد برامج تمويل إسكاني للمواطن في ظل عدم قدرة شريحة كبيرة من المواطنين على تأمين مساكن لهم بسبب التكلفة المرتفعة التي تفوق قدراتهم المادية، وتكلس حركة صندوق التنمية العقاري بقوائم انتظاره الطويلة التي تصل على عقد من الزمن، إضافة إلى إن قروضه لم تعد تفي، في ظل ارتفاع أسعار وتكلفة البناء ومواده، بما يجعل الـ 350 ألف ريال وهي قيمة قرض الصندوق، بالكاد تنجز نصف البناء مما يدفع بكثيرين إلى الاقتراض من البنوك أو التعامل مع مؤسسات بناء بالأقساط وهو اضطرار أمر بسبب الفوائد والعمولات المركبة، ما يجعل المطالبة بإيجاد برامج تمويل إسكاني للمواطنين ضرورة، خصوصا أن ما نسبته 45 في المائة من المواطنين لا يملكون مساكن حسب الإحصائية السكانية للمملكة، ولكون تكلفة السكن بالشراء أو الإنشاء مرتفعة جدا تعجز عنه قدرات معظم المواطنين المادية، وليس خافيا أننا نفتقد فعلا مصادر تمويل ميسرة تتيح للغالبية ممن لديهم دخل ثابت الاستعانة بها.
أمام هذا الوضع، جاء إعلان المؤسسة العامة للتقاعد بعزمها على تقديم قروض إسكانية قاصرة على موظفي الدولة، مبشرا لأحلامهم بوجود مصدر تمويل جديد مجز يصل لمليون ريال كما أعلن، وشعر موظفو الدولة أخيرا بأنه التفت إليهم وقد كانوا ولازالوا محرومين من أي مميزات إضافية مماثلة لما يحصل عليه غيرهم من موظفي الشركات الحكومية مثل شركة أرامكو التي لديها قروض إسكانية استفاد منها موظفوها أو تلك التي تمنحهم بدل سكن، وحدهم موظفو الدولة الذين يمثلون شريحة كبيرة من المواطنين، بقوا بدون أي مميزات مثمرة غير الراتب الشهري والعلاوة السنوية وراتب التقاعد، ولهذا جاءت خطوة مؤسسة التقاعد واعدة لموظفي الدولة بعهد جديد من مميزات كثيرا ما حلموا بها مخصصة لهدف أساسي هو السكن الذي هو طموح كثيرين ممن لازالوا يعيشون مع أبنائهم وأسرهم في منازل بالإيجار أو منازل قديمة لم تعد تفي باحتياجاتهم الحياتية، ومنذ الإعلان عن قروض مؤسسة التقاعد وهم ينتظرون بفارغ الصبر لحظة بدء صرف القروض بعد استكمال نظامها، ومن الطبيعي أن تمنح هذه القروض المخصصة لغرض السكن دون غيره، وفق آلية تؤمن تحقيق الهدف الأساسي منها وهو تمكين الموظفين غير المالكين لسكن للحصول عليه، وهو هدف أساسي ومهم يحقق لشريحة كبيرة من الموظفين تأمين مساكن وإنقاذهم من الإيجارات التي تهدر أموالهم بدون مردود جوهري، وما هو مؤمل حتى الآن هو أن تكون قروض مؤسسة التقاعد ذات بعد استراتيجي اجتماعيا واقتصاديا، بحيث تكون مرنة وميسرة لكونها تهدف لحل معضلة اجتماعية وحياتية هي السكن أكثر منها التكسب والتشغيل الاستثماري، فدخول مؤسسة حكومية لديها فائض مالي ضخم تكوّن مما يقتطع من رواتب الموظفين أساسا وما تراكم من أرباح نتيجة لعملية استثمار متعدد، يتوقع أن يكون ضمن خطة حكومية تهدف لفتح أبواب تمويل جديدة للمواطن - الموظف وهو ما يعني أن تبتعد عن تعقيدات التمويل التجاري البحت، فلا بد أن يكون الهدف هو إضافة تمويل حكومي وإن اختلف قليلا عن نظام صندوق التنمية العقاري وهما اللذان يجب أن يصبا في هدف واحد هو الإسهام في حل مشكلة الإسكان.
إلا أن ما تسرب حتى الآن من أخبار عن ضوابط وشروط منح قرض مؤسسة التقاعد أصاب كثيرين بالإحباط وخيبة الأمل، فبناء على ما نشرته جريدة (الجزيرة) بتاريخ 9/10/1427هـ حول ضوابط وشروط منح القرض أخمد الفرحة بهذا القرض، فقد كان يعتقد أن قرض مؤسسة التقاعد هدفه توسيع مصادر التمويل الميسر للمواطن للحصول على سكن، وأن يكون رافدا جديدا إلى جانب صندوق التنمية العقاري ولفك الاختناق عنه، فإذ بخبر(الجزيرة) يحبط الآمال وهو يحمل شروطا لن تتوافر إلا في شريحة ضيقة، ما يجعل الاستفادة منه محدودا جدا، فسن التقاعد المبكر وألا يتجاوز عمر الموظف 55 سنة وعدم حصوله على قرض بنكي أو من صندوق التنمية العقاري وحصره في بيع منازل جاهزة، شروط تعجيزية لن تخدم غالبية الموظفين، ولا تعتبر مصدر تمويل يهدف للإسهام في حل مشكلة السكن القائمة التي يعانيها كثيرون ومنهم موظفو الدولة، وهنا نضع بعض الملاحظات حول ذلك هي:
1- أن كثيرا من الموظفين حصلوا على قروض بنكية اضطروا إليها لعدم وجود مصادر تمويل غيرها، وبسبب عمولات وفوائد القروض البنكية تطول مدة السداد، وعلى مؤسسة التقاعد أن تعالج هذه المشكلة بما لا يحرم الموظف القرض كأن يخصص جزءاً منه لسداد ما على الموظف من مديونية ويستفيد من الباقي وهو ما ينطبق على الصندوق العقاري.
2- ألا يحصر القرض في بيع المنازل الجاهزة لتكلفتها، فهناك كثير من الموظفين لديهم أراضي مننح يمكن أن يتفق مع عدد من شركات البناء عن طريق مؤسسة التقاعد لبنائها بسعر محدد للمتر المربع ويوجه إليها مثل هؤلاء لبناء مساكن لهم تتوافق مع احتياجاتهم الأسرية وهو أقل تكلفة من الجاهز، فالموظف يستطيع في هذه الحالة بناء سكن بمبلغ معقول لن يبلغ المليون على أية حال، فلو قدرنا مساحة البناء 600 متر فلن يتجاوز المبلغ 600 ألف ريال، وفي هذا مرونة واستفادة أكثر.
3- ليس من العدل حصر القرض بسن معينة، فكل موظف له حق في الاستفادة من هذه القروض، فالمؤسسة تقتطع من راتبه وتصرف له راتب تقاعد، وإذا وضع في الحسبان قضاء الله وقدره فإنه يتبقى للموظف حقوق تقاعدية تحسم عليه.
ما نريد أن نخلص إليه أن قروض مؤسسة التقاعد يجب أن تخدم أكبر شريحة ممكنة من الموظفين - المواطنين، وأن يعاد النظر في أهداف هذه القروض وشروطها على أن تكون جزءا من خطط توسيع مجالات التمويل للمواطنين من موظفي الدولة، فالدولة وفقها الله حريصة على رفع المعاناة عن كاهل المواطنين بمن فيهم الموظف الحكومي، ومؤسسة التقاعد يمكن أن تلعب دورا إيجابيا في ذلك، وكل ما نرجوه هو ألا تتحول الأحلام التي بنيت على قروض مؤسسة التقاعد إلى أوهام تبخرها شروط تتعجيزية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي