تباين في التوقعات .. أين يستقر سعر برميل النفط في 2007؟

تباين في التوقعات .. أين يستقر سعر برميل النفط في 2007؟

مع أن علامات الاستفهام تظلل وضع سعر برميل النفط في كل الأحوال، إلا أنها بالنسبة إلى العام المقبل، أصبحت تشكل عنصر قلق بصورة إضافية لأن السوق تتهيأ لدخول مرحلة جديدة، فيها الكثير من العوامل المجهولة، بعد النمو المتصل في الطلب على النفط خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
ويرى كثير من المحللين أن قرار منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) في اجتماعها الدوري الذي استضافته العاصمة النيجيرية أبوجا، محاولة لاستباق أي ضعف في الطلب ابتداء من مطلع الربيع المقبل، لهذا أصدرت قرارها بدء خفض نصف المليون برميل يوميا ابتداء من الأول من شباط (فبراير)، وذلك ليعطيها فرصة لمعرفة اتجاهات السوق، خاصة وضع المخزون وحجم المسحوب منها خلال فترة الأسابيع الستة ما بين إصدار القرار وتنفيذه.
وفي واقع الأمر فإن عملية التراجع السعري التي شهدتها السوق خلال فترة الشهرين الماضيين وأدت إلى تقليص في حدود 25 في المائة، أدت إلى شيء من الذعر عبّرت عنه قرارات مؤتمر الدوحة الاستثنائي في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
لكن مع أن التنفيذ الدقيق لم يكن حليف قرار الدوحة هذا، إلا أنه في واقع الأمر فإن المنظمة قامت وخلال فترة عام كامل تنتهي في تشرين الأول (أكتوبر) بتقليص إنتاجها بقرابة المليون برميل يوميا، ودون وجود قرارات رسمية للخفض، وهو ما يشير من ناحية إلى استعداد المنظمة ومرونتها على التحرك للتأثير في وضع الأسعار. على أنه في الواقع العملي فإن هذا التحرك جاء نتيجة لمبادرة سعودية في الأساس، وهو الدور الذي ينتظر أن تستمر الرياض في ممارسته لكن دون أن تنزلق في واقع الأمر لتصبح المنتج المرجح.
ووفقا لتقدير المركز الدولي لدراسات الطاقة في لندن، فإن السعودية يمكن أن تبادر بخفض إنتاجها شريطة ألا يتراجع إلى أقل من 8.5 مليون برميل يوميا. وإذا تطلب الأمر ذلك، فإن العودة إلى المنظمة وعضويتها كي تلعب دورها في الدفاع عن الأسعار، خاصة أن هناك اتفاقا غير معلن على تعظيم العائدات المالية، لكن ليقوم بقية الأعضاء بواجباتهم في هذا الصدد هناك حاجة إلى أن يشعروا بوطأة انخفاض السعر، وهذا ما يعيد التركيز على الجانب السعري.
الوكالة الدولية للطاقة التي ترى أن الإعلان عن خفض ثان في غضون فترة شهرين من الخفض الأول تعطي رسالة إلى سوق قلقة خاصة في فصل الشتاء، ولهذا تنتشر في هذا الأوسط قناعة أن الأسعار ستظل فوق معدل 60 دولارا للبرميل.
ويرى محسن خان المسؤول في صندوق النقد الدولي، أن سعر برميل النفط مرشح لبقاء فوق هذا المعدل لفترة السنوات الثلاث المقبلة، كما أن مسحا لوكالة "رويترز" للأنباء لم يستبعد بقاء الأسعار قرب 64 دولارا للبرميل، واضعا في الحسبان موقف المخزون، الذي يعتقد أنه منذ تشرين الأول (أكتوبر) يتراجع حجمه بنحو مليون برميل يوميا.
لكن من جهة أخرى، فإن مجموعة "ميريل لينش" المالية خفضت من معدل توقعاتها لسعر البرميل بمقدار خمسة دولارات إلى 65 دولارا للبرميل، بسبب النمو في الإمدادات من خارج المنظمة، وعلامات التباطؤ والضعف التي بدأت تبرز في الأداء العام للاقتصاد العالمي.
على أن أكثر التوقعات تشاؤما جاءت من "أوبك" نفسها، التي ترى أن العام المقبل سيشهد علامات ضعف بينة فيما يتعلق بالطلب، يفاقم فيها التباطؤ في أداء الاقتصاد الأمريكي تحديدا والنمو في الإمدادات من خارج "أوبك" التي ستصل إلى 1.8 مليون برميل، هي الأكبر منذ 20 عاما، وهي تتجاوز أي تقديرات خاصة بالنمو على الطلب.
وفي تقديرات النشرة الدورية لـ "أوبك" هذا الشهر عن السوق، قالت إن إنتاج المنظمة للدول العشر الأعضاء الملتزمة بسقف رسمي للإنتاج بلغ الشهر الماضي 26.86 مليون برميل يوميا، أي أقل بنحو 552 ألفا من أنتاج تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ويزيد في الوقت ذاته على 26.3 مليون كانت مستهدفة في تشرين الثاني (نوفمبر) وفق قرارات الدوحة.
البنك الدولي من ناحيته يشير إلى عامل آخر يعيد التركيز على أساسيات السوق خاصة النمو في الإمدادات التي لا تقتصر على المنتجين خارج "أوبك" وحدهم، وإنما تشمل بعض الدول الأعضاء في المنظمة. ووفقا لدراسة له نشرت قبل أسبوعين، فإن الاستثمارات التي تدفقت على الصناعة النفطية بسبب النمو الكبير في الطلب أخيرا ستؤدي إلى دخول ثلاثة ملايين برميل يوميا في كل عام حتى نهاية العقد الأول من هذا القرن، أي في 2010، حيث ستضاف وقتها 15 مليونا، في الوقت الذي قد لا يحتاج النمو في الطلب إلى أكثر من مليون ونصف المليون برميل سنويا في المتوسط، الأمر الذي سيشكل ضغطا على الأسعار ويسهم في تراجعها تدريجيا إلى 53 دولارا عام 2008، وأن العام المقبل سيشكل الخطوات الأولى نحو هذا التراجع.

الأكثر قراءة