صندوق النقد يحث دول المنطقة على التكامل مع الاقتصاد العالمي
اتفق المشاركون في ندوة "المؤسسات والنمو الاقتصادي في الدول العربية" التي نظمها صندوق النقد العربي وصندوق النقد الدولي ضمن برنامج التدريب الإقليمي المشترك بينهما وجمعت وزراء ومحافظي بنوك مركزية من مختلف الدول العربية، على أن المنطقة تحتاج إلى معدل نمو حقيقي يراوح بين 6 و7% سنوياً، لمنع وقوع مشكلة بطالة كبيرة.
وركزت فعاليات ندوة ''المؤسسات والنمو الاقتصادي في الدول العربية''، على كيفية إسهام مؤسسات قوية في دعم النمو في المنطقة العربية·
وحث صندوق النقد الدولي الدول العربية على القيام باتخاذ ثلاث خطوات رئيسية، من أجل تعزيز فرص النمو طويلة الأجل لاقتصاداتها وتقوية قدراتها التنافسية العالمية، وفي المقدمة من هذه الخطوات تقوية تكاملها مع الاقتصاد العالمي من خلال الاستثمار والتجارة، وضمان الاستقرار في الإنفاق الحكومي والأوضاع المالية، وبناء بيئة مؤسساتية تحكم النمو والاستثمار والإدارة.
وقال في دراسة ناقشتها ندوة ''المؤسسات والنمو الاقتصادي في الدول العربية'' التي نظمها الصندوق بالتعاون مع صندوق النقد العربي في أبو ظبي واختتمت أعمالها أمس، إن معالجة نظم الإدارة في البلدان العربية تبرز كأولوية في الوقت الحاضر، وذلك لسد فجوة الأداء البيروقراطي وسيادة القانون والمساءلة والشفافية.
وقال تاكاتوشي كاتو نائب مدير عام صندوق النقد الدولي، إن فرص النمو طويل الأجل في الدول العربية تواجه العديد من التحديات، يأتي في مقدمتها بناء القدرات التي تمكن تلك الدول من الاستفادة من تحرير الأسواق والتجارة العالمية، كما أن بناء القدرات مرتبط بدوره ببناء مؤسسات قوية قادرة على الاستجابة للبيئة العالمية سريعة التغير.
ووفقا للدراسة، فإن تحديا آخر يواجه الدول العربية هو توفير فرص العمل للداخلين لسوق العمل من الشباب وحديثي التخرج. وتقدر إحصائيات الصندوق أن يبلغ عدد الأيدي العاملة في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 185 مليون عامل عام 2020، أي بزيادة قدرها 80 في المائة، مقارنة بعام 2000. وهذا يعني أنه يجب على هذه الدول إيجاد 80 مليون فرصة عمل خلال العقدين المقبلين.
كما تواجه الدول العربية تحدي جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث أنه وعلى الرغم من ارتفاع حصتها من هذه الاستثمارات خلال السنوات الأخيرة، فإن حصتها لم تتجاوز بعد 2 في المائة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية.
كذلك على صعيد تنويع مصادر الدخل، أوضحت إحصائيات الصندوق أن فنلندا التي يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة تصدر من السلغ غير النفطية قيمة أكبر مما تصدره دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بكاملها والتي يبلغ عدد سكانها نحو 300 مليون نسمة. لذلك مطلوب التوسع في الصناعات الموجهة للتصدير، خاصة الصناعات التي توفر فرص العمل الكثيرة للمواطنين، كما أن تحرير التجارة سوف يسمح باستيراد البضائع الرأسمالية بأسعار أرخص.
كما تعاني البنية المؤسساتية في الدول العربية من نقاط ضعف رئيسة، خاصة ارتفاع نفقات الأعمال الجديدة والروتين التشريعي والإداري. فعلى سبيل المثال، ترتفع تكلفة بدء نشاط جديد في المنطقة عن أي منطقة أخرى في العالم بمعدل خمس مرات، كما أن تنفيذ الالتزامات المترتبة على خرق العقود يتطلب فترة بنحو 426 يوماً، وهي فترة تزيد بنسبة 60 في المائة على دول شرق آسيا.
وقد أصدر المشاركون في الندوة بيانا أكدوا فيه أن مكمن تهديد فرص النمو الاقتصادي طويل الأجل، يتمثل في ضعف المؤسسات على المستوى الوطني وعلى مستوى الشركات التي تساعد على تطوير القطاع الخاص وتفعيله وإلى وجود قطاع عام مفرط في الحجم، وأدى تدخل الحكومة في الشأن الاقتصادي إلى مزاحمة استثمارات القطاع الخاص والعمالة. كما أدت النوعية المؤسسية الضعيفة إلى خفض معدلات النمو من خلال التأثير السلبي في الإنتاجية وفي تراكم رأس المال·
كما دعا البيان إلى وضع عدد من الآليات التي من شأنها أن تشجع حدوث تغير مؤسسي بما في ذلك تحرير التجارة وتطوير التعليم والتأهيل والانفتاح على المعلومات والاعتماد على المرتكزات الخارجية· ومن شأن تلك الآليات أن تساعد على خلق مؤسسات سليمة، الأمر الذي يمكن دعمه من خلال المساءلة والمشاركة والإرادة السياسية·