التحذير من محتالين يدعون الإنابة في الحج ولا يؤدون الفريضة

التحذير من محتالين يدعون الإنابة في الحج ولا يؤدون الفريضة

تحدث تجاوزات كثيرة في الحج من بعض الحجاج خصوصا عند إنابة بعض الأشخاص لآخرين ليحجوا عنهم لعجز وعدم استطاعة على القيام بالحج أو في حج التطوع ، وقد حصلت مفارقات كثيرة في هذا الجانب ، ووصل بعضها إلى النصب من بعض النواب وهذه جريمة كبيرة مؤلمة حقا ، ولذلك حرصنا على طرق هذا الموضوع مع عدد من الناس وخصوصا الذين وقع لهم مثل هذا الحدث.
في البداية تحدث أبو عادل يقول في إحدى السنوات القريبة أردت أن أنيب أحد الشباب ليحج بالنيابة عن طريق شخص معرفة وأثق فيه فرشح لي أحد الإخوة وذلك من خلال معرفته به ولم يشترط أي مبلغ وحددت له مبلغا معينا رغبة في الأجر من الله وتسلم المبلغ وماهي إلا أيام وأصبح الحجاج في مكة المكرمة وتحديدا يوم عرفة وكان عندي رقم هذا الأخ فكنت أتابع تحركاته لتشجيعه ورغبة مني في معرفة أخباره كمتابعة مني له ودعم له ، إلى أن اتصل به على جواله فرد علي في اليوم الثامن وقال إنه في مكة وفي اليوم التالي وهو يوم عرفة اتصلت عليه مرة أخرى ، فردت علي زوجته واستغربت عندما أخبرتني أنها بالرياض فأخذتني الحيرة ما الذي حدث وكنت حينها في اجتماع مسائي عند بعض الأصدقاء فعند حديثي عن حجة هذا الأخ وذكرت اسمه عندهم تفاجأت عندما أخبروني بأن هذا الشخص أخذ منهم مبلغا ليحج عن زوجة صديقي المتوفية. فحقيقة تغيرت الأمور عندي وحدثت الأخ الوسيط فقال: إنه لا يعلم عنه شيئا، المهم أننا انتظرنا بعد عودته من مكة المكرمة وطالبناه برد المبالغ التي لديه وإلا تقديم شكوى ضده ومع الحديث معه رد لنا المبالغ وأضاع عينا حج ذلك العام الذي عوضناه ولله الحمد في العام التالي. ويقول محمد العبد الرحيم إن هناك فعلا من الشباب وبالذات ضعاف النفوس من يقوم بنصب كبير على الآخرين بدعوى الحج عن الغير وكم وقع من الناس ضحايا لهم. ويضيف التربوي مفرح الحقوي أن عملية النصب هذه مؤلمة وخاصة أنها تقع من أشخاص لا يخافون الله وأصبحوا يحرصون على المال وأخذه دون التفكير في الحلال والحرام وعقاب هؤلاء عند الله.
ويطالب الدكتور فهد العصيمي أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين بضرورة معاقبة هؤلاء المسيئين لهذه الشعيرة العظيمة من شعائر الإسلام كيف لا وهي تمثل الركن الخامس من أركان الإسلام ، وهؤلاء المجرمون للأسف الشديد لا يملكون خوفا من الله وهم يرتكبون جريمة النصب على الآخرين. وأوضح فضيلته أنه يجب على الإنسان أن يحج عن نفسه إذا كان قادرا على ذلك وألا يلجأ إلى البحث عن النيابة في الحج إلا إذا كان غير قادر على أدائه, خصوصا أن هذا الركن العظيم مما أجمع العلماء على أنه فرض عين على كل مستطيع.
ومن يقدر على الحج بنفسه، لا يجوز له أن يستنيب في الحج الواجب بالإجماع، وأن الحج عن الغير تطوعا يقع عن الغير بلا خلاف بين المسلمين). ولذلك أرى عدم التساهل في هذا الشرف العظيم للمسلم بأداء فريضة الحج ، وأن يحرص على القيام بجميع أركانه وواجباته لينال الأجر العظيم من الله ، ويرتفع في الدرجات عند ربه خصوصا إذا أدى هذه الفريضة على الوجه المطلوب مصداقا لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (من حج ولم يرفث ولم يفسق عاد كيوم ولدته أمه) ويقول صلى الله عليه وسلم ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة), فلذلك فإن حج الإنسان بنفسه يقطع كل دابر وإذا كان ليس لديه القدرة والاستطاعة فعليه أن يبحث عن رجل معروف بتقواه ولا يقع فريسة لهؤلاء النصابين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون ، وعلى الجميع أن يحاول طرد أمثال هؤلاء وعدم إتاحة الفرصة لهم لتنفيذ أهدافهم الدنيئة .
* ومن جهته قال الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء إن النيابة عن الحج مشروعة عند الحاجة وإذا أخذ النائب مقابل ذلك شيئا وتزود به في سفره وصرفه في تكاليف الحج ومقابل التنقلات والأجور فلا بأس في ذلك, لأن ذلك يعينه على ذلك وإذا بقي عنده شيء من المال يمكن أن يأخذه ما دام أن صاحب المال لم يطالب أن يرجع له ماتبقى فلذلك فإنه يكون له مادام أنه قال له حج منه واصرفه كله، وما تبقى فهو لك، وأما إذا كان حج من أجل المبلغ وطمع الدنيا فلا يجوز وليس له حج إذا كان قصده الدنيا لأن هذا من طلب الدنيا بالآخرة يقول الله سبحانه وتعالى (من كان يريد الحياة وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار) وقد عقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بابا في كتاب التوحيد فقال باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا, لذلك قال العلماء من أخذ ليحج فليأخذ ومن حج ليأخذ فلا يحج فرق في العبارة فمن حج ليأخذ فلا يأخذ ومن أخذ ليحج فليأخذ فعلى كل مسلم يرغب الإنابة عن غيره أن يحرص على ما يقربه من الله وأن يتيقن منه ولا يخالف المنهج الصحيح حتى لا يكون حجه باطلا .
واعتبر فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن عبدالرحمن الجبرين عضو الإفتاء سابقا :أن الواجب على المسلم أن يحرص على الحج بنفسه ، وإنما يجوز أن ينيب غيره إذا كان الحاج النائب عن آخرين فقيرا، ومحتاجا، وتحل فيه الصدقة، و كان مخلصًا قاصدًا الحج فالأجر للمحجوج عنه، وإن كان غير مخلص أي: ما قصد إلا المال؛ فصاحب المال له أجر صدقة دفعها يريد أجرها، ومعلوم أن أجر الصدقة مضاعف؛ لقوله تعالى: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ) الحديد: 18. إذا كان هذا في مطلق الصدقة فإنه صدقة، ولو كانت نيته هو المال لكنك رحمته لكونه فقيرًا وعلى مثل هؤلاء التوبة وعدم أخذ الأموال بغير حق ، ويجب أن يشارك الحجاج في المشاعر، والمواقف، ويأخذ المال ليتوصل إلى الحج، لكن لو ركب مع غيره فإن ما فضل من المال يرده على أهل الحجة إلا إذا سمحوا له بالباقي كما أشار فضيلته إلى أنه لا يجوز لمن لم يحج عن نفسه أن يحج عن غيره سواءً تبرعًا أو بمالٍ يبذله المحجوج عنه، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (حج عن نفسك، ثم حج عن شُبرمة ) فإذا أدى الابن حج الفريضة عن نفسه فله بعد ذلك أن يحج في العام القابل عن أحد أبويه سواء من مالهما أو من مال نفسه، ويقول عند الإحرام: اللهم تقبل حجتي أو عمرتي عن والدي ... أو نحوه ..

الأكثر قراءة