إنجاز مشاريع الخطة الثامنة في مرحلة الحسم (1/2)
<a href="mailto:[email protected]">fah_arab@yahoo.co.uk</a>
لقد أقر مجلس الوزراء في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2005م الخطة الخمسية الثامنة (1425- 1430هـ), وقد تم نشر ما أفاد به وزير الاقتصاد والتخطيط في معظم الصحف شارحا الأبعاد التنموية للخطة وكيف أن كل جنبات المملكة تعيش وستعيش ظروفا تنتعش وتزدهر فيها كل القطاعات والأجهزة لتدل على تعاقب هبوب نفحات الخير على هذا الوطن الكريم. ولقد سعد الوطن والمواطنون آنذاك عندما أعلن وعلى مدار عام كامل أن الوضع الاقتصادي في المملكة يتباهى وسيظل متباهيا أمام أكثر دول القارات بقوته ومتانة أسسه التي ستجعله يتبوأ مركزا قياديا على المستوى الاقتصادي. ها نحن بعد عام واحد من إعلان الخطة وبعد عامين من بداية تنفيذها كخطة خمسية بدأت في 24/25هـ وستنتهي في 29/30هـ بإذن الله, نتوقع ولا نستطيع الجزم به لعدم توافر معلومات كافية هو: ألا تقل نسبة الإنجاز عن 40 في المائة مما اعتمد في الخطة, وأن تنفيذ هذه النسبة قد يكون أكثر أو أقل بنسبة خطأ لا تزيد على 5 في المائة على الأرجح. ولوجود نخب متميزة في بعض الوزارات والقطاعات الحكومية الأخرى فقد تكون نسب الإنجاز فيها قد تخطت مستوى الـ 50 في المائة لاهتمام الإدارات العليا فيها بالحفاظ على مستوى عال في جودة التنفيذ. وإضافة إلى ما سيحققه مجلس الشورى من متابعة دائمة لتنفيذ المشاريع وما خُول من صلاحيات باستضافة الوزراء والمحافظين للاستفسار منهم عن تقدم أو تعثر المشاريع مع ذكر الأسباب, فسيكون السؤال المطروح الآن هو: هل ما نذهب إليه من توقعات حيال اكتمال تنفيذ بعض المشاريع وتشغيل أخرى كما ورد في الخطة صحيح على أرض الواقع؟.
من وجهة نظر شخصية, أعتقد أن وزير التخطيط قد شكل (إن لم تكن مشَكّلة أصلا) إدارة أو لجنة لمتابعة تنفيذ خطط الجهات المختلفة وجهزها بقوى عاملة متمرسة ذات خبرة كبيرة توازي في أعدادها تقريبا عدد الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية إضافة إلى عدد الغرف التجارية في المملكة لتكون هذه المجموعات متخصصة لكل قطاع وتباشر تمحيص المعلومات والبيانات المستقاة دوريا أو يوميا وتستنبط المؤشرات وإعداد التقارير أولا بأول. من المفترض أن تعتمد هذه الإدارة أو اللجنة في أعمالها على أجهزة حاسب آلي ذات قدرات عالية جدا, محملة عليها أنظمة وبرامج تساعدهم في مقارنة مستوى الإنجاز مع ما طرح ونشر في الخطة عبر خطوط اتصال مفتوحة مع مراكز المعلومات الآلية في القطاعات والجهات المختلفة. وبالطبع تبادل البيانات هنا يتم عبر نظم متكاملة بين الوزارات ووزارة التخطيط وفي هيئة جداول رقمية تحدث دوريا مع مركز المعلومات الخاص بكل جهة نهاية كل مرحلة من مراحل تنفيذ أي مشروع. هذا في النهاية سيخول الإدارة أو اللجنة بإعداد التقرير السنوي عن مستوى إنجاز الخطة ومن ثم إحاطة الوزير وبعد ذلك يتم نشره في موقع الوزارة أو مطبوعا وتتم متابعة القطاعات لتوخي إنهاء المشاريع في الوقت المحدد. لا شك أن بهذا التقدم سيتم تعزيز قدرة المشاريع بطيئة الإنجاز, وشكر ودعم الجهات التي حققت ما هدفت إليه في وقت قياسي.
على الصعيد الآخر, أعتقد أيضا أن المكاتب الخلفية في كل وزارة تعمل كخلايا النحل على تحديث البيانات وتساند المسؤول المباشر في عرض ما تعثر على أصحاب الصلاحية ابتداء من الوزير مرورا بالوكلاء والمديرين وحتى مدير المشروع للتحقق من ماهية الوضع والتدخل مباشرة في سباق مع الزمن سواء على مستوى الوزارة أو بجهات خارجية لها علاقة بتذليل بعض الصعاب أو تسريع بعض الإجراءات. هذا إضافة إلى شكر العاملين لهمتهم وجودة أدائهم تحفيزا لبذل المزيد من العمل في سبيل تحقيق الهدف الأسمى وهو راحة المواطن وكل مستفيد من ثمار هذه المشاريع. كل ذلك ينتهي بنا إلى البعد كل البعد عن التعبير الإنشائي ونسج الجمل الجميلة وترصيعها بكلمات رنانة دون أن تعني رقميا شيئا محددا أو تاريخيا حدثا بعينه. والمجتمع كله يرغب في أن يرى تقارير نصف سنوية أو سنوية منشورة على مواقع الوزارات أو في صفحات الجرائد أو معلنة بطريقة ما ليطمئن على مستقبل المشاريع في الـ 20 سنة المقبلة في أنها تختلف كليا عن الخطط السبع السابقة والتي كان الإنجاز فيها لا يتناسب أبدا وحجم الإنفاق.
إن زيادة الإنتاج المحلي هدف يحقق نموا اقتصاديا متينا ينعكس بشكل مباشر على تحسين معيشة المواطن. وإذا ما ركزنا على القطاعات غير النفطية فسنكون قد أسسنا لأجيالنا من بعدنا ما يحميهم من مغبة الزمن. لقد حوت الخطة الطموحة أرقاما في هذا الصدد تدل على أن النسب المستهدفة بنهاية الخطة طموحة جدا. ومؤشرات مثل معدل نمو القطاع غير النفطي المستهدف في الخطة الثامنة هو 5.21 في المائة مع نهايتها في حين كان في بدايتها 3.93 في المائة, ومعدل الواردات السلعية سينخفض مع نهاية الخطة من 7.23 في المائة إلى 4.57 في المائة تبشر بالخير, ولكن يظل محيرا أن معدل الصادرات السلعية والخدمية سينخفض من 3.72 في المائة إلى 3.03 في المائة في نهاية الخطة. ولأهمية مؤشرات مثل معدل البطالة, فإن معدل البطالة للإناث سينخفض من 15.86 في المائة إلى 4.35 في المائة, مما يعني أن نسبة استغلال الموارد البشرية وبالذات فيما يتعلق بالمرأة سيكون محققا لكل الطموحات, ولكن ما نسبة ما تحقق من كل ذلك حتى الآن؟ وهل تخطينا العثرات ونسير على أسس متينة؟. وإذا ما أردنا الخوض في توقعات تحقيق القطاعات الخدمية أهدافها العامة والمحددة والمعلومات التي عرضتها في خطتها للمرحلة المقبلة, فالمقارنة بين القطاعات غير ممكنة وتحديد ماهية موقف كل قطاع أيضا غير ممكنة, فلم تساعد القطاعات وزارة الاقتصاد والتخطيط في توحيد العرض وإيجاد معيار تقاس به نسبة الإنجاز. في الجزء التالي من المقالة سيتم عرض كيف أن المرحلة المقبلة هي بيت القصيد, وعلى وزارة الاقتصاد والتخطيط تغيير أسلوب تعاملها مع القطاعات لئلا تتحمل أعباءها عند إعداد الخطة. والله المستعان.