رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لمستقبل مشرق.. تفعيل المسؤولية الاجتماعية للشركات

<a href="mailto:[email protected]">albadr@albadr.ws</a>

تحدثنا في مقال سابق عن مفهوم المسؤولية الاجتماعية وعن دورها في تنمية المجتمعات المختلفة التي لا أشك في أن كثيرا من الوسط الاقتصادي والتنموي في المملكة يحمل الكثير من الأفكار والخطط لتطبيق المسؤولية الاجتماعية في وطن يحمل من المميزات الاقتصادية ما قد يجعل البعض يظن أننا قد نكون في غنى عن بحث طرق جديدة للتنمية والتطوير في ظل الدعم الكبير الذي تقدمه الدولة للجميع.

وبغض النظر عن اختلافي مع هذا الطرح، فإننا في حاجة إلى أن تكون الروئ بعيدة المدى، وأن تكون خططنا طويلة الأجل، وقبل كل شيء يجب علينا استغلال أوقات الرخاء الاقتصادي لننعم بالتنمية في أوقات انحسار الطفرة حين يكون الدور أكبر للقطاع الخاص في العملية التنموية. والواقع يقول إن أسعار البترول لن تستمر بهذا الارتفاع أبد الدهر، فلماذا نحمّل الدولة وقتها ما لا تحتمل، أو ندفع ثمن ذلك اتساعا للدرجة الثالثة وتقلصا واضمحلالا للطبقة الوسطى في المجتمع لنجد أنفسنا أمام مشكلات اجتماعية كثيرة قد تؤثر بشكل أو بآخر في مجريات الحياة الاقتصادية والتنموية في المملكة العربية السعودية، وحينها فقط سندرك أننا قد فوتنا فرصة كبيرة لبناء مجتمع على أسس اقتصادية واجتماعية قوية.

والعالم اليوم يشهد بلورة حقيقية لمفهوم المسؤولية الاجتماعية مما يجعله من أولويات الشركات العالمية بشكل يجعل من المشاركة الاجتماعية جزءا من خطط التسويق لمنتجات الشركات وغدت الشركات تتنافس في التطبيق الأمثل إلى حد أن وصل الأمر ببعض الشركات إلى إنشاء مؤسسات تنموية أو على الأقل إيجاد إدارات مستقلة تضع خطة سنوية منظمة واضحة الأهداف والمعالم لمساعدة الفئات الأقل حظا في المجتمع ومحاولة تنميتها بشكل فاعل وفي الوقت نفسه تخدم المصالح السوقية للشركات.

ونسوق مثالا ما احتواه عدد شهر تشرين الأول (أكتوبر) من مجلة فوربس في لقائها مدير قطاع المسؤولية الاجتماعية كيت بلاك في شركة الاتصالات البريطانية BT والتي ذكرت فيه الكثير عن أهمية المسؤولية الاجتماعية وتأثيرها في الحجم السوقي للشركة، وكذلك في سمعتها من خلال المشاريع التي قامت الشركة بتمويلها والإشراف عليها. وأشارت السيدة بلاك إلى أن ملياري جنيه استرليني من مبيعات الشركة تحتوي بطريقة ما على محتوى يخدم المسؤولية الاجتماعية والأهم من ذلك أنها ذكرت أن الشركة صرفت خلال عام واحد ما قيمته 21 مليون جنيه استرليني أنفقتها على مشاريع المسؤولية الاجتماعية بشكل مباشر، وشددت على أن الشركة تدرك أنها تنفق تلك المبالغ في سبيل إيجاد مجتمع يحمل تطورا مستداما بلا شك سيؤثر إيجابيا في مستقبل مبيعات الشركة.

ولعل النقطة الأهم من وجهة نظري الشخصية والتي ذكرت في ثنايا ذلك اللقاء، هو تشديد السيدة بلاك على أهمية أن تكون هناك إدارة مستقلة للمسؤولية الاجتماعية في كل شركة لإعطاء المسؤولية الاجتماعية خططا طويلة الأجل تخدم مصالح المجتمع ومصالح الشركة في الوقت نفسه، ولا ننسى أن المجتمع هو عميل الشركات بجميع أنواعها.

وكما ذكرنا سابقا عن الدور الاجتهادي لبعض الشركات في المملكة في دعم التنمية المستدامة، إلا أننا في ظل هذا النمو الكبير الذي يشهده القطاع الخاص بما في ذلك الانفتاح الكامل على الاستثمار الأجنبي، أصبحنا في حاجة ملحة إلى تطوير مفهوم المسؤولية الاجتماعية في الشركات المحلية لتأخذ شكلا أكثر تنظيما وأكثر استدامة لتخدم مصالحها وكذلك تخدم التوجه العام للدولة، خصوصا ونحن نعيش مرحلة انتعاش اقتصادي كبير يجعل من بناء مستقبل الأجيال المقبلة من مسؤوليات القطاع الخاص. وهنا أشدد على أن هذا المجتمع هو العميل للشركات المحلية وهو الموظف الذي سيزيد من إنتاجيتها وهو المسؤول الذي سيشرف على مستقبل الأعمال في هذا الوطن.

إنها دعوة للعمل الجماعي التكاملي بين الدولة والقطاع الخاص لتنمية مستدامة سنفخر بها خلال المديين المتوسط والطويل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي