700 خبير يناقشون إعادة تقييم العمل المصرفي الإسلامي وترشيده
تستضيف البحرين اليوم وللسنة الثالثة عشرة على التوالي، فعاليات المؤتمر العالمي السنوي للمصارف الإسلامية، الذي يستمر ثلاثة أيام بمشاركة أكثر من 700 خبير مصرفي يمثلون 31 بلدا. وتناقش فعاليات المؤتمر مستجدات التمويل الإسلامي، وتقريرا حول التنافسية في البنوك الإسلامية.
وذكر مصرفيون إسلاميون أن مؤتمر هذا العام يأتي وسط تزايد القلق بشأن الثورة العارمة في تأسيس البنوك والشركات والصناديق المالية الإسلامية بهدف الجري لاستثمار السيولة الموجودة في الأسواق دون أن يكون لبعض هذه البنوك أو الشركات والصناديق رؤية واضحة للمستقبل. كما أن ذلك من شأنه زيادة حدة المنافسة في السوق المصرفية الإسلامية, الأمر الذي يعوق جهود تطوير وتنويع أدوات التمويل الإسلامي، وهو الشعار الذي يعقد تحته المؤتمر، ويفرض إعادة تقييم العمل المصرفي الإسلامي وترشيد فعالياته.
ووفقا للدكتور عز الدين خوجة الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية فإن عدد البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية أصبح يقدر حاليا بنحو 300 مؤسسة في شتى أنحاء العالم, بإجمالي موجودات تبلغ 300 مليار دولار، ويتوقع نموها الى 1.85 تريليون دولار بحلول عام 2013. كما ارتفع حجم موجودات البنوك الإسلامية بنسبة 24 في المائة في المتوسط سنويا على مدى العقد الأخير، ويتوقع لها على أقل تقدير أن تحافظ على هذا المعدل للنمو خلال السنوات القليلة المقبلة.
كما يذكر أن نمو أنشطة البنوك الإسلامية تسارع بعد هجمات أيلول (سبتمبر) 2001 على الولايات المتحدة، فبعد أن كانت رساميل تلك البنوك تراوح بين 40 و70 مليون دولار تتردد أنباء عن بنوك تبلغ رساميلها مليار دولار. ولم تعد نشطة القطاع المصرفي الإسلامي مقصورة على شرائح محدودة, بل إن الحكومات والبنوك المركزية بادرت بالإشراف عليه وتشجيع نموه.
ويعترف مسؤولون في المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية بوجود تحديات يواجهها النظام المصرفي الإسلامي، مشيرين إلى أن البنوك التقليدية يرجع تاريخها إلى أربعة قرون بينما لا يزيد عمر تجربة المصارف الإسلامية على ثلاثة عقود. ويقولون إن هدف البنوك الإسلامية في السابق كان إثبات وجودها, لكن الهدف الحالي هو تحسين جودة الخدمات والسعي وراء التخصص وابتكار منتجات جديدة بتكلفة أقل.
ويضيفون أن هناك عدة احتياجات للسوق المصرفية الإسلامية التي لا تزال في حاجة للوفاء بها, ما يزيد من التحديات التي تواجه هذه السوق. فالمصارف الإسلامية لا توجد أمامها معضلة في الحصول على التمويل، إلا أن القلق الذي يساورها بشأن التمويل ذو اتجاهين: أولهما أن المصارف الإسلامية لديها أموال أكثر مما يمكن استثماره إسلاميا نتيجة محدودية فرص الاستثمارات الإسلامية. وثانيهما أن الودائع التي تحصل عليها المصارف الإسلامية غالباً ما تكون قصيرة الأجل، وبالتالي فإن التحديات الرئيسية شأنها شأن الفرص المتاحة للمصارف الإسلامية، تتمثل في إدارة ما لديها من سيولة.
كما أنه من المتوقع أن يكون التنافس شديداً بين المؤسسات المالية الإسلامية والبنوك التقليدية الداخلة في الأسواق المالية الإسلامية، خصوصاً في الخليج وفي الدول الإسلامية في آسيا وفي السوق المالية الدولية الإسلامية في لندن. وتركز البنوك الإسلامية الموجودة في الخليج على الأعمال ذات الصلة بإدارة جانب المطلوبات والسيولة للعملاء المحليين. إن محدودية المنتجات الإسلامية المتاحة لاستثمار الموجودات واستمرار تدفق أموال مهمة إلى سوق الصيرفة الإسلامية سعيا للحصول على عوائد إسلامية أجبر البنوك الإسلامية على التوسع في البحث لضمان منافذ استثمارية متعددة خارج منطقة الخليج. وفي آسيا كان هناك نمو واضح في الصيرفة الإسلامية، وتعتبر الصيرفة الإسلامية الآن قوة مهمة في هذه المنطقة التي تتصف بالديناميكية.
إن المصارف الإسلامية في حاجة لدعم قدراتها للاستجابة لعوامل المنافسة والتحديات الأخرى التي تواجهها وللحفاظ على قوة الدفع التي حققتها خلال السنوات الـ 30 الماضية. إن العناصر الأساسية لهذه المصارف هي الموارد المالية المتعززة وتطوير الموارد البشرية المؤهلة والمتخصصة واستخدام التقنية بشكل سليم.
ويضيف هؤلاء المسؤولون أن المؤسسات المالية الإسلامية وانطلاقا من أساسياتها الأخلاقية ومسؤولياتها الاجتماعية مطالبة أيضا بإنجاز مهام محددة تتمثل في تنويع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات المباشرة وتوفير فرص العمل للمواطنين. وهنا يبرز دورها في تشجيع المشاريع والصناديق الاستثمارية القائمة على حقوق الملكية الخاصة والموجهة لخدمة هذه الأهداف، أي أن تدخل بشكل مباشر بمساعدة نخبة من المستثمرين وأصحاب الثروات الخاصة في الترويج لمشاريع اقتصادية وتنموية في المنطقة بدلا من التركيز على إنشاء صناديق موجهة للاستثمار في الخارج وإن كانت هذه الصناديق تلبي المعايير الإسلامية.
وأخيرا، فإن البنوك الإسلامية، حالها حال البنوك العربية التقليدية، تقف اليوم في مواجهة تحديات معايير "بازل 2" على صعيد تقوية مواردها الرأسمالية، واتباع مزيد من الشفافية والالتزام بالقواعد والمعايير المصرفية العالمية، علاوة على تنوع المخاطر في بيئة العمل، وإدخال الوسائل التكنولوجية الحديثة وتصاعد المنافسة بفعل تحرير الأسواق، والتعامل مع جميع ذلك في إطار مبادئ العمل المصرفي الإسلامي.